محمود عبد اللطيف قيسي
كثر الغطاسون وراموا السنانير والشباك في بحر فتح الكبير الواسع المتلاطم الأمواج في هذه الأثناء ، منهم من يريد أن يدلي بدلوه لخير فتح وقضيتها التاريخية ، وهذا من فضائل النضال والجهاد وخير العمل وفضل خواتيمه إن بقي على عهده وقسمه ومسلكه ومواقفه الثورية الصادقة النبيلة ، ومنهم الكثير الذي ما خط قلمه المتسخ اسم فتح وما أدلى بدلوه ورمى بشباكه المسمومة الملعونة بهذه المرحلة المفصلية المصيرية إلا للإساءة إليها ولمسيرتها ولقادتها وكوادرها وشعبها الفلسطينيى ، الذي يراد له التخبط ونكران الذات وفقدان الأمل ، لمعرفة كل أعداء فتح ومن ورائهم شبكات الموساد العالمية ومن يدور بفلكها ، أنه ما من سبيل للنفاذ للصف الوطني الفلسطيني وهتك قراره الوطني وبالتالي إضعافة والسيطرة عليه للوصول لمرحلة تصفية القضية الفلسطينية إلا من خلال إضعاف فتح وإلهائها بقضايا هزلية ، ومحاولة إزاحة مؤتمرها العام عن واجباته ومهامه الوطنية ، واختزاله بقضايا الانتخابات مع أهميتها وكأن الحاضرين خراف ونعاج تخلوا رؤوسهم إلا من حركتها غير الإرادية بالطأطأة للموافقة على كل شيء أوأي شيء يطلب منها .
لقد برع هؤلاء الغطاسون المفسدون بخلق مشاكل كثيرة حتى وإن حلت أو اقترب المعنييين من حلها ، فأن ترسل رسائل من هنا وهناك للتحضيرية أو غيرها كالمركزية أو الثوري من فضائل الكتابة والكياسة الوطنية ، وأن تستجيب الجهة المعنية منها لأحسنها وأفضلها فهذا من فضائل الأعمال والمواقف الوطنية ومن ذات وصميم عملها الذي أنيط بها وقبلت به تكليفا وانتماء ، أما أن تبقى تبذل الجهود التدميرية المتواصلة السوداء دون كلل ، والكتابات التخريبية البلهاء دون ملل ، والهجومية الرعناء غير البنائية دون أن يرعوي سواطيرها ومعاول الهدم فيها ، وكلهم الذين وحدهم هدفهم العدائي غير الأخلاقي مع اختلاف منابتهم ومشاربهم غير الوطنية ضد فتح قادة وكوادر، أو ممن يريد أن يبقى اسما فريدا على شبكات الانترنت أو الوصول بذاته إلى قائمة المميزين القادة للفوز بالانتخابات حتى قبل إجرائها وإعلان نتائجها ، بعد أن فقد ذاته ومركزه فلم يبقى من عطائه إلا ذاكرته الحاقدة العفنة ولسانه ذي الثلاث شعب الذي لا ظليل ولا يحمي من اللهب ، أو ممن يغردون بسماء ودنيا أعدائها الكثر المجرمين والدمويين أو المهابيل الملاعين المساطيل ــ وإني جد آسف لاستخدام هذا المصطلح الأخير ولكن لضرورياته الوصفية ــــ بهدف أن يطاح بها وبقراراتها مهما كانت ، الوضع الذي كله به العجب ، والذي لن يخدم فتح ومسيرتها ولا قضايانا المصيرية , فحركة فتح حركة وطنية انطلقت لتحرير فلسطين لا لتحرير العالم من ظلمه وسطوته وظلامه ، انطلقت لإقامة دولة فلسطين المستقلة لا لتمكين المنفلتين من إقامة دويلات مريضة دموية ، انطلقت لإنقاذ الشعب من عنكبوتية الاحتلال وسطوته لا من أجل مسامحة من يريدون شطبه بعد أسره وحشره في أوهن بيوتهم أو تسليمه ضحية أوككبش فداء إليهم ، انطلقت من أجل الثوابت الفلسطينية لا من أجل ثوابت شخوص قلّ عددها أو كثر ، يريد أعنفهم طريقة ومن هوعلى شاكلته تجريدها ظلما وزرا واتهاما من مهماتها الوطنية التي هي من أجل المصير والتحرير ، لا من أجل من أراد منها مصير جيبه بنفخها ومنفعتة ببقائها ، وضمان مقعد له في الاعلى مرتبة بعد أن كان فشل بالأدنى منها ، انطلقت من أجل فلسطين والنصر والتحرير لا من أجل من يريدها وفلسطين هدفا ذاتيا له ولعائلته واسمه ، الذي لولاها ماكان يوما بارزا في تعدادها ورقما محسوبا بجداولها ، والذي جهل أنه بدونها سيمحوا ويخفت إسما ولونا ووجودا .
وبالرجوع لمشاكل تعترض طريق اللجنة التحضيرية وتمنعها من الوصول بالمؤتمر لغاياته وأهدافه ، لا بد وأن يتجرد الإنسان من مواقفه الشخصية وحاجاته الذاتية للحكم على أعمالها ومساعدتها بترك عربتها تسير للأمام حتى وإن كانت سرعتها بطيئة وأحيانا تراوح مكانها ، لا أن يكون عثرة في دواليب حركتها ومسيرتها التي نحكم عليها نجاحا أو فشلا لحظة قيامها باعلان انتهاء أعمالها ، وبعد أن تقدم للجميع علنا نتائج بحثها وبرامجها ، وما دامت كل أعمالها يجب أن تمر بالمركزية التي لا يمكن لها أن تخون آمانتها وصميم واجباتها وإداركها المرحلة وصعوبتها ، وذات الكادر والتنظيم وأهميتهم بتحديد المسافة ومحطاتها .
