مخطط ( تركي ـ إيراني) بعلم واشنطن ودعم دولة قطر ـ الهيمنة على ثروات ( كركوك) ووضع الأكراد في صندوق مغلق… والمشاطرة في إدارة العراق

منذ فترة ليست بالقليلة، ونحن نتابع الجلسات السرية بين الإيرانيين والأتراك في عاصمتين أوربيتين وبعلم من بعض الأطراف العربية ، وأن الجانب الأميركي ليس بعيدا عن هذه المحادثات والجلسات السرية، والتي توصلت إلى شبه مشروع (سري) بين طهران وأنقرة وبدعم وتنسيق من دولة قطر يمهد لمشروع أكبر ( سوف نتحدث عنه لاحقا) وأن المخطط الأولي يقود إلى:

 
 
 
أولا:
 
 
 
 ترويض وإغراء الجماعات العراقية المثيرة للجدل والاحتقان من وجهة نظر واشنطن والغرب، وبعض جيران العراق، وجعلها شريكة في العملية السياسية، مقابل تقليم أظافر ( جر آذان) بعض خصومهم في العملية السياسية، ومنعهم من مناكفة الشركاء الجُدد، وذلك من أجل فرض التوازن داخل تركيبة النظام العراقي المقبل من أجل امتصاص حالة المعارضة والرفض في داخل وخارج العراق ، ولهذا دخلت أنقرة ودولة قطر ( بعد أن نجحت قطر من استقطاب بعض الجماعات العراقية المهمة التي لها علاقات مع الرياض والقاهرة) وبمساعدة طرف أوربي، ونيابة عن الأميركان في المرحلة المارثونية والاجتماعات السرية الجارية مع بعض الجماعات والفصائل العراقية المقاومة والمحظورة والمثيرة للجدل .
 
 ومن هناك تحركت بعض الفصائل العراقية المهمة والمتهمة بالطائفية، والتي تشترك في العملية السياسية لتُحسن من حظوظها وعملية قبولها فذهبت لبعض العراقيين في الخارج من أجل بلورة جماعات وحركات تكون شريكة في العملية السياسية وللمرحلة المقبلة ، وكل هذا مرتبط بالفلتر الإيراني ـ التركي ـ الذي تساعده دولة قطر بالتعاون مع أطراف عربية فضلت عدم البروز!!.
 
 
 
 ثانيا:
 
 
 
لقد قطعت الوفود الإيرانية ـ التركية السرية شوطا كبيرا بالتفاهم ( الاتفاق) بين أنقرة وطهران حول تقاسم النفوذ في العراق وللسنوات المقبلة، هذا التقاسم الذي شهوده دولة قطر وبعض الأطراف العربية والأوربية وبعلم ودعم الجانب الأميركي، وهو مخطط مستوحى من المشروع الذي نُفذ في لبنان بعد الحرب الأهلية قبل عقود من الآن، ذلك المشروع الذي دعمته وباركته في وقتها واشنطن ، وهاهو التاريخ يُعيد نفسه ولكن في العراق.
 
 
 
 وأن فحوى هذا المخطط هو من خلال منع الحزبين الكرديين في العراق من ضم مدينة كركوك إلى الجغرافية الإدارية التي يديرونها ( كردستان العراق)، ومن ثم وضع القيادة الكردية وإقليم كردستان العراق في صندوق محكم باتفاق بين أنقرة وطهران وفصائل عراقية مهمة في الساحة العراقية، ومنها فصائل حليفة للجانب الكردي، ولكنها لا تستطيع رفض الإملاءات الإيرانية، وبدعم من دولة قطر وأطراف أميركية، والتي نجحت من صنع جماعات كردية جديدة أسوة بالأطراف التي جاري العمل من أجل استقطابها ( شيعية وسنية) للعملية السياسية من أجل فرض حالة التوازن ومنع الهيمنة،
 
 
 
 وأن عمليات القصف الأخيرة والتي نفذتها الطائرات الإيرانية ضد بعض القرى الكردية في شمال العراق، هي رسالة تحذيرية للقيادات الكردية و تصب في هذا المخطط، وفي نفس الوقت هي رسالة لأنقرة بأن هناك جديّة من الجانب الإيراني.
 
