أرشيف - غير مصنف

حملة مشبوهة على حزب الله!

 

حملة مشبوهة على حزب الله!

بقلم : زياد ابوشاويش

حين تعلن مجلة ألمانية توصف بالرزانة كدير شبيغل أنها تملك معلومات عن قتلة الرئيس الحريري تدين حزب الله وتقدم تفاصيل كثيرة كالتي اطلعنا عليها وتزعم أنها استقت معلوماتها من ملفات اللجنة الدولية للتحقيق ثم تقوم وسائل إعلام بعينها بالترويج لهذه المعلومات باعتبارها حقائق دامغة فإن علامات استفهام كثيرة سترتسم في أفق التحليل المنطقي لهكذا تخرصات على خلفية معرفتنا الجدية بحزب الله وقيادته الحريصة على السلم الأهلي والحذرة جداً من استدراجها لمستنقع الصراع المذهبي.

إن حجم المعلومات التي أوردتها المجلة المذكورة وخاصة حول أعداد أجهزة الهاتف المحمولة وعدد الذين اشتركوا في الإعداد وإيراد أسماء لأشخاص وصفتهم بالمقربين من السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله توحي بأن هناك ما يتم ترتيبه قبيل الانتخابات اللبنانية وأن الأمر يتعدى السبق الصحفي ليصب بشكل واضح في مجرى التحضيرات لتغيير بعض قواعد اللعبة في لبنان واستطراداً للاستدراج سواء لسورية أو للفلسطينيين في معركة وهمية ذات طابع مذهبي ومحاولة فرض الرؤية الأمريكية القديمة على المنطقة وفي خدمة اسرائيل في نهاية الأمر. إن تلقف بعض وسائل الإعلام العربية واللبنانية لهكذا تلفيقات وترويجها بالطريقة التي تجري اليوم يمثل خطراً شديداً على لبنان ومستقبله السياسي ذلك أن اتهاماً من هذا الوزن لحزب الله ربما يستدرج ردات فعل غير منضبطة من أطراف عديدة تؤدي لزعزعة الاستقرار ليس في لبنان فحسب بل في كل المنطقة وهو ما أشار له الرئيس الأسد في خطابه أمام اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية  حين تحدث عن تغييرات سلبية في الأفق.

وبالعودة لمسلسل اللجنة الدولية وتحقيقاتها السابقة وما نتج عنها من اعتقالات عشوائية وتهم جزافية ثبت بطلانها في وقت لاحق فإن تقدير بعض اللبنانيين بأن المحكمة ستكون أمام تسييس للقضية يعيد الحلقة الخطيرة التي اختلقها المحقق الدولي المنحرف ديتليف ميليس رغم قرار الإفراج عن الضباط اللبنانيين الأربعة والذي دفع السيد حسن نصر الله للقول أن تجربة هؤلاء الضباط مع المحكمة سيحرمها من تعاوننا لاحقاً كوننا لم نعد مطمئنين لنزاهة المحكمة وحياديتها وبأننا لا نضمن تكرار ذات الأمر مع مشتبهين آخرين تحددهم هذه المحكمة وهم أبرياء.

إن تحذير الساسة اللبنانيين من هكذا تسريبات يعبر عن حجم الخطر المحدق بلبنان إن تم التعاطي مع هكذا معلومات باعتبارها حقائق أو فعلاً سربتها المحكمة الدولية المعنية، وليس حديث وليد جنبلاط عن أن هذه القضية أخطر من حادثة عين الرمانة التي فجرت الحرب الأهلية وأدت لمقتل عشرات الآلاف وجرح أضعافهم من اللبنانيين سوى غيض من فيض التصريحات والصرخات التي انطلقت لطي ملف هذه التخرصات اليوم وغداً إن أراد الجميع الخير للبنان وللحفاظ على السلم الأهلي فيه.

