أرشيف - غير مصنف

المدونات نمط من الحرية الإعلامية المطلقة… ولكن

بقلم محمد أبو علان

الحرية المطلقة لا تعني بأي شكل من الأشكال الفلتان الشامل في كل مناحي الحياة، بل المقدرة على التعبير الحر في كل مناحي بما يتناسب مع القيم الاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد، وما قد يفهم أنه فلتان وانحلال في مجتمع ما قد يعتبر ثقافة وقيم اجتماعية في مجتمع آخر، بالتالي الحكم على الأمور يفترض أن يكون من هذا المنطلق، وأن لا يبتعد الفهم عن هذا الإطار. 
وما دفعني لنقاش موضوع المدونات وأهميتها لنا نحن المجتمع الفلسطيني بالتحديد هو معاودة "شبكة أمين الإخبارية" إطلاق المدونات من على موقعها بعد التغلب على عملية التخريب الذي تعرض لها الموقع منذ ما يقارب العام تقريباً.
فالواقع الفلسطيني بشكل عام والإعلامي بشكل خاص بات في معظمه جزء من حالة الاستقطاب السياسي التي كانت نتاج الانقلاب العسكري في قطاع غزة والذي قارب عمره على العامين، وبات من الصعب في الكثير من الأحيان على وجد نفسه خارج دائرة الاستقطاب أن ينفذ بقلمه ورائيه للكثير من المواقع الإخبارية الفلسطينية، وإن قدر له النفاذ يكون في موضوعات أهم ما يميزها هو الحيادية المطلقة، ولكن هذا لا ينفي وجود بعض المواقع الإخبارية المحلية التي نأت بنفسها عن لغة الاستقطاب والتحريض، واستقبلت برحابة صدر كل من حارب برائيه وقلمه لغة التحريض والاستقطاب الثاني.
من هنا تأتي أهمية المدونات على الصعيد الفلسطيني، فهي بمثابة المنفذ الحر لكل شخص يحاول أن يدلي برائيه بكل حرية، ودون أن يخضع لمزاج رئيس التحرير في الموقع الفلاني أو الموقع العلاني، ناهيك عن قدرة المدونين إن هم استغلوا موضوع المدونات بالشكل الإيجابي في التأثير على الرأي العام، ولنا في التجربة المصرية خليل دليل على ذلك، والتأثير على صناع القرار عبر السعي لتشكيل رأي عام ضاغط حول قضايا هامة وذات تأثير على حياة عامة الناس.
من هذا المنطلق يجب عدم الربط المطلق بين المدونات والقضايا السياسية فقط، فالسياسية تشكل محور اهتمام جميع المواقع الإخبارية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة، بالتالي يجب أن تأتي المدونات بشيء جديد يشكل قدر من الأهمية لحياة بني البشر، فعلينا استغلال الموضوع للحديث في القضايا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعادات والتقاليد وغيرها من القضايا التي هي على صلة كاملة بأوسع شرائح المجتمع.  
ولكن هذا لا يعني ترك الحبل على الغارب للمدونين، فلا بد من سيطرة ومسئولية للجهات القائمة على موضوع المدونات بالحفاظ على القيم الاجتماعية والثقافية والدينية للمجتمع المحلي من الاختراق تحت شعار حرية الرأي والتعبير.
 
 

زر الذهاب إلى الأعلى