سيدي الرئيس ….. لماذا نُحرم من جوازات السفر؟!

عبدالحليم أبوحجّاج

كلنا نضرع إلى الله أن يتولانا برحمته ، فيفرّج عنا كربنا  ويوحد صفوفنا وأن يعيد اللّحمة لجناحي الوطن على وفاق ما بعده افتراق. وكلنا يأمل أن ينكسر قيد الحصار الغاشم ، فتنفتح البوابات، والمعابر ، وتزول الموانع والسدود أمام الإنسان الفلسطيني الذي يحلم أن يأتي ذلك اليوم وبيده حقيبته ، متجهاً إلى معبر رفح لاجتيازه منطلقاً إلى حيث يشاء .ولكن هل يمكن السفر بدون جواز سفر ؟ فأين هو؟ ولماذا يُحرم منه أبناء قطاع غزة؟ وإلى متى يبقى هذا الجواز تحت الإقامة الجبرية في رام الله ؟ وإني لأتساءل : هل هو عقاب جماعي بحرمان مليون ونصف المليون نسمة من حقه في الحصول عليه ؟.وإذا كان الفلسطيني يعاقب فلسطينيين عقاباً جماعياً ، فماذا أبقينا في جعبتنا لمواجهة العدو الصهيوني الذي ما انفك يعاقب شعبنا عقابا جماعيا في شتى مناحي الحياة اليومية ؟. وماذا بقي لدينا من دفاعات ومرافعات لتجنيد ما يمكن تجنيده لصالح قضيتنا العادلة من أفراد ومؤسسات وقوى إقليمية وعالمية لمؤازرتنا ومساندتنا ضد ممارسات الاحتلال وانتهاكاته لحقوقنا الإنسانية وعقابه للشعب كله عقاباً جماعياً؟.
        سيدي الرئيس/ إنّ الاعتقال الإداري لدفاتر جوازات السفر ومنعها من الوصول إلى قطاع غزة هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان . وإنه لا يرضيك يا سيدي الرئيس أن يُسلب حقي في الوجود وأنا موجود ،وأن يُسلب حقي في حرية التنقل والسفر وأنا قادر ومقتدر ، ذلك أن جواز السفر تجسيد للشخصية الفلسطينية والهوية الفلسطينية في دولة فلسطين التي ننشدها ونسعى جاهدين لإقامتها ورفع قواعدها وراياتها .
        سيدي الرئيس/ هل كنا على ضلال طيلة العقود الأربعة الماضية؟ هل كنا نغطّ في نوم عميق و نعيش على الأمل والأمنيات عبر أحلام وردية مغموسة بالدم الطاهر الزكي الذي سال من الأوردة والشرايين، فنصحو اليوم وقد تلاشى ذلك الحلم الجميل؟. هل كنا على باطل يوم كان التفافنا حول منظمة التحرير الفلسطينية ونحن نقارع الاحتلال ونقول : نعم لمنظمة التحرير ولقيادة منظمة التحرير ؟. فهل تخلى عنا ممثلنا الشرعي والوحيد ؟.هل كنا مغفلين يوم انطلقت زغاريدنا وأهازيجنا مرحبة بقدوم سلطتنا الوطنية التي جاءت بعد رمية حجر من يد طفل فلسطيني أسقطته بندقية الصياد شهيدًا ، أو أفقدته عضوًا فاعلا ًفي جسمه ؟.ألا تستحي سلطتنا الوطنية من نفسها أن تدير لشعب قطاع غزة ظهرها ، وتشيح عنه بوجهها وتعاقبه بالجملة لا لذنب اقترفه  إلا أنه وطني مخلص لفلسطينه حتى الممات ؟.                                                                                                                                                                               