إن الحديث عن ربط اسم حزب الله وقائده بالجريمة والغمز من قناة إيران عبر الزج باسم الحرس الثوري في التسريبات والقول بأنهم أشرفوا وخططوا للعملية الإجرامية بما في ذلك تحضير سيارة الميتسوبيشي البيضاء التي حملت المتفجرات التي قتلت الحريري يشير إلى ما قلناه في مطلع حديثنا عن تحضيرات لتغيير قواعد اللعبة في لبنان وربما في كل المنطقة.

وفي تفسير السبب والهدف من إعلان هذه المعلومات في الصحيفة المذكورة تأتي قصة شبكات التجسس الإسرائيلية العديدة مما تم الكشف عنه مؤخراً ويوحي بإعلان حرب صهيونية حقيقية على لبنان بكل مكوناته مما يدفع منطقياً لتوحد اللبنانيين في مواجهة ذلك، الأمر الذي يزعج الإسرائيليين والأمريكيين على حد سواء، وقد استمعنا لتصريحات السيد بايدن نائب الرئيس الأمريكي وهو يضع شروطه لبقاء التعاون والمساعدات الأمريكية مع لبنان بنجاح فئة محددة لا ترتبط بمعرقلي السلام على حد تعبيره ومحذراً في الوقت عينه من نجاح قوى المعارضة والمقاومة في الانتخابات اللبنانية القادمة مطلع الشهر القادم.

إن محاولة التأثير على نتائج الانتخابات القادمة لمصلحة حلفاء الغرب عموماً وبشكل أكثر وضوحاً في خدمة قوى 14 شباط وتيار الحريري يأتي كسبب ظاهر وجدي لهكذا تسريبات ومن المحتمل أن رشوة كبيرة دفعت للمجلة وللمسؤول عن نشر المعلومات من أجل ذلك.

أما السبب الثالث فهو تخويف حزب الله وممارسة الضغوط عليه بعد الحملة التي طالته من الاتهامات المصرية بحقه على خلفية تقديمه العون للمقاومة في غزة وشل قدرته على لعب أي دور جدي في إحداث التوازن المنشود في أي معركة إقليمية قادمة وخاصة حين نعلم أن الحكومة الصهيونية الحالية التي أجرت مناورات واسعة النطاق قبل أيام وتستعد لعدوان مبيت على إيران بحجة الملف النووي يهمها أن تكون صواريخ حزب الله بعيدةً عن مدنها وعمقها الاستراتيجي وهذا لا يتوفر سوى بخلق حالة لبنانية كالتي يمكن أن يحدثها تسريب أخبار من هذا النوع. أما السبب الحقيقي والشامل من وجهة نظرنا لمثل هذه الحملة المريبة على حزب الله والتي بدأت بقصة خلية حزب الله في مصر فهو الرغبة الأمريكية وحلفائها في المنطقة والعالم بما في ذلك إسرائيل في خلق واقع جديد ليس في لبنان فقط بل وفي المنطقة بأسرها تكون فيه بعض الدول العربية الصديقة والحليفة للولايات المتحدة الأمريكية جزءً من الجبهة المناوئة للجمهورية الإسلامية الإيرانية تحت عنوان مذهبي يتعلق بالصراع الوهمي بين السنة والشيعة، وهو ما أشارت له تصريحات نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل المتطرف  حول الحلف الإسرائيلي العربي ضد إيران وأيدته السيدة كلينتون بالحديث عن توفر ظروف مساعدة على مثل ذلك الحلف. من الممكن أن تكون هناك دوافع أخرى لما سربته دير شبيغل من معلومات تمس حزب الله وسمعته العطرة كحامي رئيسي للسلم الأهلي في لبنان، لكن المرجح أن الموضوع برمته قد تم الإعداد له منذ فترة نرجح أنها سابقة لإطلاق سراح الضباط الأربعة، وفي كل الأحوال فإن واجب جميع المعنيين وخاصة قيادات الأحزاب اللبنانية ونشطائها مواجهة الحملة بروح موحدة ورؤية موحدة أيضاً تنطلق من الحفاظ على لبنان من الدمار الذي يمكن أن تحدثه هكذا فتنة والرد على كل هذه التسريبات بالمزيد من الحوار والتفاهم لإحباط أهدافها الشريرة.

[email protected]

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى