أرشيف - غير مصنف

المؤتمر السادس، المؤتمر السادس

د. فايز أبو شمالة

كثر الحديث عبر وسائل الإعلام الفلسطينية عن المؤتمر السادس لحركة فتح، وكأن شمس اليوم التالي لانعقاد المؤتمر ستشرق بصورة مختلفة عنها قبل انعقاده، ليحمّل بعض الكتاب المؤتمر أكثر مما يحتمل، ويضعوا فيه مخزون أحلامهم، وثورتهم، وانتمائهم، وثقافتهم، وعذابهم، وحرصهم على الوطن، وهذا من حقهم، إذ راح البعض يوسع من طموحه في تصور ما سينبثق عن المؤتمر من لجان ثورية، ومركزية، وتعبئة، وتنظيم، ولجان عمل الساحات، وراح يبشر بالمستقبل الباهر للقضية الفلسطينية، وكأن قيامة الدولة العبرية ستقوم بعد انعقاد المؤتمر السادس، وحالة الانقسام الفلسطيني ستتلاشى، والحواجز الإسرائيلية ستزول، والمستوطنات سترحل عن الضفة الغربية، وستلهث كل دول العالم لاسترضاء الفلسطينيين، وتطييب خاطرهم بعد انعقاد المؤتمر السادس.
 
        كعربي فلسطيني أتمنى من صميم قلبي أن ينعقد المؤتمر السادس لحركة فتح، وأن يتكلل بالنجاح، وأن تخرج الحركة أكثر قوة، وأكثر تماساً، ووحدة، كما كتب الشاعر الدكتور المتوكل طه: "على المؤتمر السادس أن يُعيد تعريف "فتح" كحركة نضالية، تستمد شرعيتها من طرحها النضالي المتعلّق بتحرير الأرض لزاماً، دون الوقوع في مفاوضات عبثية لا طائل منها، وتشكّل ذريعة لتجميل الاحتلال وبقائه". هذا كلام عقلاء، وهذا ما نتمناه لحركة فتح من باب المصلحة الوطنية العليا، ومن زاوية تنظيم الخارطة الحزبية في الساحة الفلسطينية التي يجب أن تعتمد على خطين متكافئين متوازيين في القوة، خط الاتجاه الإسلامي، وخط الاتجاه الوطني، وما يشكلانه من ضبط للتنافس الشريف، وتبادل السلطات من واقع العطاء، والتضحية، لا من منطلق التفرد والتكسب، والاستئثار بالنفوذ والقرار.
 
        بعض الكتاب قرأ مبكراً نتائج انعقاد المؤتمر السادس، ومقرراته، وأدرك أن اللجان التي سيفرزها المؤتمر لن تختلف عن سابقتها إلا في استبدال بعض الأسماء التي ستحتفظ بالنهج والسلوك ذاته لمن سبقهم، فكتب عبد الله عواد في صحيفة الأيام يقول: "أعدكم أنني لن أقترب من المؤتمر السادس، ولو بحرف واحد، فهو لا يستحق نقطة حبر واحدة، فاعقدوه بما شئتم، وفصلوه حسب ما تريدون، وأصدروا بيانه الختامي قبل أن يبدأ، ووفروا الأموال والجهد، ولا تتعبوا الناس فالمطلوب؛ "بصيمة" فقط، لهذا اجمعوا عدداً من بائعي البُسط، وأعطوهم بطاقة عضوية المؤتمر، وحفظوهم من ينتخبون، ووفروا الجهد والوقت والجدل والنقاش". أما الكاتب حافظ البرغوثي فقد كتب ساخراً في صحيفة الحياة الجديدة يقول: "يمكنك أن تحشر نفسك في المؤتمر السادس الذي سيعقد في الشهر السابع بعد أن فشل عقده في الشهر الخامس، ولكن ثمة كتيب يساعدك في خوض المؤتمرات الثورية بعنوان "العزف الثوري على ربابة النَوَريّ" لمؤلفه غضنفر بن أبي الجماجم، وفيه الكثير من خفايا اللعب في حارات فتح، والتمسح بآبائها وأبنائها، والتنقل من حارة إلى حارة، والتآمر من حارة على حارة، فإن لم ترشحك حارة لعضوية الثوري رشحتك أخرى للمركزية باعتبارك من الجيل الشاب الذي ناهز السبعين، ويتحلى بحيوية ابن العشرين".
 
        أمس قال لي صديق من حركة فتح: لو لم تكتب ضد ممارسات السلطة السلبية، ولم تتحدث في وسائل الإعلام بشكل علني، لكنت اليوم أحد الذين سيشاركون معنا في المؤتمر، قلت له: وماذا سيضيف مئات المشاركين؟ ماذا سيفعل المشاركون أكثر من الاستماع، والتصفيق، وتزكية بعض الأسماء المتفق عليها، ومن ثم التمتع أثناء التنقل من غزة إلى الضفة الغربية عبر البوابة الإسرائيلية، أو التحسُّر لرؤية الأراضي الفلسطينية المغتصب
 
 

زر الذهاب إلى الأعلى