       سيدي الرئيس /لا تتركنا نجترّ ماضينا فنضرب كفاً بكف ونقول سقى الله أياماً قضيناها تحت ظلم الاحتلال، وسقى الله سنيناً أمضيناها في غربتنا عندما كنا نحمل شخصيتنا الفلسطينية من خلال وثيقة سفر فلسطينية نتجشم الأهوال ونتكبد الأموال لتجديدها أو إضافة مولود فيها، فكنا نرسلها مع مسافر إلى بلاد العالم حيث توجد إحدى سفارات الدولة التي صدرت منها هذه الوثيقة . فهل يعود بنا الزمان إلى محنتنا في استخراج جواز السفر أو تجديده ونحن نعيش على الأرض الفلسطينية التي تصدره ولا نتمكن من الحصول عليه؟ أوليس لنا من طريق إلا أن نتجرع الذلة والهوان ودفع الأموال لمسافر إلى رام الله أو لمقيم في رام الله أو لأحد مكاتب السياحة التي تتعامل مع رام الله ؟ . ويا أسفاه عندما تتعطل المعاملة بسبب اختلافنا على لون خلفيّة الصورة الشخصيّة ! . فلماذا كل هذا العذاب وبيدكم قرار راحتنا وحفظ كرمتنا ؟.
       سيدي الرئيس / أنت أ درى الناس بحجم معاناتنا ، فلا تدع أحداً يزيد على همومنا ، ولا تدع مستشارًا يشير عليك بالانتقام من قطاع غزة لغرض في نفس يعقوب. فكفانا هموماً أننا نقبع خلف جدران باستيل كبير اسمه قطاع غزة.    
        سيدي الرئيس / قد يبدو للكثيرين ممن يعيشون في رام الله أن موضوع الجوازات أمر هين ، ولكن الذي يعيش مشكلاتنا في قطاع غزة يعلم أنها عويصة ومعقدة وتستحق الشكوى والتظلم ،ولكن إلى من نشكو حالنا ؟ فهل نتقدم بالشكوى من سلطتنا الوطنية إلى مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ؟ إنه لمن العار علينا أن يحرم بعضُنا بعضًا من حقوق يستحقها ؟
       سيدي الرئيس/ المعابر مفتوحة وحرية السفر والتنقل عبر القارات مكفولة لكبراء القوم ذوي الدفاتر الحمراء والدماء الزرقاء سواء في رام الله أوفي غزة ، ولكن عامة الشعب في قطاع غزة يعيشون القهر في ضيق وكآبة  وهمّ دفين ، ولا يُسمع منهم إلاً الأنين وتأوهات الحسرة . فالطالب قد حزم أمتعته منذ عدة شهور متأهباً للسفر. وصاحب الإقامة يتحرق شوقاّ للسفر . والمريض يتجرع المُسَكِّنات صباح مساء  ينتظر يوم السفر، والزهقان يرقب الأيام لعله يسافر فيخرج من عزلته إلى بلاد الله ليستشفي نفسه من أمراضها العصّية. كلهم يتشوف ببصره ويتطلع بفؤاده نحو معبر رفح لعل بوابته تنفتح فيمر من خلالها المسافرون .ولكنْ، المسافرون لا يسافرون بدون جوازات سفر. أليس كذلك سيدي الرئيس؟.
         وهل نتوقع من السيد الرئيس أن يستخدم صلاحياته التي يخولها له القانون، فيخفف عن الناس شيئاً من تكاليف الحياة وقسوتها بأن يُسمح لهم بضم الأطفال دون سن السادسة عشرة إلى أحد الوالدين، كما هو الحال في الهوية الشخصية، وذلك بإضافتهم في دفتر جواز سفر واحد بدلاً من هذا الكم العددي من الدفاتر؟.
        ألم تكن وثيقة السفر الفلسطينية ونحن في شتاتنا أفضل حالاً مما هو عليه جواز السفر الفلسطيني بعد قدوم السلطة؟ فأيها أقل تكلفة وأقصر جهداً عند الإصدار أو التجديد: جواز سفر واحد أم خمسة؟ أيها أطول انتظاراً وأكثر شقاءً : أن تحمل وتقدِّم جواز سفر واحداً أم سبعة لطلب تأشيرة دخول أو خروج؟ أيها أضْيَع أملاً وأخيب رجاءً :ً أن يستمع السيد الرئيس ويستجيب لدعوة الداعي إذا دعاه، أم يَصُمُّ أذنيه ويغمض عينيه عمن دعاه؟.      
       فمتى يا سيادة الرئيس نقرأ في الصحف ونسمع عبر التلفاز أن جوزات السفر محمولة  في طريقها إلى قطاع غزة وبإمكان المواطنين الحصول عليها في يسر وسهولة، بدون معاناة أو مكابدة ، وبأقل التكلفة؟. إنك على ذلك لقدير، وعسى أن يكون ذلك قريباً إن شاء الله….         *****
                   
 
 
Exit mobile version