أرشيف - غير مصنف

مدائن القلب والوجع

م. العرفي

 
(على وشك البكاء)
 
الزوج الذي نطق: يا لعينة، قبل أن يمت
الأرملة التي لم تبكِ على زوجها
الشاب الذي يرقبها خلف الستائر
القط الذي تثائب وأغمض عينيه !
كلهم، لا يعرفون أني أضحك الآن بمرارة.
 
 
(محاولة)
 
عبثا،
يضع العالم قدما على أخرى
 يفرك ذقنه.. يمعن النظر
 كي يدرك سر جمالك !
 
(إقرار)
 
– أنت ممن يصنعون الدهشة بأقل الأشياء
تنقلب لك الأضداد !
– عندما تمتلك امرأة تحبك من كل قلبها،
 يكون كل ما تفعله مدهشا.
 
(حكاية)
صاحب أحدهم إحداهن وكانت تحبه حبا جما، فلما أراد أن يهجرها، قال لها:
بحق صحبة الأيام، خبريني عن عيوبي قبل أن نفترق
فأجابته:
سل غيري فإني كنت أراك بعين الرضى.
 
 
(جرح في جيبي)
 
قلما تعاني جيوبنا الثقوب، ومع ذلك لا يبقى مال بها
أما القلوب، كلما ازدادت ثقوبها، احتفظت بآلامها.
 
 
(كتف منحدر)
 
أدواي قلبه،
 أتقمص دور الناصح الأمين،
 وأعطيه دواء لم آخذه
تجرع يا صاحبي مرارة الوصفات العابرة !
 
(مشاكسة)
 
لنكن صرحاء
أنا لا أحبك،
شيء أكبر من هذا
بكثير !
 
(نصف حقيقة)
 
كُفي عن وضع الرسائل تحت باب غرفتي،
عن تسريب اعترافات الشوق المضمخة بالحبر
فأنا لا أرضى منك إلا بكِ؛
وعلى يقين بأنه لا خير فيمن لم يأتِ بهم الشوق !
 
(مراودة)
 
الشاعر الذي هب من نومه ليكتب شطرا
القاص الذي انبلجت له شمس الحكاية
الكاتب الذي فك أقدامه المتشابكة، واعتدل في جلسته
كتبوا عن عينيكِ، الوقوع في شرك هواكِ، علة الروح والجسد بعد رحيلك..
بورك المزن، وانكسر القلم !
 
(مراياكِ)
 
 الشاعر يدندن:
حبيبك ياقمري
ما زال طيبا
ما زال ساذجا
تقوده خطاه، لمناطق وعرة في نفوس البشر.
 
 والقاص يضغط سن قلمه:
حبيبها
يبكي ويضحك بين خاطرتين
حبيبها
يؤرخ للحزن منذ الثامن عشر/ يوم الفراق/فجر الوجع
حبيبها
 يحفظ مكان الفراق، في الربع الأخير من كوبري قصر النيل !
 
 والكاتب يرتعش وهو يختم رؤيته:
لم يعد كافيا أن يمرض بها، لابد من موت يكلل مرورها أمام نوافذ قلبه المشرعة. 
 
 
(تظاهر بالموت)
 
يكفي أن تتظاهر بالموت
كي تنخلع أوتاد قلبي !
 
(جفاء)
في طفولتنا كنا نتناطح مثل خراف حمقاء
لا أذكر كم مرة عضضته
ولا عدد المرات الذي خمش فيها وجهي بأظافره
لكنني أحبه !
اليوم هو راقد بالمستشفى في سريره الأبيض
لا أستطيع أن أراه هكذا !
لم يبقوا له شعرة واحدة كي أشده منها
أقسم أن هذا الصعلوك، أصبح يشبه الملائكة
خبره نيابة عني:
لو تموت، لن أحضر جنازتك !
 
 
(حماقة)
 
نزرع في كفينا أرقا
ونطير صوب المستحيل
لا جُناح علينا !
 
(زمن)
 
أنا الطفل الذي قطف التوت
من أجل ثغرك باسماً
وأنا الصبي
أغرق شعره"بالجل"
ليلهو أمام باب مدرسة بعيدة
وأنا الشيخ الكبير
يلهو بمسبحة
عدد أيام وحيدة !
 
 
(عجز)
 
يضيق به رحم اللغة مهما اتسع
يفر من معنى إلى معنى
فينشد عند أظفارها متلعثما:
أُحِبُّكِ..
ورغم أني أحب أن أكرهك
لا أكرهك !
 
 
(ختام)
 
لا أنا لحبيبي
ولا حبيبي إلي !
 
 
م. العرفي

زر الذهاب إلى الأعلى