البناء بالجدران الحاملة من الطوب الأحمر الفخاري
هانيبال
قبل أن أبدأ مقالي هذه عن البناء بالجدران الحاملة من الطوب الأحمر الفخاري أرى لزاما على ان أقف أمام ذكرى النكبة والنكبة ليست يوم ولكنها كل يوم ، وهي ذكرى مرة تزداد مرارتها كلما طال زمانها كالحنظل كلما ازداد مائه ازداد مراره، ولكني أرجو ان أشير الى أن إعلان دولة الكيان الصهيوني لم يكن في 15 أيار 1948 ولكنه كان في يوم 14 أيار 1948 لأن يوم 15 أيار كان يوم سبت ويوم السبت مقدس كما يدعي اليهود
( وموضوع موقف الدين في الكيان الصهيوني وعلاقته بالسياسة يحتاج الى وقفة موضوعية ودراسة نقدية )
إسرائيل تحمل اسم نبي من التوراة ولم يعترض الغرب
دافيد بن غوريون وزلمان شازار اضطرا الى السير أكثر من ثلاثة كيلومترات على الأقدام في جنازة ونستون تشرشل في عام 1985 وقد تجاوز عمر الأول 78 وعمر الثاني 76 لأن الجنازة كانت في يوم السبت والتوراة تحرم ركوب السيارات في يوم السبت ولم تجد الصحافة العالمية في ذلك مدعاة للسخرية ولكنها وجد في ذلك مدعاة للإعجاب
التوراة تحرم الزواج المدني لدرجة ان إسرائيل رفضت منح حفيد بن غوريون الجنسية لأن أمه غير يهودية
هذا موقف بن غوريون مع ان بن غوريون علماني وليس رجل دين ولكنه يعرف كيف يوظف الدين في خدمة السياسة
وعلى الجانب الآخر قالت يائيل ديان في كتابها مذكرات جندي أكلنا طعاما مطهرا يوم السبت في 3 حزيران 1967بتصريح من الحاخام الأكبر
وهذا موقف رجل الدين الأول في الكيان الصهيوني ، ولكنه يعرف كيف يوظف الدين في خدمة السياسة
هل نستطيع ان نستوعب هذا الدرس
ولكن وللحقيقة والتاريخ كان يوم 15 أيار 1948 أيضا يوم نكبة لأنه كان يوم دخول الجيوش العربية الى فلسطين
( وموضوع دخول الجيوش العربية الى فلسطين وحرب 1948يحتاج الى وقفة موضوعية و دراسة نقدية )
كما أرى لزاما على ان أتعرض الى الحوار الذي يجري في القاهرة في هذه الأيام رغم إني لا اعتقد ان ما يجري في القاهرة حوار لأن الحوار مع الآخر الوطني يجب ان يجري في إطار فكرة عامة ، وأن ما يجري في القاهرة لا يجري في إطار فكرة عامة ، ولأن شرط نجاح أي حوار وطني مع الآخر الوطني هو أن يكون تحت ضغط الشارع الوطني ، وأن ما يجري في القاهرة لا يجري تحت ضغط الشارع الوطني ولكن تحت ضغط الشروط الصهيونية والأمريكية واللجنة الرباعية الدولية والحصار ووطئت الظروف الاقتصادية ، كما أني اعتقد أن ذكرى النكبة ليست بعيدة عن موضوع مقالي هذا ، وأن الحوار الوطني مع الآخر الوطني أيضا ليس بعيدا عن موضوع مقالي هذا أيضا وأن العلاقة بينهما وبين المقال كالعلاقة بين المسألة وحلها أو بين أساس البيت وجدرانه ، لأن السياسة في الأصل والنهاية هي تحقيق الممكن في إطار الإمكانيات المتاحة والواقع الموضوعي ، ولكن وللأسف وفي عصر الامبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني أصبح جوهر السياسة هو العنف وقد عبر عن ذلك كبار كتاب الرأسمالية منذ مئات السنين ولذلك نرى أن
توماس هوبز يقول الإنسان ليس اجتماعيا بطبعه والدولة تنين جبار يبتلع في جوفه كل شيء
وبندكت دو سبينوزا يقول القوة هي الحق
ومكيافيللي يقول الغاية تبرر الواسطة
وفردريك نيتشه يقول لقد مات الإله ونحن الذين قتلناه
وكارل شميدت يقول ان جوهر السياسة هو الصراع من خلال ثنائية العدو والصديق ، وهو أحد المفكرين النازيين الألمان الذين مهدوا الطريق فكريا لاطروحات المحافظين الجدد الذين يلعبون حاليا دورا رئيسيا في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية ، وفي تعريفه للسياسة يقول ان السياسة هي أولا وقبل كل شيء القدرة على اكتشاف العدو وهذا يعني انه لا يمكن فهم السياسة إلا على أساس الصراع بين القوميات المختلفة وهو صراع قد يصل الى مرحلة الحرب
ووليم غولدوين يقول الدولة نتاج رذائل الناس