 
 
 والهدف هو حصار وتأجيل الطموحات والرغبات الكردية للسنوات الثلاث المقبلة على أقل تقدير، ولحين رحيل قوات الاحتلال من العراق وكمرحلة أولى، وتباشر طهران ومن خلال الفصائل العراقية التي تواليها، ومعها فصائل توالي أنقرة بالسيطرة على مدينة كركوك ومنعها من الدخول في الفوضى، وبصورة غير مباشرة ، ليصار إلى توزيع الحصص النفطية على الدول المشتركة بهذا الاتفاق.
 
 
 
ثالثا:
 
 
 
 لقد علمنا من مصدر استخباري مهم بأن هناك حصة نفطية كبيرة ستعطى من نفط كركوك للجانب التركي، ولعشرة أعوام قادمة و قابلة للتجديد، وزيادة الحصة مستقبلا وباتفاق سري، وبضوء أخضر أميركي ، والقسم الأخر من الثروات سيتوزع بين الشركات الأميركية وإيران وأصدقائها، وبعض الفصائل العراقية المهمة، والتي هي ضمن هذا المخطط ، ومن الجهة الأخرى تأجيل أو ترحيل البت في موضوع تشغيل الأنبوب النفطي من ( كركوك إلى إسرائيل) ودمجه كورقة في مشروع السلام مع إسرائيل و الذي تشرف عليه أنقرة، أي أصبحت هناك ورقة جديدة بيد أنقرة ودمشق وطهران اتجاه إسرائيل ،وهي الورقة المتمثلة بأنبوب النفط الممتد من كركوك حتى إسرائيل والمعطل منذ عقود طويلة، خصوصا عندما تم تأجيل فكرة الأتراك بأن يتم تغيير مسار الأنبوب ليمر عبر الأراضي التركية لأن في هذه الحالة سوف تفقد دمشق وطهران ورقة اقتصادية وسياسية مهمة يسيل لها ومن أجلها لعاب إسرائيل ….. ولكن وفي حالة بسط هذا المخطط، ماذا بقي بيد الجانب العراقي من أوراق، لذا هو مشروع وصاية خطير!!؟
 
 
 
 وهذا يعني تفريغ يد الأكراد من هذه الورقة المهمة، والتي يراهنون عليها في مشروع قوتهم الاقتصادية الموعودة، وإعلان دولتهم الخاصة، ناهيك عن إعلان الإتحاد أو العلاقة الإستراتيجية والاقتصادية مع إسرائيل.
 
 
 
 
 
رابعا:
 
 
 
 ولكي يطمئن الجانب التركي من الخداع الإيراني في العراق أعطي الضوء الأخضر الإيراني للسيد مقتدى الصدر ليزور تركيا ،والذي وصلها قبل أيام قليلة، ولقد أجتمع مع القيادة التركية، مقابل أن يكون التيار الصدري جزء رئيسي من النظام الحاكم في العراق، وللمرحلة المقبلة، ويكون هو والفصائل التركمانية القوة الأكبر في مدينة كركوك لمنع انهيار الأمن في المدينة، وحماية الاتفاق السري الذي سيمنع الأكراد من الاستحواذ على كركوك.
 
 
 
 خامسا:
 
 
 
 ومن الجانب الآخر هناك دولة قطر هي الأخرى منهمكة ومنذ فترة بترتيب الجلسات والاجتماعات والحوارات السرية مع الفصائل والجماعات السنيّة العراقية وبألوانها " المعارضة، والمقاومة، والمثيرة للجدل ،وحتى السلفية والطائفية والمتطرفة" من أجل توحيدها، وتوزيع المسؤوليات والمهام فيما بينها ،والاتفاق أن تكون جبهة واحدة ومتعاونة مع أنقرة بشكل مباشر و كبير، ومتهادنة مع طهران، ومع الفصائل الشيعية وبمقدمتها التيار الصدري، والذي سيتصالح بإشراف تركي ـ أيراني ـ قطري مع هذا التيار السني الذي تعمل دولة قطر على بلورته والإعلان عنه ( قريبا جدا)، وعن برنامجه السياسي والتنظيمي والوطني ، وكل هذا بعلم من الولايات المتحدة الأميركية….. وفي حالة نجاح هذا المشروع يعني أن جبهة الاعتدال العربي فقدت حليفا قويا وهي تركيا ومعها بعض الجماعات العراقية المعارضة والمقاومة والسلفية، وبما أن تركيا تقودها المصالح وهي بحاجة إلى مضاربات اقتصادية وإستراتيجية، فليس هناك أفضل من العراق لها ولمصالحها ومن جميع الجوانب ،وأهمها الإستراتيجية والجيوسياسية والاقتصادية والداخلية المتعلقة بخنق الطموحات الكردية ولسنوات مقبلة!!.
 
