أرشيف - غير مصنف

السلام الذى يريد نيتنياهو!

دكتور ناجى صادق شراب

هل لنيتنياهو رؤيته الخاصة للسلام ؟ وهل ذه الرؤية مختلفة عن السلام الإسرائيلى . وما علاقة هذه الرؤية بالأيدولوجية الصهيونية ؟ لعل الفارق بين إسرائيل من ناحية والفلسطينيين والعرب عموما ، هذا التوحد بين الساسة فى إسرائيل وألأيدولوجية التى تحكم تفكيرهم ، فعندما يتحدث نيتنياهو عن السلام فهو يتحدث عن السلام الذى تريده إسرائيل وتلتزم به كل القوى وألحزاب السياسية فى إسرائيل ، وتحكم مرجعيته ألأيدولوجية الصهيونية ، ولذلك القادةوالساسة فى إسرائيل لا ينفصلون ولا يعبرون بشكل مستقل عن هذه أليدولوجية ، وفى هذا السياق أفختلاف بين ما يطرحه نيتنياهو وغيره قد يكون إختلافا شكليا فى ألسلوب وليس فى المضمون ، وهذا ما يفسر لنا عدم الإختلاف فى البرامج السياسية للأحزاب فى غسرائيل فى كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، توافق حول القدس كعاصمة أبدية وموحده ، وتوحد حل المطالبة بيهودية الدولة وعدم تطبيق الشق الخاص بعودة اللاجئيين الفلسطينيين ، وحتى فيمكا يتعلق بالدولة الفلسطينية وشروط قيام هذه الدولة ومواصفاتها .والموقف ذاته بالنسبة للمستوطنات والتمسك بها والتوسع فى بنائها . نيتنياهو لا يخرج عن هذا السياق السياسى العام . لكنه يتميز يقدرة بارعة على توظيف لغته وقدرته على ألإقناع ، فهو قد يخفى ما يريد من خلا ل ما يطرحه من مبادرات فى شكل قوال قد تلامس حاجة المواطن العادى ، لذلك نراه يتحدث عن تحسين الظروف المعيشية وتحسين الإقتصاد الفلسطينى بفتح المعابر لو جزئيا وتدفق السلع الإقتصادية ألإستهلاكية ، فهو يريد شعب يأكل ويشرب ويرضى بما هو مقسوم له ، هو هنا يضرب على وتر ألحوال أفقتصاديى الصعبة التى يعيشها الواطن الفلسطينى العادى بسبب الحصار الذى تفرضه إسرائيل ، وهذا لن يكلف شيئا ، بل على العكس هذه السياسة تعود بالنفع على إسرائيل وتحقق من ورائها مكاسب إقتصادية كبيرة تحسن من غداء ألإقتصاد أفسرائيلى ن وهذا لن يضطره لدفع ثمن سياسى ، وحتى يعيش الناس فى حياة إقتصادية فهم مطالبون بالحفاظ على التهدئة والبحث عن وسائال أخرى للمقاومة ، بل أنه يشعرهم أن المقاومة تصبح تلكفتها عالية ، ولذا نراه يتحدث عن السلام بمحاوره الثلاث ألإقصادية ,المنية والسياسية أخيرا . أما إذا تحدثنا عن السلام الحقيقى الذى يقوم على توازن الحقوق وإنهاء ألإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية وتطبيق حتى لو كان عادلا لقضية اللاجئيين ن ووقف للإستطان والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية ، يصبح السلام هنا غير مقبول ومرفوض من قبله ، ولذلك نراه يرفض حتى الحديث عن حل الدولتين ، وهو بكاء يريد أن يستثمر المطالبة بقيام الدولة الفلسطينية ليفرض شروطه لقيام هذه الدولة ، والمطالبة بمزيد من التنازلات من الجانب الفلسطينى وخصوصا فيما يتعلق بيهودية الدولة وعدم عودة اللاجئيين الفلسطينيين , ولا شك نجح فى تفهم الموقف ألمريكى لهذه الرؤية ولهذا السلام الذى يريد . نيتنياهو يدرك ماذا يعنى السلام الذى يريه الفلسطينيون ، ولا شك فقد قرأ المبادرة العربية جيدا ويدرك أن تطبيقها يستلزم من إسرائيل أن تقدم تنازلات حقيقة حتى يمكن لسلام معقول أن يقوم وأقل ما تطلبه هذه المبادرة إنسحابا إسرائيليا من كل ألأراضى العربية ، وقياما لدولة فلسطينية متواصله إقليميا , وهذا يتعارض مع تربيته ألأيدولوجية ، لأن معنى ذلك تقوقع إسرائيا وإختزالها داخل حيز جغرافى محدد يتعارض مع ألإحتياجات السكانية المتزايه لليهود والتى قد سبق لهيرتزل أن تحدث عنها عندما طلب منه تحديد الدولة التى يريدها وربطها بحاجة اليهود . ويدرك نيتنياهو أن معنى ذلك أن تفقد إسرائيل مجالها الحيوى الذى يمتد بإمتداد وصول قوتها الجوية ، ويعنى أيضا فقدان للتحكم فى مصادر القوة الكامنة فى ألأراضى الفلسطينية ، ولكن أيضا على مستوى القة العربية . وكل هذا يعنى أمورا تتعارض مع التربية أليدولوجية التى تربى عليها نيتنياهون وألسس التى تقوم علهل الأيدولوجية الصهيونية السياسية ، والتى تقوم على فكرة التوسع أفقليمى ، وفكرة القوة المسيطرة وأيضا التمايز القومى والعرقى ، والفكرة ألهم فكرة العو الدائم وهذا العدو يتمثل فى ألأخر وألخر هو الفلسطينى والعربى . والخطورة من وجهة نظر إسرائيل أن هذا السلام قد يعنى فقدان إسرائيل للعوامل التى تدفع فى إتجاه تماسك المجتمع الإسرائيلى ، وتحوله إلى حالة من الإسترخاء السياسى الذى من شأنها أن يبرز التناقضات ألإجتماعية ومشكلة الهوية وأفندماج داخل إسرائيل ، لهذه الأسباب تحاول إسرائيل من خلال ما يطرحه نيتنياهو أن تفرض السلام الذى لا يحمل معنى التنازل وهو السلام الذى يقوم على فكرة ألإقتصاد وألأمن والذى يضمن لها القوة والتفوق ، حتى لو كان ثمن هذا السلام إعتراف وتطبيع العلاقات مع سبع وخمسين دولة عربية وإسلامية .
وبالعودة لمفهوم نيتنياهو للسرم وبقراءة ما كتب وما يصرح به ، وما يطرحه من مبادرات ، فهذه الرؤية إنعكاس لشخصيته الذاتية وأفكارة اليمينية المتشددة فوالد هو المؤرخ اليهودى بنزويون نيتنياهو الذى كان مؤمن بفكرة الغوييم أى غير اليهود والذين دائما يكرهون اليهود ويحسدونهم / ويكرهونهم ، وفكرته عن قوة السلاح ، وهى نفس ألفكار التى تحدث عنها جابوتنسكى الذى يعتبر الملهم الروحى لأفكارة ، هذه التربية هى التى تحددوتشكل رؤيته للسلام وهى رؤية يؤمن بها الجميع فى داخل إسرائيا , ولعل دلالة كل هذا أن مضلة السلام تكمن فى عدم غستعداد إسرائيل أيدولوجيا للسلام طالما أنها ما زالت مقيده ومأسورة لهذه أليدولوجية التى ترفض الغير .
دكتور ناجى صادق شراب
 /أستاذ العلوم السياسية /غزه

زر الذهاب إلى الأعلى