أرشيف - غير مصنف
“ستيفن جرين” والعربيُّ الحزينُ
د. فايز أبو شمالة
لا جرمَ اقترفهُ "ستيفن جرين" بعيداً عن الثقافة العامة، والتوعية الفكرية التي يتلقاها جنرالات الولايات المتحدة الأمريكية، وعساكرها، وما يتلقفونه من أيديولوجيا عن الأرض العربية الحزينة التي يعتبرونها خزان وقود، يسكن عليها متوحشون هنود، لهم لحى كثة، وعليهم جلباب، ولا علاقة لهم بالإنسانية، بينما الجندي الأمريكي هو سليل العرق النقي المتفوق، وممثلاً للدولة العظمى صاحبة المصالح الكبرى، وبالتالي فإن ما قام فيه "سيتفن جرين" ومجموعته من الجنود الأمريكيين ليس خارقاً للمألوف، وليس شاذاً عن القاعدة العامة للقتل، والموت، والدمار، والخراب الذي لازم السياسية الأمريكية على الأرض العربية.
إن ما فعله "ستيفن جرين" ومن معه من جنود أمريكيين لا يتعدي اغتصاب فتاة مراهقة كونها مسلمة عربية من العراق، وبعد اغتصابها قام بقتلها، وبعد أن قتلها، قتل أمها، وقتل أباها، وقتل أختها، وبعد أن قتلهم جميعاً، أحرقوا البيت بما فيه، وهذا ينسجم مع سياسة الرئيس الأمريكي المؤمن جورج بوش، ونائبة ديك تشيني، وباقي عصابة التحريض على القتل، والذبح، والتدمير، والتخريب لكل مقومات الحضارة الإسلامية في عراق العرب.
ولما كان الكشف عن عورة الفتاة العربية المسلمة من بلدة المحمودية في العراق كشفاً عن عورات كل نساء العرب، واغتصاباً لهن جميعاً، ولما كان دم العائلة العربية المسفوح يمثل دم كل الشعوب العربية، والإسلامية دون استثناء، فإن "ستيفن جرين" يعتبر عنوان الكبرياء العربي، ورمزية الكرامة الإسلامية التي داس عليهما بنعليه كل أولئك الذين حرضوا "ستيفن جرين" على الفاحشة، والقتل، وشاركوه بالإيحاء، والتعبئة، ويحاولون اليوم التغطية على جريمتهم العامة بمحاكمة فرد، والتمويه على القاتل الحقيقي الذي يجب أن يمثل أما القضاء، والمتمثل بالإدارة الأمريكية السابقة التي اغتصبت كل العراق، وكشفت عن عورة كل نساء العرب، وقتلت كل أمهات النخوة العربية، وآباءها، قبل أن تحرق العراق بما فيه.
"ستيفن جرين" ليس مختلاً عقلياً، بل يمثل نهج القتل الواعي، والمقتنع، والمعبأ أيديولوجيا، مثله مثل اليهودي "باروخ جولد شتاين" الذي قتل عشرات المصلين في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، ومثله مثل اليهودي "دينس مايكل" الذي أحرق المسجد الأقصى سنة 1968، وهم ليسوا مختلين عقلياً، وإنما هم المدربون، والمعبئون بالحقد.
جريمة "ستيفن جرين" جمرٌ في صدر كل عربيٍّ مسلمٍ يجب أن تتقدَ لتحرقَ قلبَ كلَّ من صمتَ على ذبح العراق، وتحرقَ لحيةَ كلَّ عربيٍّ لم يهب لنصرة العراق، وتحلقَ شاربَ كلَّ عربي ما زال يدًّعي الرجولةَ، والشهامةً دونَ العراق.