بيروت

 
صلاح أبو لاوي
 
 
مهداة إلى الصديق الشاعر البيروتي مهدي منصور
 
 
 
إليها
 
حيث يسعى الشعْرُ مِنْ أقصى قرى الكلِماتِ
 
مرتكِباً قصيدته ُ
 
أسيْر ُ
 
تجوبُ الرّوحَ رعشة ُ غـيْمِها
 
والقلبُ في أصفاده ِ
 
ودمَي أسير ُ
 
يعود ُ السّاحرُ المجنونُ
 
يرْحلُ آخرُ الشعراءِ
 
تنغلقُ الجهاتُ
 
ووحْدَها بيروتُ والكلماتُ
 
 والقدَرُ الكسيْرُ
 
 
 
ووحْدَكَ أيّها البحرُ المعلـّق ُ
 
في جناح ِ فراشة ٍ
 
تبكي على الشعراءِ والدّنيا
 
وأحلام ٍ على شطآنك الحبلى بنرجسها
 
ويحتدم ُ العبير ُ
 
تنامُ على فراش ِالوقت ِ منتظِرا ً
 
رجوع الفارس المنفي ِّ
 
تنفتحُ السماء ُ
 
وغيمك العصفورُ في أبَد ٍ يطير ُ
 
 
 
هنا بيروتُ
 
رقصة ُ طائر ِ الكرْكيِّ
 
غانية ٌمن الصّلصال ِ
 
مرآة ٌ
 
لمسبحتين ِ
 
نهرُ نبيذنا النبوي ّ
 
وجه ٌ أسمر ٌ
 
ويدٌ أصابعُها خرير ُ
 
 
 
فليستْ طفلة ً صخرية ً في البحر ِ
 
تبكي عودة العُشـّاق ِ
 
ليستْ شاطئا ً للصيد ِ
 
ليست شارع َ الحمراء ِ
 
حيث تـُلمْلِمُ الشعراءَ أرصفة ٌ
 
وينثرُهمْ غرور ُ
 
 
 
ولا امرأة ً
 
 تُعِدّ ُ قوامَها للزّندِ في ملهى
 
ولا رجلا ً
 
يَسيْلُ لعابُ شهوته ِ إذا مرّتْ
 
_ فهبَّ وراءها المقهى _
 
وفتنتها حرير ُ
 
 
 
ولا هي مَقعداً في ( الباص ِ )
 
يأخذنا من المنفى
 
إلى منفاهُ متكئا ً على دمنا
 
كما المنفى يدور ُ
 
 
 
هنا بيروتُ
 
آهة ُ قوسنا القزحيِّ
 
واحةُ عشقنا الصوفيّ
 
في صحرائنا الظمأى
 
وفاتحة ٌ إذا قـُرئتْ
 
تصيرُ حروفها حَجَلا ً
 
وأفئدة ً تصير ُ
 
 
 
هنا قمر ٌ
 
يحرّك ُ ظِلـُّهُ الأشياءَ في الخلجات ِ
 
يمشي عشبهُ المجنونُ في الطرُقات ِ
 
يرسمُ صورة ً أخرى
 
للون البحر ِ
 
يزرَعُ توتهُ البريَّ في شفتين تختصمان ِ
 
يُطلِقُ سيلهُ العذريَّ للغرباء ِ
 
يفتح كَـوَّة ً للصّبح ِ
 
كي نمضي إلى عينيهِ مرتعِشِين َ من تَعَب ٍ
 
ودمعته السّرير ُ
 
 
 
هنا بيروت ُ
 
حقل ٌ بين مرآتين ِ
 
شيخ ٌ ناهض ٌ للتو ِّ
 
من إغماءة التاريخ ِ
 
سبعُ سنابل ٍ للشعر ِ
 
هدهدُ مائنا المذبوح ُ
 
تاجٌ بين مملكتين ِ
 
يحْرُسُهُ ضرير ُ
 
 
 
إليها
 
والزمان البخْسُ يسلبنا معاطفنا
 
ويطلقنا
 
عُراةً في صقيع اللـّغو ِ
 
كالأطفال ِ عُدْتُ محمّلا ً باللـّهو ِ
 
والكلِمات ِ
 
أطـْلِقُ صرختي في وادِ عبقرها
 
وأنثرُ غيمتي الثكلى
 
لتشربني الصخور ُ
 
 
 
 
 
وحيدا ً
 
أرتقي جبلا ً من الأمطار ِ
 
أبْعُدُ
 
عن هدير البحر ِ
 
كمْ يا بحرُ بايعناك َ
 
منذ الرحلة الأولى
 
وأسلمناك َ
 
أنفسَنـَا
 
فمزقنا الهدير ُ
 
 
 
وحيدا ً
 
جئت ُ يا بيروت ُ
 
أبحث ُ فيك عن جَسَديْ
 
وعنْ قدَميْ التي التصَقـَتْ
 
فلمْ ترْحَلْ على زبَدَيْ
 
وعنْ قمْح ٍ سنابلهُ برغم الموت ِ
 
لمْ تبرحْ شقوقَ يدِيْ
 
ولي أمَل ٌ
 
أنا الأعمى
 
أنا المهزومُ من عينيك ِ
 
لي أمَل ٌ بَصيْر
 
صلاح أبو لاوي
 
Exit mobile version