منذر ارشيد
هل هي إنتفاضة اللجنة المركزية على ذاتها ..!!
لم نستطع لغاية اللحظة معرفة ما قصده الرئيس أبو مازن في قراره المفاجيء والذي قلب الطاولة أمام باقي أعضاء اللجنة المركزية واللجنة التحضيرية للمؤتمر السادس لحركة فتح …!! ربما كانت حركة ذكية منه أراد منها الرئيس تحريك المياه الآسنة التي تعيش فيها فتح واللجنة المركزية منذ أوسلو وما بعد استشهاد الأخ أبو عمار .! (( ونأمل أن يكون الأمر هكذا لايجابيته . )
أو.. أنه أراد أن يستمر بالتفرد بكل شيء .. بداية بالمؤتمر وصولا ً إلى القرار السياسي ..!! (وهذا أسوأ ما في الأمر .. ولا نأمل أن يكون الأمر كذلك ) لقد شهدنا هذا الصخب الغير إعتيادي داخل أطر الحركة والتي كانت في سبات عميق وغياب واضح ووهن سيطر على مفاصلها حتى في حراكها مع اللجنة التحضيرية والذي كان حراكاً غير طبيعي ولا اعتيادي فرضته ظروف المؤتمر المحفوفة بالتشنج " وكانت المفاجئة الأكبر بل الصحوة الكبرى التي نأمل ان تستمر على وتيرتها بعد قرار الرئيس الغير متوقع والمتسرع الغير مدروس … ( ورب ضارة نافعة )
لقد تجلت الصحوة للمركزية ً ضد قرار الرئيس في البيان الختامي للجنة التحضيرية والتي تترأسها اللجنة المركزية ولم يخفى هذا على أحد .. وقد أصدرت اللجنة التحضيرية للمؤتمر بياناً ختاميا ً لإجتماعاتها .. وضعت من خلاله كل ما تمخض عن الحوار والنقاش الجاد والمسؤول والذي استمر مئات الساعات من العمل والسهر والسفر والعناء وتحمل المسؤلية والأمانة "وأثبتت أنها على قدر المسؤولية وأملنا بها أن تستمر على هذا النهج .
اللجنة المركزية ورغم كل التباينات وانطلاقا من التمسك بقانون المحبة وحرصا على وحدة الحركة كانت حريصة على عدم قطع شعرة معاوية مع الرئيسوخاصة بعد المفاجئة الغير محسوبة والتي أعلن خلالها الرئيس أبو مازن عن موعد ومكان المؤتمر في الأول من تموز وداخل الوطن …أي انها تحملت ما لا يحتمل من أجل المصلحة العليا للحركة والحفاظ على وحدتها .
حرصت اللجنة المركزية والتحضيرية على عدم الدخول في سجال مفتوح مع الرئيس الذي ضرب بالمبادئ والمنطلقات وبمكانة وهيبة اللجنة التحضيرية المنبثقة عن اللجنة المركزية بعرض الحائط .. وهي المؤسسة التي تمثل رأس الهرم التنظيمي لحركة من أهم حركات التحرر إن لم تكن أهم حركات التحرر في العصر الحديث
وكما أن اللجنة التحضيرية التي يترأسها عضو اللجنة المركزية الأخ أبو ماهر غنيم مفوض التعبئة والتنظيم في الحركة قاطبة وعضوية عدد كبير من أعضاء
المركزية والثوري وعلى رأسهم أمين سر اللجنة المركزية القائد التاريخي فاروق القدومي أبو اللطف …!!
وتمثل هذا الحرص على عدم خوض السجال مع الرئيس من خلال تعمد اللجنة عدم تحديد زمان ومكان المؤتمر العام لحركة فتح" أي عدم التعامل بالمثل ..
إلا أنهم في المركزية كانوا واضحين في إصرارهم على عدم انعقاد المؤتمر الحركي السادس الذي تأخر عشرين عاما أي عقدين من الزمن داخل الوطن المحتل .. دون أي إشارة إلى قرار الرئيس المجحف بحق الحركة وبحق الأخوة شركاء النضال وبحق القيادة التاريخية للحركة وبحق مسيرتها النضالية.
ورغم كل الذي حصل الا أن القادة الذين يشكلون اللجنة التحضيرية لم يستنكروا قرار الرئيس بأي شكل في قراره المتهور بعقد المؤتمر داخل الوطن .. إلا أنهم استخدموا أسلوبا ً لبقا ً في رفضهم للقرار "
حيث قالوا في بيانهم أن مكان المؤتمر سيكون باذن الله خارج الوطن .
شيء واحد يفسر ما جرى بعد قرار الرئيس بتحديد زمان ومكان انعقاد المؤتمر ورفض ذلك القرار بحق من قبل المركزية بأن يكون الهدف مما حصل هو خلط جديد للأوراق من خلال الارباك بل الزلزال الذي أحدثه قرار أبو مازن في صفوف أبناء الحركة في كل أماكن تواجدهم والذي وحسب تقدير العديد من المراقبين والمطلعين على الشأن الفلسطيني بأنه لم يكن قراراً عفوياً "وربما (مكره أخاك لا بطل … ولهذا الاكراه أوجه عديدة ) ولهذا الارباك والخلط المفتعل أسباب سياسية واضحة من خلال قراءة بسيطة للحراك السياسي في المنطقة .. يُراد تمريرها إما من خلال شرذمة فتح وتفجيرها من الداخل أو تطويعها وتدجينها وادخالها بيت الطاعة وإرضاخها سياسياً حسب الهدف السياسي الذي أصبحت تتكشف أبعاده عربياً ودوليا ًعلى أيدي تتمتع بصولة في صياغة القرار الفتحاوي … بعد أن عجزوا عن احتواء الحركة من الخارج ..
وأدركت اللجنة المركزية خطورة الوضع وحساسية اللحظة وأن رأس الحركة هو المطلوب أي بمعنى أن المشروع الوطني الذي يتعرص للتهديد برمته فلا هي تستطيع أن تتحمل تبعات إنقسام فتح وتشظيها "ولا هي ترضى أن تدخل في معمعان الرضوخ لتلبية المتطلب السياسي الخطير الذي باتت ملامحه واضحة المعالم والذي هو أخطر ما في الأمر , ولهذا تركوا الباب مواربا لأبي مازن .. وعليه أن يقرر لمن سينحاز …
وكما أنهم لم يحددوا الزمان لانعقاد المؤتمر كما فعل الرئيس أبو مازن .حتى لا يقعوا في المحظور الذي وقع به الرئيس والذي كان في وقت سابق من العام الماضي قد قال وبشكل جازم أن المؤتمر سيكون قبل نهاية العام … وقد مر العام ونصف العام التالي ولم يتحقق جزمه ..!
أعتقد أن الدعوة إلى إجتماع للجنة المركزية كاملة بعد شهر يهدف إلى تحديد وتجديد عمل اللجنة المركزية بعد غياب طويل عن العمل التنظيمي والمؤسساتي فالإجتماع القادم للجنة المركزية سيكون اجتماعا ً حاسما ً من أجل بلورة موقف موحد وجاد وإلزام الجميع بالقرار الجماعي وعدم السماح لأي مسؤول أن يتفرد بقراره أو حتى تصريحاته بما يؤثر على الحركة وسمعتها وبحث مسؤول لكل الأمور العالقة والتي أهملت وتجمدت بفعل المحاور التي أصبحت واضحة المعالم "مما يعني أن فتح ليست موحدة وهو أمر خطير ولا يحمد عقباه إن استمر …!
ومثل هذا الأمر يضر بالحركة وقواعدها المنتشرة في الأقاليم " وحسب معرفتنا بأن الأقاليم خارج الوطن وإن وجدت فهي ليست أحسن حال .. مما يزيد من تفكيك أواصر الأخوة الفتحاوية التي تضررت من خلال انعكاس التمحور والتكتلالت والشللية داخل الحركة ..
وأعتقد أن ما حدث من خضة للحركة كما هي الصعقة الكهربائية التي تستعمل لاعادة تشغيل نبض القلب عند توقفه … ويقع تحت بند..
(رب ضارة نافعة ) حيث ذاب الثلج وبان المرج كما يقال ..ووضحت الصورة .. بما يدعو للعمل على إعادة صياغة عمل اللجنة المركزية بشكل يعيد لها هيبتها وحيويتها التي فقدتها خلال السنوات الماضية … وهي خطوة إيجابة لتهيئة المناخ والظروف الأفضل للمؤتمر القادم.. وأهم من ذلك .. بأن ما يجري من حراك أحدثته المشكلة الأخيرة سيضع اللجنة المركزية أمام مسؤولياتها .. والتاريخ لا يرحم ..والأمة ترصد كل حراك " لا بل سيضاعف عليها حجم المسؤولية … بعد أن أخذت زمام المبادرة لأول مرة بعد أوسلو … وسيكون مفيدا ً لهذه المؤسسة أن تدخل المؤتمر بشكل أقوى وأفضل بعد الترهل الذي أصابها " و لو جاء انعقاد المؤتمر وهي في الحالة التي كانت قبل اتفاضتها لما كانت لتحظى بدعم ولا حتى احترام …!!
ولهذا فاللجنة المركزية بكل طاقمها دون هروب أحد من تحمل مسؤلياته ومسك العصى من المنتصف واتخاذ موقف اللاموقف … فهي مطالبة بأن تتقدم بخطوات أكثر وضوحا وتناغماً مع أبناء الحركة في كل اماكن تواجدهم وترميم ما حدث من تصدع بين صفوف أبناء الحركة في كل الاقاليم ومحاربة الاقصاء والتزلم وخلق التكتلات والتمحور داخل البيت الواحد .. فالاقاليم الخارجية هي صمام الأمان للحركة برمتها … وهذا يتطلب نشاطا ً غير اعتيادي من قبلهم تجاه القاعدة الفتحاوية التي اندثرت في بعض الأقاليم وهمش وضرب البعض الآخر ..
وذلك لإعادة الثقة التي تزعزعت بل وانعدمت مع مرور الزمن وخاصة أن هناك من عمل على التحريض عليها من خلال تصويرهم وكأنهم (خُشبٌ مسندة وغير ذلك من التشبيهات نترفع عن ذكرها ) وأنهم مجرد أسماء غير فاعلين" وقد أركنوا على تاريخهم "لا بل صوروهم كأنهم عبء على الحركة أو حتى (زيادة كالنقصان) … ربما تكون النتائج أفضل بكثير مما لو بقي حال المركزية على ما كانت عليه قبل المشكلة "فالمشكلة بل الانتفاضة للمركزية غيرت الكثير من المفاهيم خاصة لدى أبناء فتح .. فهذه انتفاضة على الذات شكلت صحوة أعادت الثقة بالنفس الفتحاوية نأمل أن تتصاعد وتيرتها لتصل من تطاول على القيادات التاريخية لهذه الحركة .. الآن بات من المؤكد والضروري بأن أعضاء اللجنة المركزية الأساسيين مطالبين بأن يثبتوا بأنهم قادرين على العمل والتضحية بوقتهم وبما لديهم من تجربة وإمكانات " وتسخير كل ذلك في خدمة التواصل بين الأجيال مما سيؤسس إلى إمكانية إعادة إنتخاب بعضهم .. والامكانية ستكون أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الحدث الأخير . إضافة الى إنتخاب عدد من الشباب الجيدين والمعروفين بنزاهتهم وتاريخهم المشرف …
فاللجنة المركزية التي حققت إنجازا ً في إنهاء ملفات المؤتمر ..ورغم الصعوبات الجمة التي تم تخطيها والوقت الطويل الذي استثمر .. أخذت على عاتقها صياغة برنامج المؤتمر القادم من خلال ما توصلت اليه الجهود المشتركة مع اللجنة التحضيرية … وكما أن القرارت التي صدرت عنهم مؤخرا أعطت إنطباعا جيداً لدى أبناء فتح رغم التباين في المواقف بينهم وبين الرئيس ومن معه من أعضاء اللجنة المركزية وهم القلة في العدد ومن حوله من جوقة المستشارين في السلطة وبعضهم ليسوا من فتح … مما شكل حالة من الإصطفافات التي ظهرت بشكل عاطفي للوهلة الأولى والتي مع مرور الوقت ستتغير أمام تحدي (الإلتزام والإنضباط ضمن المؤسسة الرسمية والأكثرية التي تُحتم على الأقلية أن تلتزم بها ) وأملنا أن يتبلور وضعا ً أفضل من خلال لم الشمل والانضباط ضمن المؤسسة الحركية ورأس الهرم الفتحاوي (اللجنة المركزية كاملة مجتمعة دون حرد ) . أملنا أن تنهض فتح من كبوتها ويتألق قادتها من جديد بعمل مشترك بعيداً عن التفرد والنزق الشخصي والإتفاق على كل القضايا المهمة وأهمها السياسية والتي يجب ان تتوافق مع طموحات شعبنا بحقهم في العودة وهو حقٌ قومي وطني شرعي (إلاهي) وعقدي "وهو بأهمية القدس وكل ما يتطلب هذا الحق من عمل وحراك وتعبئة شعبية وحق المقاومة" حقٌ لا يحق لأحد أن يلغيه مهما كان … كائن من كان … ما دام العدو مصر على التنكر لحقنا التاريخي "حقنا في نيل الحرية والإستقلال والعودة الى الديار التي هجرنا منها وسرقت منا … وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة وعاصمتها القدس …!!
والتاريخ لن يرحم .. وشعبنا لن يسامح من خذله … طال الزمان أو قصر " والله أكبر وإنا لمنتصرون باذن الله …!!