أرشيف - غير مصنف
سياسة فتح – الوان مائية
سياسة فتح – الوان مائية
عمــاد عــودة
سنين عجاف وقحط فكري وتسابق محموم نحو الهاوية واستمراء لكل ذل وهوان بل والدعوة لمثل ذلك صباح مساء , هذا هو حال الأنظمة العربية المهرولة نحو رضا أمريكا وربيتها اسرائيل اما رضا الله فالله غفور رحيم . إنه وهج السلطة وإغراء الكرسي وما عدا ذلك يهون في عيونهم , الزعيم الملهم والقائد الخالد ورجل المرحلة هو من أشار بذلك وللتوريث شجون وفنون .
قد نستطيع فهم ذلك في حالة الأنظمة وأربابها ولا نجيزه ابدا , لكن أن يحذو الثائر المناضل حذوهم ويستلهم الخطى منهم فهذا هو عين العجب ويثير الإشمئزاز والسخرية في آن واحد , كنا حتى الأمس القريب نرجوا أن تكون كتائب شهداء الأقصى كامنة تحت الرماد بانتظار ساعة الفرج وقدح الزناد , وهذا ليس من قبيل السطحية السياسية او من باب الأماني فقد حسبناهم يوما أهل قتال وعشاق شهادة لكن أن يصل الأمر بهم حد قطع علاقاتهم مع حزب الله ففي الأمر وقفة لا بد منها .
الحكاية تبدأ وتنتهي بالحصار وظلمه , المحاصرون هم الأهل والقاعدة والمآل لشهداء الأقصى وغيرهم من فصائل المقاومة وما يربطهم بهم نظريا يفوق ما يربط حزب الله بهم . وجريمة حزب الله شرف يرنوا اليه أهل المباديء في كل زمان ومكان فكيف بالأهل المقربين وهم أيضا محاصرون بصورة أو بأخرى أخرى ولهم من الأسرى لدى العدو ما ليس لحزب الله .
لا يمكن فهم الأمر الا باحتمالين أحلاهما مر , الأول أن كتائب شهداء الأقصى لم يعد لها وجود على الأرض وعلى كل عاقل اسقاطها من حسبة التحرير والثاني ان الكتائب قد تم خطفها كما خطفت فتح ومن قبلها منظمة التحرير الفلسطينية , وكلا الأمرين كابوس مفزع .
عندما كنا ننادي شرفاء فتح بل ونستجديهم التصدي لهذه الصورة المفزعة لفتح ويقولوا الرأي الوطني الحر في كل ما يجري لنا في غزة ويبتعدوا عن حسابات السلطة ومغرياتها اتهمنا البعض بالتحريض على فصيل مهم من فصائل المقاومة وقذفوا في مسامعنا بأن فتح لا زالت كما كانت ولم تتغير ولم تقبل يوما بأوسلو وتبعاتها لكن للسياسة تكتيك قد لا نفهمه نحن البسطاء , عندما قلنا ان بيانات شهداء الأقصى يوم الفرقان كانت محض خيال ومماحكة وتشويش اعلامي غير بريء قيل لنا باننا ادعياء فتنة .
الآن جاء الدور لنسأل كل من قذفنا بتهمة من ذاك العيار , ما هو المبرر الذي دفع شهداء الأقصى للتنكر لمن يحاول كسر حصار غزة وهل يستوي هذا الفعل مع إدعائكم بالقتال في غزة يوم الفرقان. هل سنسمع منكم نفس التعبيرات الهلامية الفتحاوية من قبيل ان البعض فعل والبعض الآخر لم يفعل. وهل علينا دائما احسان الظن ببعضكم دون أن نعرفه .
لكل من لا يزال يحلم مثلي بفتح وشهداء الأقصى أقول , هم يعلمون عن حصارنا ويعملون عليه وهم بالتأكيد يعلمون عن اسرانا في رام الله . طواقم التعذيب التي تنكل بأسرانا صباح مساء وتقتحم مساجدنا وتقتل حفظة قرآننا لم تأتي من المريخ ولا من قارة اخرى بل هي في اساس تكوينها من فتح , الذين وقعوا أوسلو ايضا والغو حق عودتنا وصمتوا عن ثلاثة الاف اسير لدى عدونا هم كذلك معظمهم من فتح . الذين منعوا الاتفاق في القاهرة وأصروا على هدم ثوابتنا ومن قبل افشلوا اتفاق مكة هم من فتح ايضا .
سياسة فتح ومنذ زمن بعيد ومعها اليوم شهداء اقصاها تشبه سياسة النقابات العمالية والعابها النقابية التي لم تخفى على عاقل يوما وهي في أحسن حالاتها تشبة الألوان المائية من حيث الجمال الشكلي ولكنها للأسف تزول مع أول زخة مطر وينكشف مستورها . رحم الله شهداء فتح وشهداء كتائب الأقصى فلو قدر لهم أن يعلموا مآل الأمور هذه الأيام لفضلوا الموت على الفراش فذلك أرحم من أن تغسل ذكراهم زخة مطر .