 
 
 ونتيجة ماتقدم……
 
 
 
 
 
 فالمرحلة المقبلة في العراق شعارها " ليس هناك كبيرا ومهيمنا لا في المركز ولا في كردستان " ، بل ستحسم الأمور من خلال التوافق، والنسب المئوية بالنسبة لعدد السكان، والثقل الشعبي والسياسي، وبالتالي فهناك فصائل وأحزاب سيتم تحجيمها ، وهناك فصائل وأحزاب سيتم تأهيلها، وهناك وجوه سوف تختفي وتبرز أخرى، وسوف تكون عمليات التنصيب والترشيح والإقصاء في العراق وللمرحلة المقبلة والمتوسطة هي من خلال البورصة التركية ـ الإيرانية، ومعهما عاصمة عربية ودون التحرش بالجماعات والوجوه التي تفرضها واشنطن.
 
 
 
 ولكن لا أحد يضمن استمرار هذا الاتفاق وخصوصا عندما ترحل القوات الأجنبية المحتلة من العراق ، والتي ستترك الـ 50 ألف جندي في القواعد الأميركية داخل العراق والكويت وتركيا والأردن.
 
 
 
 
 
 ولكن الأسئلة المهمة :
 
 
 
هل ستُغيّر المصالحة العاجلة بين نوري المالكي ومسعود البرزاني ( في حالة حدوثها) من بنود هذا الاتفاق السري الذي سيجرد العراق والعراقيين من خيرات وثروات مدينة كركوك ولصالح مشاريع الآخرين؟
 
 
 
 ولكن من سيسعى لهذه المصالحة التي أصبحت حتميّة جدا؟
 
 
 
هل سيبادر مسعود البرزاني لها ،ووضع يده بيد المالكي لإيقاف هذا المخطط الخطير ؟
 
 
 
ولكن ماذا عن المشروع الكردي الذي ينص على ضم كركوك للإدارة الكردية في شمال العراق… هل سيطلب المالكي من القيادات الكردية إسقاط أو تأجيل هذا المشروع مقابل التحالف مع مسعود البرزاني؟
 
 
 
وهل باستطاعة مسعود البرزاني قلب الطاولة من خلال قيادته لمشروع المصالحة الحقيقي في العراق، وبالتفاهم الجدي مع المالكي ومع آية الله السيد علي السيستاني ، وتعود هذه الأطراف الثلاثة لأخذ زمام المبادرة من جديد في العراق؟
 
 
 
وفي حالة تحقيق ذلك، هل سيتم وضع حجر الأساس لعلاقة إستراتيجية بين حزب الدعوة/ جناح المالكي، وبين الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود البرزاني ، ولكن كيف؟
 
 
 
 ولماذا لا يتم التفاهم بين بغداد ودمشق حول قضية الأنبوب الذي يمتد من كركوك إلى إسرائيل، ويكون ورقة بيد دمشق وبغداد، وليس بيد طهران وأنقرة وعلى حساب العراق؟
 
 
 
ففي السياسة كل شيء جائز، ولكن عندما يكون في ميدانها ساسة من صنف المحنكين والبراغماتيين !.
 
 
 
فرحمكم الله يا نوري السعيد، والملك الحسين، والرئيس الأسد ، وعبد الرحمن البزاز، والعاهل السعودي عبد العزيز آل سعود…. فلقد كان هؤلاء رمزا للحنكة والبراغماتية!.
 
 
كاتب ومحلل سياسي عراقي
Exit mobile version