فبخصوص المكان الذي هو الرائع والأمثل لعقد المؤتمر السادس فهو لا شك بالوطن ما دام المستضيفين اعتذروا بعد أن هالهم العدد الكبير للحضور ومؤشرات الرياح قبل هبوبها ، وخوفهم من المطبات الأمنية أو الخلافية بعد نتائجه وانتهاء جلسات أعماله ، فيبقى الوطن السليب الأمل والمبتغى والهدف الذي ما حاد عنه ورغب بتحريره ودخوله تحت أي ظرف إلا صهيونيا جبارا منع الفلسطيني عنه ، أو ضالا تائها مستنفذا أراده منصبا فلما انقضى أجله منع غيره قمعا ومحتجا بنفسه ممن أراد صادقا فرصة للدخول للوطن كحلم عودة عاش وناضل من أجله ، أو من مجرم له قرنان استقوى بالشيطانين الأكبر والأصغر فحلق معتقدا أن سماء وطن غيره الفايروسي الدموي الاحمر الضيق الأفق والرائحة مع إمكاناته المادية وكأنما يصعد في السماء ، أنقى وأطهر من دنيا وطنه الفسيح ورائحته الزكية فلكم وسب وشتم وقدح وخوّن ، فالوطن الفلسطيني الكبير وفسيح جنانه هو حق لفتح وكادرها وشعبها لا أن تكون حلال للطير من كل جنس ، تماما كما هو حق جميع القوى والأحزاب الوطنية العربية الحاكمة والمعارضة المؤمنة بأوطانها .
أما بما يخص الحالة الفلسطينية التى لها خصوصية نشأت بفعل الاحتلال والانقسام فالاحتلال الاستيطاني البغيض صنع دولته ولن يصنعها لنا ، فالذي يصنعها سيفها وشعبها ومقاتليها وريادييها ، وما منع شعبنا الفلسطيني من الوصول إليها إلا سيف الأعداء الناري المجنون وسلاحهم الغدار المسموم ، مشفوعا بسلاح الحاقدين الصدأ وأقلامهم المقيتة المسعورة التي مدادها المخزي من ذات مداد الكّتاب الصهاينة وبعض المستشرقين الذين عنوانهم المُمّجد والمُبّجل إسرائيل الكيان ، والفلسطيني برأيهم المرتهن عبثي وخطر كياني مع أنه هو أصل التاريخ وعبقه وسُطوره .
فأن يعقد المؤتمر على أرض فلسطين كاختيار أخير إذا ضاقت الأرض بما رحبت هو عمل جهادي نضالي ، حتى وأن عرض أمن المشاركين للخطر من قبل الإسرائيلي الذي مواجهته تحد وإصرار وبشائر لقرب النصر والتحرير ، فكل الفلسطينيين تحت الاحتلال بخطر وصراع ومقاومة ، والراغبين بالمشاركة ليسوا بأحسن أو أفضل منهم لا وطنية ولا عمرا ولا أملا ، الأفضل الذي لا غنى عنه إن ضُمن للجميع دخولا إلى أرض الوطن حتى وإن لم يضمن لهم خروجا ، فقد عرف عن رجالات الفتح الحقيقيين الصادقين قوتهم وشكيمتهم وجرأتهم وحبهم لدخول فلسطين حتى وأرواحهم على أكفهم ، فلا سيف الاحتلال ورصاصه وسطوته أخاف وسيخيف طفلا وشيخا وامرأة ، فكيف سيخيف رجالا ووطنا وثورة وثوار .
أما بخصوص أعداد المشاركين به فالمأمول ليس عددا وساندويتشات وأسّرة ومصاريف ولهايات ومطرقة رئيس جلسة ليضبط فوضى الكثرة ، بل رقما صعبا آت من ذات الحركة وصميمها لا تذهب من خلاله فتح ، بل تنطلق بقوة نحو الثوابت الفلسطينية ، عددا ليس مفقط بعد الألف أو قبله فهذا ليس المهم ، فالمهم عددا حقيقيا تمثيليا لكل الكوادر والأقاليم الفتحاوية المعنية التي يجب أن لا يختزل عدد ممثليها لضرورات المرحلة وأهميتها ، العدد الذي يجب أن ينتهي بكلمة فقط بعد أن يقتصر حضور المؤتمر عليهم دون غيرهم من الداعمين الآخرين الذين عدم حضورهم لا يضر ووجودهم قد لا يفيد ، مع إمكانية وضرورة إطلاع جميع الفعاليات الشعبية والوطنية وجميع الشعب الفلسطيني والعربي على نتائجه ، التي الداخلية منها تهم فتح والمصيرية منها تهم الجميع ، وهو الأمرالسهل والممكن بظل الواقع وسهولة الوصل والاتصال المرئي والورقي والإلكتروني والمسموع .
لقد آن الأوان لفتح أن تنطلق بقوة قيادييها وكوادرها الذين يجب أن يعودوا القوّة المبدعة الخلاقة ، وأن يلجم المنفلتين أويذهبوا حيث إعادة التأهيل ودراسة المسلكيات لعف اليد واللسان والذات ، وأن ينخرس الحاقدين مزوري الحقائق الباحثين عن التلفيقات صانعي المطبات وخلق العثرات والمشكلات ، ويذهبوا لبئر الزمن حيث لا رحمة ولا قرار .