أرشيف - غير مصنف
الدواوين: مجالس لها تاريخ …
بقلم : علي دراغمة
الدواوين… حاجة الفلسطينيين الملحة في غياب دولة القانون والقضاء النزيه في زمن الأحتلال والفلتان ألأمني…. لا تزال تعمل حسب الحاجة .
منذ القدم اعتاد الفلسطينيين على اقامة (الدواوين) وهى مجالس العائلة التي تقام فيها المناسبات من افراح واطراح وفيها كان يبيت الضيف سابقا ولها يلجأ الثوار وحسب قوانينها تحل الخلافات على الأرض والعرض وفيها تعرف حدود الله وينصف المظلوم ويعاقب الظالم بما يسمى( بقعدة العرب) التي اشبه ما تكون بالمحاكمة العلنية بحضور حكماء العشيرة .
في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية لا زال يجلس احد اهم حكمائها المختار يوسف الانيس البالغ (86) عاما في ديوان عائلة ايو محسن الذي تم بناء الجزء القديم منه منذ اكثر من مئه عام ،ديوان له اصالتة وتاريخة كما هى احوال كل الدواوين في البلدة وفي هذا الديوان كانت ولا زالت تحل العقد وتعقد راية الصلح بين المتخاصمين .
يستمع المختار لأخبار العائلة والبلد ولا زال يتمتع بذاكرة قوية وعندما يتحدث عن الماضي يقول"زمان كان احسن كنا نزرع الارض ونعيش فيها بحرية "يتفقد جميع الرجال ويسأل عن الغائب ويذهب لزيارة من تخلف عن الحضور الى الديوان .
ولا يفوته السؤال عن الارض والزرع والمطر وتفقد القهوة المرة ويشد من ازر المنكوب والضعيف ويعلم الاخرين الحكمة والصبر عند الشدائد .
وبسبب غياب دولة المؤسسات و القانون الحضاري في سنوات الأحتلال لجأ المواطن الفلسطيني بأستمرار الى العائلة والديوان كبديل عن السلطة المركزية حتى يشعر بالحماية ويحافظ على ممتلكاتة وصيانة شرف العائلة وعدم المس بالاخرين وكل فرد من افراد العائلة يعرف ما له من حقوق وما علية من واجبات حتى اصبح الديوان يقدم خدمات حقوقية من الصعب الاستغناء عنها في المجتمع الفلسطيني .
شارك المختار يوسف الانيس بحل اكثر من (50) مشكلة تتعلق بالدم والشرف والعشرات من المشاكل المتعلقة بحدود الارض والنزاع على الميراث والدين غالبيتها وقعت في شمال الضفة الغربية على مدار تسلمة المخترة من عمة الحاج يونس المحمود سنة ( 1964) ولا زال يشارك الاخريين مناسباتهم حتى يومنا هذا .
وبحسرة يتحدث المختار عن فلسطين ونكبتها على يد العرب والعجم قائلا " العرب رفضوا تزويد القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني بسلاح قبل ان يستشهد في معركة القسطل بعد ان قابلهم في سوريا عاد خالي الوفاض " وفي رثاء القائد الحسيني يحفظ المختار "دقت عروش الكون واستعرت نيران القادري …..يوم الخميس لفقدان عبد القادر…
و بفخر يستذكر زيارة القائد الفلسطيني عبد القادر الحسيني سنة (1948) الى الديوان طالبا عدد من ابناء البلدة للأنضمام للثورة فالتحق بقواته سبعة متطوعين عاد منهم ثلاث واستشهد الأربعة الآخرين في معارك الثوار ضد العصابات الصهيونية،وكان اصغر الشهداء الثوار عبد الوهاب المسلماني البالغ(16) عاما وعادل يوسف دراغمة وخليل فقهاء ويحيى ابو عرة ويوسف علي دراغمة وبقي على قيد الحياة من الثوار حتى يومنا هذا رشدي السعيد ومصطفى المطر .
واكثرما يفخر به المختار يوسف الانيس الذي يتجلل بعبائة العز والرأس المرفوع ان طوباس وعائلاتها لم تفرط بأي متر من ارض البلدة التي تصل مساحتها الى (360) الف دونم ولم يثبت بيع اي ارض للأحتلال الذي صادر بقوة ألأمر العسكري ألاف الدونمات لصالح الاستيطان الزراعي ومعسكرات تدريب الجيش الأسرائيلي التي تعد بالعشرات ومنع السكان من الوصول الى اراضيهم الا عبر تصاريح خاصة .
ولا زال المختار يذكر قصة شيخ مشايخ بيسان محمد الزناتي الذي قتل على يد مجموعة ثورية فلسطينية كانت تسمى بالكف الاسود سنة (1946) داخل صالون حلاقة في مدينة حيفا بعد ان تورط المذكور ببيع ارض للأعداء في مدينة بيسان ، و يذكر بمرارة قصة هروب قائد جيش الانقاذ العربي فوزي القاوقجي الى سوريا دون ان يحارب قبيل النكبة الفلسطينية .