أرشيف - غير مصنف
السعوديون على طريق التحرر من عقدة الخوف.. بقلم حبيب طرابلسي
لم يصدر حتى الآن أي رد فعل من السلطات السعودية على عريضة الناشطين المطالبين بإجراء إصلاحات سياسية جذرية في المملكة التي يعتبر فيها الضغط على الحكومة من المحرمات والتي بدأت رغم ذلك تشهد اعتصامات احتجاجية كان من أبرزها تجمهر عاطلين عن العمل أمام قصر الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وكان 77 ناشطاً، أغلبهم من مناضلي حقوق الإنسان والمحامين، دعوا في 13 مايو/أيار الجاري في العريضة الموجهة إلى الملك عبد الله وعشرين من كبار المسؤولين السعوديين إلى الحد من سلطات الأسرة المالكة، مطالبين خاصة "بأن يكون رئيس الوزراء من عموم الناس (…) و بالحد من تولية الأمراء في المناصب الحكومية، وبوضع آليات تكفل عدم سيطرة بعضهم – المباشرة وغير المباشرة – على مفاصل الاقتصاد".
وانتقد الموقعون على العريضة، وأغلبهم من النساء، "المحاكمات السرية" لنحو ألف من المشتبه بارتباطهم بتنظيم القاعدة.
وكان وزير الداخلية، الأمير نايف بن عبد العزيز، قد كشف عن "بدء المحاكمات الفعلية للمتهمين بالإرهاب" في حديث لـ’عكاظ’ من نيويورك في فبراير/شباط الماضي.
ويقول أحد الموقعين على البيان إنه "لا يزال الوقت مبكراً لأي رد فعل من السلطات السعودية التي ربما ستتجاهل الخطاب".
وأضاف الناشط، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريح لموقع "سعوديويف" أن السلطات "ربما تستدعي بعض الموقعين إما لمناقشة محتوى الخطاب أو لتحذيرهم والطلب منهم عدم القيام بأي نشاط في المستقبل، أو أن تتم مضايقة الموقعين من قبل السلطات الأمنية، كما حدث في السابق".
لكنه أكد أن الموقعين "سيواصلون العمل بأسلوب سلمي للمطالبة بدستور عصري يفصل بين السلطات و ينص على حقوق المواطنين، وبرلمان منتخب، للتحول إلى ملكية دستورية كما هو الحال في المغرب مثلاً".
وأضاف "سنواصل العمل حتى و لو تم اعتقال بعض الموقعين. وقد سبق وأن اعتقل بعض المنتمين لتيارنا مثل الدكتور عبد الله الحامد و الدكتور متروك الفالح ".
ومن شأن هذا "الخطاب" أن يعزز من محاولات كسر جدار الخوف، التي برزت في الأشهر الأخيرة عبر عدد من الإعتصامات في بلد يعتبر التظاهرات من الأعمال التي تشيع الفوضى وتخل بالنظام العام، علماً بأن المملكة وقعت على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تنص المادة 20 منه على أن "لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والاجتماعات السلمية".
وفي سابقة هي الأولى من نوعها تشهدها السعودية، تجمهرت مجموعة من الشباب العاطل عن العمل في مارس/آذار الماضي أمام قصر الملك عبد الله بالرياض، مطالبين باستحداث وظائف لخريجي كليات المعلمين.
وقد أوقف العاهل السعودي موكبه خلال خروجه من قصر اليمامة ليستمع للخريجين، حيث تقدم ثلاثة منهم لشرح معاناتهم قبل أن يقدموا له خطاباتهم."
وأكد عدد من الخريجين بان الملك عبر عن اهتمامه بالخريجين قائلاً "خلاص، خلاص، خلاص"، قاصداً بأنه سينظر في وضعهم قبل أن يلوح لهم بيده الكريمة مغادراً"، كما ذكر موقع "سبق" الإلكتروني..
وأكد عدد من الخريجين لـ"سبق" بأن "كلمات خادم الحرمين الشريفين بثت في نفوسهم الطمأنينة ومع ذلك سيواصلون الاعتصام لحين النظر في وضعهم (…) حيث لجأ بعضهم إلى تجهيز فرش للنوم أمام بوابة وزارة التربية والتعليم، تعبيراً عن معاناتهم، كما قدم العديد منهم من خارج العاصمة الرياض متكبدين مشاق السفر".
وكان حوالي 250 من الخريجين قد تجمهروا قبلها بيوم أمام مبنى وزارة التربية والتعليم، قبل أن يفض التجمع بعد أن أكدت لهم الوزارة بأن هناك وظائف للخريجين سيعلن عنها لاحقاً.
وفي أغسطس/آب الماضي، تجمهر أكثر من 700 طالب من خريجي كلية المعلمين أمام وزارة التربية والتعليم، للمرة الثانية خلال أسبوعين، مطالبين بتوظيفهم.وكانت قوة أمن الطوارئ والشرطة قد تدخلت لتفريق المتجمهرين الذين طالبوا بلقاء وزير التربية والتعليم، كما ذكرت الصحف المحلية.
