أرشيف - غير مصنف
لعنة الكفيل !!
بقلم د/رفعت سيد أحمد
أنتظرت ان يرد احد المسئولين او العلماء أوالمثقفين على طرائف السيد /هشام الناظر سفير السعودية بالقاهرة والمنشورة فى صحيفة المصرى اليوم 12/5/2009 والتى عنوانها بـ(لا يوجد لدينا نظام الكفيل واذا اجرينا استطلاعاً بين العمالة المصرية سنجدهم(مبسوطين)، وتضمن الخبر خلاصة حديثه الى نادى سيدات ليونز العاصمة الذى كان يحاضر فيه السفير السعودى عن العلاقات السعودية المصرية، والطريف ان الوهابية تكفر هذه الاندية :فهل سيادة السفير غير وهابى ام ان علماء السعودية الوهابيين تطور فكرهم الى حد النكوص عما سبق وكفروه ؟! على اية حال نفس الاقوال اطلقها (الناظر) اثناء صالونه الشهرى الذى يدعو فيه صفوة من السياسيين والمثقفين المبهورين بالاكل والثقافة السعودية (هكذا قال احدهم من الناصرين السابقين للاسف!!)واصر السفير على تكذيب كل ما نشرته الصحف عن جرائم نظام الكفيل وعمليات الجلد المستمرة للمصريين بخاصة فى المملكة ولما وجد ان انكار جرائم الجلد لم يعد مفيداً امام رأى عام مصرى وعالمى يقرأ ويشاهد ويتابع أطلق مقولته الغريبة التى نشرتها المصرى اليوم وقال فيها نصاً-لم يكذبه هو او غيره لاحقاً- انه لا يوجد فى مملكته نظام اسمه نظام الكفيل، وكانت نكتة ، ومزحة كما يقول المصريون (واسعة شوية)، لان ما يعانيه كل مصرى عمل ولا يزال يعمل فى المملكة وما سجلته التقارير الحقوقية فى مصر وخارجها يؤكد عكس (نكتة) سيادة السفير ،والذى نؤكد له ولمن يتحدث مثل اقواله ان ذلك غير صحيح والكفيل نظام قائم وموجود ومهين ، ولعلنا بهذه الصراحة فى القول نساهم قليلاً فى توقفهم عن تلك التصريحات او على الاقل ترشيدها ، لان المصريين وباللهجة العامية ذاتها التى قال بها السفير السعودى انهم (مبسوطين) فى المملكة ،هم ايضاً (مش عبط) للدرجة التى يصدقون فيها ان نظام الكفيل غير موجود الا فى خيالهم.، ودعونا نسجل ما يلى عله يفيد:-
أولاً:- ان نظام الكفيل من الانظمة الرئيسية المعمول بها فى السعودية منذ الستينات من القرن الماضى وربما قبلها وهو نظام لاحظ له من اسمه، والمفترض إسلامياً انه نظام حماية للاجير او العامل وكفالته مما يتعرض له من ظلم فى الاجر او فى حقوقه الانسانية ، مع الزمن وتتطور الاوضاع فى الخليج وبخاصة فى السعودية وتزايد سطوة النفط والثروات التى لم يتعب اصحابها فى تحصيلها،بدأ نظام الكفيل يتحول الى نظام عبودية بالمعنى المباشر للكلمة ،حيث تصادر حرية (العامل) وتهان كرامته منذ اليوم الاول لوصوله الى مكان العمل ، وتبدأ المعاناه بسحب وحجز جواز سفره فلا يتحرك او يمارس حياته الطبيعية الا بأذن من كفيله الذى يكون فى الغالب كاره له ،شاعراً بأنه يملكه ويملك حياته ذاتها . ومع وجود (عقدة تاريخية) معروفة ضد المصريين بخاصة فى تلك البلاد منذ ايام محمد على باشا وليس فحسب ايام عبد الناصر تحولت الكراهية للمصرى الى (عقيدة) ومنهج عمل ثابت وتقارير المنظمة المصرية لحقوق الانسان منذ منتصف الثمانينات وحتى التقرير الاخير الصادر الشهر الماضى (أبريل 2009) حافل بالآف الحالات و(المآسى التى ندعو السفير /هشام الناظر ومن استمع اليه فى (نادى ليونز سيدات العاصمة) او فى صالونه الشهرى ان يقرأها او يزور موقعها ،ليرى هل الامر مجرد حالات فردية ام حالات جماعية؟ وحتى لو كانت حالات فردية الا يدخل المسلم النار فى قطة حبسها وفقاً للحديث النبوى الشريف؟ الا يغضب الله لدم مسلم واحد وحرمته لديه اكبر من حرمة الكعبة ذاتها كما انبئنا نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) ؛وهل لانها (حالات فردية) –بإفتراض انها كذلك -تستدعى كل هذا الصمت او التزييف وعدم المواجهة كما جرى ويجرى من المسئولين فى تلك البلاد او هنا فى بلادنا المنكوبة والمبتلاة بالمتسعودين الجدد من مثقفين ومسئولين.
