أرشيف - غير مصنف
“الساسة الجدد” مادة جيدة لتندر العراقيين: لا يتفقون إلا بأمر أميركا
كثيرة هي المتغيرات التي عصفت بالمجتمع العراقي وأفرزت واقعا جديدا خصوصا بعد الاحتلال الأمريكي للبلاد وكثيرة هي المفردات والمصطلحات الجديدة التي أتى بها الساسة الجدد الذين أتى بهم "الاحتلال" ويسمون هناك "ساسة العراق الجديد". بين هذا الواقع الجديد وبين الماضي القريب يقف العراقيون بين من يرى النور وهم القلة المنتفعة المستفيدة وبين من لا يجد بصيص أمل وهم السواد الاعظم من العراقيين الذي لا يجد بعضهم لقمة عيش ولو ليوم واحد مقبل.
سنوات 6 مرت على الاحتلال الامريكي للعراق ذهبت معها تلك الامال العريضه للعراقيين وفقدت مصطلحات الساسه الذين اتى بهم "الامريكان" بريقها وأصبحت مثار سخرية بين المواطنين في المقاهي والأسواق والشوارع وحتى في البيوت .
الديمقراطيه. الشفافيه. التعدديه. النزاهه. حقوق الانسان. الفسيفساء الجميله. الوان الطيف العراقي. المصالحه الوطنيه. المربع الاول. الضغوط الى آخره من المصطلحات التي لم تجد لها طريقا الى الواقع الملموس.
يقول صالح سلمان "57 عاما" وهو مدرس :" لم اجد مربعا ثانيا وثالثا ورابعا نحن دوما في المربع الاول لم نسمع من الساسه الجدد يوما بأننا في المربع الثالث أو الأخير لم نفهم هذه اللغة، هم دائما في خلاف ولم يتفقوا يوما بينهم على شيء. هم دائما في المربع الأول كما يقولون".
اما احمد حسين الفنان الاكاديمي "36 عاما" فيقول :"كانت الوان الطيف العراقي جميله ومنسجمه ومترابطه، احدهما يتمم الاخر ومنذ مئات السنين على أرضية الوطن الواحد يجمعها الحب والوئام لكن الامريكان والساسه الجدد جعلوا هذه الالوان متضاده متضاربه متقاتله كدروا نقاوتها وزهاوتها من اجل منافع شخصيه وحزبيه وخدمة لأجنده خارجيه".
وتضيف سعاد سلمان "26 عاما" وهي خريجة جامعة :"لقد تخرجت من الجامعه منذ اربع سنين وقد طرقت ابواب كل الوزارات من اجل ان احصل على فرصة عمل ولم اجد، أينما ذهبت يطلبوا مني وثيقة انتماء للحزب الذي يحكم الوزاره فكل وزاره يحكمها حزب وانا من عائله لم ينتم اي فرد منها الى حزب لا في السابق ولا في اللاحق. اين الحقوق واين الشفافيه واين المساواة والقانون وأين فرص العمل وحقوق المواطنه".
ويقول الحاج جميل "73 عاما" :" أنا في خوف دائم من مصطلح المصالحه وأخشى ان يكون فخا لاصطياد ابني الطيار الذي هرب الى سوريا بعد قتل صديقيه الطيارين على ايدي عصابات مجرمه مدعومه من الداخل وتعمل لحساب دوله مجاوره، كان ضابطا خدم وطنه بشرف ومهنيه ولم يرتكب جرما في حياته ورغم أني في شوق اليه لكني أفضل أن يبقى بعيدا عن الوطن حفاظا على حياته".
أما المعلم سيف عبد القادر "50 عاما" فيلجأ إلى "الضغوط" حين تطلب منه شيئا او مصلحة ما لقضائها حيث يتحجج ساخرا ويقول :"علي ضغوط داخلية تجعلني لا استطيع تلبية طلبكم" فيضحك الكل لعلمهم بأن الضغوط الداخلية تعني زوجته. فكلمة ضغوط كثيرا ما يستخدمها ساسة العراق سواء كانت داخلية او خارجية لتبرير عدم وفاءهم بتنفيذ وعودهم .
ويتفق العراقيون بجميع شرائحهم ومستوياتهم الثقافيه على ان الساسه العراقيين لا يستطيعون الاتفاق على أبسط الأمور ما لم يتدخل الأمريكيون لفض الخلاف والضغط عليهم حتى في حل عقدة الزحامات المرورية في الشوارع ، وهي "المعضلات" التي لا يستغرق حلها اذا ما تدخلت دورية امريكية تمر صدفة بالمكان سوى دقائق معدودات.