أما في الطائف، فاعتصم أكثر من 300 مواطن من أهالي العارمية خلال أبريل ومايو للمطالبة بوقف عملية التخطيط فوراً في أراض يؤكدون ملكيتهم لها وبإنهاء حالة "الفوضى والتحايل على الأنظمة" من جانب "الطرف الآخر، المسيطر على الأرض" والذي لم تذكر الصحف هويته.
وواصل الأهالي اعتصامهم لأكثر من 13 يوماً، مما دفع بالجهات الأمنية إلى تخصيص عدد من الدوريات الأمنية لتتمركز في الموقع تحسباً لحدوث اشتباكات.
وتم إيقاف حوالي 20 شخصاً من المعتصمين اضطروا إلى الإضراب عن الطعام للاحتجاج على توقيفهم بدون عقوبة جنائية تستدعي ذلك.
وشهدت مدن وقرى ذات أغلبية شيعية في شرق المملكة مسيرات احتجاجاً على "اعتداء" عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على زوار مقبرة البقيع" من الشيعة الذين قاموا باعتصام حاشد في باحة المسجد النبوي بالمدينة المنورة في فبراير/شباط الماضي.
وفي الآونة الأخيرة، شهدت المملكة بعض الأعمال الاحتجاجية.
ففي 19 مايو/أيار توقف العمل في مستشفى عيون الأحساء بسبب عدم تسلم أعضاء الطاقم الطبي لرواتبهم، مما أجبر إدارة الشؤون الصحية على التدخل لدى الشركة المسؤولة وتم إنهاء المشكلة وعاد العمل إلى طبيعته.
ومن ضمن هذه التحركات الجماعية، توقف موظفين عن تشغيل المكائن الواقعة في قرية أبو حويرك شرقي الليث، مما تسبب في حرمان أهالي الليث من المياه.كما أدى توقف العمال والموظفين عن العمل في القنفذة، بسبب عدم صرف مرتباتهم لأكثر من 9 أشهر متتالية، أدى بدوره إلى توقف ضخ المياه في الشبكة.
وأكد مساعد مدير مكتب العمل والعمال في القنفذة أن الموظفين سيحصلون على حقوقهم كاملة بعد انتهاء القضية والتي تم عرضها على محافظ الليث والجهات الرسمية.
وأبرزت العملية العسكرية الإسرائيلية "الرصاص المصبوب" في قطاع غزة في الشتاء الماضي انقساماً عميقاً لدى السعوديين في نظرتهم إلى الحق في التظاهر بين مؤيد للنزول إلى الشارع للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين ومعارض لهذه "الأعمال الغوغائية التي تشيع الفوضى وتخل بالنظام".
وبرز ذلك الانقسام عندما دعت الحركة الإسلامية للإصلاح، بالنيابة عن أطياف سياسية أخرى، المواطنين والمقيمين في المملكة إلى التجمع في عدة مساجد يوم الجمعة للتعبير عن تضامنهم مع "الإخوة في غزة".
واليوم تعود الحركة، التي تتخذ من لندن مقراً لها، لدعوة المواطنين في 29 مايو/أيار المقبل لأداء صلاة الجمعة في مساجد محددة، من أجل "تجمع يثبت فيه الشعب أنه يستطيع أن يقول كلمته وينتزع حقه ويستعيد ما نهب منه"، كما تقول الحركة في بيان نشر على موقعها على الانترنت وبث على قناتها التلفزية، تحت شعار "تحرك – أنت المسؤول عن إنقاذ بلدك".
وكانت الحركة، التي يتزعمها سعد الفقيه، نجحت في تنظيم تجمعات في مدن سعودية عدة في أكتوبر/تشرين الأول 2003 وتدخلت آنذاك قوات مكافحة الشغب لتفريق المعتصمين بالهراوات.
وفي سنة 2004 تمكنت قوات الأمن، التي انتشرت بشكل مكثف، من منع تظاهرتين دعت الحركة إلى تنظيمهما في الرياض وفي جدة.
وتتهم هذه الحركة النظام السعودي "بالفساد والانحراف عن الشريعة الإسلامية".
ويعلق أحد القراء على "ظاهرة الاحتجاجات غير المسبوقة" في المملكة قائلاً "المضحك في الأمر أن المظلومين في المملكة لابد أن يضربوا أو يتجمهروا حتى يبينوا للدولة أنهم مظلومون".
ويرد آخر "اللهم أحفظ الملك عبد الله، بإذن الله، مادام أبو متعب موجود، وهو المشهود له برغبته في الإصلاح والتغيير البنّاء، فبإذن الله حرية التعبير والتظاهر مكفولة".