ثانياً:- نحسب ان الافيد للسعودية ولسفيرها فى القاهرة ،وبدلاً من هذه التصريحات والتحركات التى لايمكنها ان تخفى ضؤ الشمس،شمس الحقيقة ، ان يواجه الحقائق وان يعترف بوجود مآسى انسانية شديدة الظلم بسبب نظام الكفيل وان الجلد عقوبة غير قانونية وغير انسانية وبالطبع غير اسلامية ولان الاسلام لايقر هذا الاسلوب فى تعذيب البشر بأسم الشريعة وهى براء من ترهات غلاة الوهابية نحسب ان هذا افضل للعلاقات المصرية السعودية وليس انكار الحقائق او تجميل القبح والظلم فى صالونات لا يحضرها الا نخبة انفصلت عن امتها وهموم شعبها، وهنا دعونا نسأل: هل يقبل ضمير الكاتب الحر، والعالم النزيه وسيدة المجتمع المحترمة فى أندية الليونز (التى لا احترمها شخصياً واراها شكلاً من اشكال الاختراق القيمى الامريكى الاسرائيلى لمجتمعاتنا الاسلامية ) ..هل يقبل هؤلاء اذا كانوا فعلاً احراراً ومنتمين –بجد- لهذا الشعب أن يقرأوا مثلاً فى الاهرام بتاريخ 23 مارس الماضى 2009 الرسالة الشهيرة المرسلة من مئات الاطباء المصريين بالسعودية وعنونتها صحيفة الاهرام بـ(ذل الكفيل) وورد بها معلومات مذهلة عن هذا النظام المهين لكرامة وادمية المصريين فى السعودية… هل يقبل ضمير هؤلاء المثقفين والنشطاء فى المجتمع المدنى أن يقرأوا ذلك او ان يسمعوا او يشاهدوا قصة الطبيبين المجلودين (1500 جلدة يعنى ابو لهب نفسه يخجل بالحكم عليهم بها ) ، ثم لايقولون للسفير السعودى فى القاهرة (لا يا سيدى) يوجد فى بلادكم نظام الكفيل وبأسمه ارتكبت مئات بل الوف المآسى والجرائم؟ وكيف يصنف هؤلاء اصلاً بأعتبارهم مثقفين او اعلاميين او سيدات مجتمع راقى وهم يرون ويسمعون ولا يقولون مجرد كلمة لا؟كيف؟
* أخيراً …نحسب أن نظام الكفيل وما يرتبط به من عقوبات وهضم للحقوق وإهانة للانسانية وللدين ، هى التى دفعت دولة البحرين لالغاءه، ومن ثم استحقت التحية من كل صاحب ضمير حر وليس من الاجراء ،وباعة الاوهام، وسماسرة السفارات والسياسة والمجتمع المدنى فى بلادنا المنكوبة بهم ،والله أعلم.