د. فايز أبو شمالة
لن أغضب منك بعد اليوم، وسأنسى أنك اغتصبت أرضي فلسطين سنة 1948، وسرقت بيتي، وسكنت تاريخي، وسأغفر إليك كل عذاباتي، وتوجعي منك، وأنك قد وضعتني في السجن سنوات طويلة، وأنك قتلت بعض أهلي بشكل متعمد، ولن ألومك يا صديقي اليهودي لأنك جعلتني لاجئاً عشرات السنين، وقتلت عشرات آلاف المسلمين وأنت تحتل سيناء سنة 1956، وأنت تحتل الضفة الغربية وغزة والجولان وسيناء سنة 1967، ولن أتذكر ما اقترفت من مجازر بحق الجيش المصري في سيناء، وفي مدرسة بحر البقر، ومدن قناة السويس، وعلى تراب قرية قانا في الجنوب اللبناني، وفوق الأراضي السورية، والسودانية، التونسية، والأردنية، سننسى، وسنغفر مجازرك من دير ياسين، وحتى غزة هاشم.
يا صديقي اليهودي، سأصدق ما تقول عن حقك التاريخي، والديني في فلسطين، وسأعترف أنني كنت مخطئاً في عدم الاعتراف بحقك، وقد ظننت بالخطأ أنني صاحب الحق، فسامحني على ظني السيئ، لقد ظلمتك، وبالتالي فأنا أجرّم أمامك كل أشكال المقاومة المسلحة السابقة، وأحرّم المقاومة اللاحقة، وأطلب عفوك، وصفحك عن خطيئة شعبي، وعن ما سببته إليك الانتفاضة الأولى، والثانية من تلويث سلاحك من دم أطفالنا، وتشويش شفرة جرافاتك من أشجارنا، ونعتذر إليك عن حروبك ضدنا، وعن دموعنا التي سالت من قوة بطشكم بنا، وسهولة قتلكم لنسائنا، ورجالنا، ونأسف لحزننا على دخول قواتكم عاصمتنا بيروت سنة 1982، وإذلالكم لنا، ونعدكم بأن نجهّز باقات الورد لنلقيها على جنازير دباباتكم، ونرش الأرض من خجلنا تحت أقدام جندكم، ونقبل بعارنا كعب بنادقكم، ونحمي بصدور أطفالنا مفاعلكم النووي مقابل رجاء واحد تحققوه لنا، نحن أمة العرب.
ما نرجوه منكم يا أصدقاءنا اليهود، يا عشاق السلام، ويا أحفاد الأنبياء، ويا ورثة الملائكة على الأرض، ويا زهر الغيم المتفتح في سماء العرب، ما نرجوه منكم أن تحاربوا عدوكم، وعدونا المجرم الذي ظهر لنا من الشرق، والذي يحاول أن يطور سلاحاً نووياً يضاهي سلاحكم، ويخيفكم فيه، ويخيفنا، إنه عدوكم وعدونا المشترك الذي يهددكم فيزعجنا، ويتربص بكم فيربكنا، ولكم علينا أيها اليهود الأصدقاء، لكم علينا عهد الطاعة والولاء، والتسليم لكم بحرية التصرف بأرض الضفة الغربية دون إزعاج، ولكم القدس ومسجدها الأقصى دون طنين، ولكم ما شئتم من دمنا، ولحمنا، وجرحنا، وحصارنا، حاربوا يا أصدقاءنا عدوكم، وعدونا ولكم علينا الاعتراف بيهودية الدولة العبرية، ويهودية اللغة العربية.
وإليك السلام يا صديقي اليهودي، من قلب كلِّ حرٍ عربيٍّ شريفٍ مسالمٍ، شالووووم!!.