وكارل ماركس يفسر الحياة الإنسانية من خلال حيوانية الإنسان ويقول ان الغرائز وحدها هي القوى الفاعلة المحركة للإنسان بلا قصد ولا اراد ة ولا اتجاه وأن الإنتاج المادي هو الذي يعين للناس وجودهم ومشاعرهم وأفكارهم وأخلاقهم
وصموئيل هنتنغتون يقول ان البشر ليسوا ملائكة والحروب القادمة لن تأتي عن طريق الاختلافات الأيديولوجية وإنما عن طريق الاختلافات الثقافية والدينية بين الحضارات
وفوكو ياما يقول لا يوجد نموذج آخر صالح للبشرية أكثر من النظام الرأسمالي وأن تاريخ الإنسانية يتجه نحو حتمية تاريخية واحدة وهي إقامة أنظمة ديمقراطية ليبرالية على أنقاض الأنظمة الدكتاتورية والتوتاليتارية
هذه هي فلسفة الغرب وهذه هي سياسة الغرب وهذه هي ليبرالية الغرب التي تشكل وعي الإنسان الغربي ، الليبرالية التي أطلقت العنان لحرية الإنسان في ان يحيا حتى حياة رديئة كما قال كارل شميدت ، ولذلك وفي هذا السياق يمكن ان نفهم طبيعة الصراع في العالم وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة وتغيير اتجاه الصراع من شرق – غرب الى صراع شمال – جنوب ، ولذلك وبعد ذلك يجب ان لا نستغرب الحرب على غزة وحصار غزة ، لأن المعادلة عند الغرب الاستعماري هي ان تكسر عدوك أو ان ترضي بمصير المقهورين ، وقد استنفذت أمريكا وإسرائيل وللجنة الرباعية والطابور الخامس الفلسطيني وعرب أمريكا وإسرائيل والرباعية كل الوسائل والأدوات من حصار ومؤامرات ومظاهرات وتجويع واعتقال واغتيالات وفوضى وفلتان أمني وتعطيل للحياة النيابية والسياسية وخطف الوزراء والنواب وابتزاز سياسي وحوار بلا حوار في كسر المقاومة وحكومة المقاومة الفلسطينية في غزة ، وقد كانت حرب غزة آخر ورقة عسكرية في مسلسل تركيع المقاومة وحكومة المقاومة وشعب المقاومة ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي إسرائيل وأمريكا والرباعية وعرب إسرائيل وأمريكا والرباعية ، وهزمت إسرائيل وأمريكا والرباعية وعرب إسرائيل ة وأمريكا والرباعية ، وانتصر مشروع المقاومة على مشروع المساومة ، لأن الشعب الفلسطيني لم يعد ذلك الشعب الذي يصنع أفكاره في بطنه ، ولم يعد ذلك الشعب الذي يبيع الوطن بالبطن ، ولكنه الشعب الذي يصنع أفكاره في عقله والشعب الذي يبيع البطن بالوطن ، ولكن إسرائيل تلميذ غبي وأمريكا تلميذ غبي والرباعية تلميذ غبي والنظام العربي تلميذ غبي لأنهم لا يقرئون التاريخ قراءة نقدية وموضوعية ولذلك لا يعرفون كيف يمكن ان تدفع أحداث التاريخ أكثر الناس اعتدالا الى التطرف ، لكن الشعب الفلسطيني الذي يقرأ التاريخ قراءة نقدية وموضوعية وليس قراءة انتقائية ومغرضة يعرف كيف كانت أمريكا توظف الزيجات السياسية
( فرناندو إيزابيلا – شجرة الدر عزالدين أيبك – ماري أنطوانيت لويس السادس عشر – محمد رضا بهلوي فوزية – الملك حسين ماري أنطوانيت – فخر النساء الأمير زيد – الملك طلال زين )
والمال السياسي في خدمة المشروع الصهيوني – الأمريكي ، ويعرف كيف لعب المال السياسي دورا كبيرا في شراء الضمائر والأصوات اللازمة لتمرير مشروع القرار 181 ( قرار التقسيم ) بالشيكات والأموال والجواهر والماس ومعاطف الثراء والمساعدات الاقتصادية ومن مظاهر ذلك
استخدام رجل الأعمال الأمريكي روبرت ناثان نفوذه وبعلم الولايات المتحدة في شراء صوت غواتيمالا
ضغط شركة فايرستون على ليبيريا للتحول من موقف الامتناع عن التصويت الى موقف المؤيد للقرار
ترك مندوب الفلبين مقر الأمم المتحدة بعد تعرضه للضغوط لكن رئيس جمهوريته أمر الوفد بالتصويت
السحب المفاجئ لأوراق اعتماد ممثل سيام ( تايلاند ) لأنه أعلن انه سوف يصوت ضد القرار
وقد اعترف بذلك الكاتب الصهيوني دافيد هورفيتش الذي قال ( بقيت فينا روح الكفاح ثابتة ، اجتمعنا في مكاتب الوكالة اليهودية ، وتشاورنا في الطرق والوسائل الكفيلة بتغيير مجرى الأحداث ، وبدأ صدام من جديد ، دقت أجراس الهواتف بشكل محموم ، أرسلت البرقيات الى كل أنحاء العالم ، أيقظنا أناسا من نومهم في منتصف الليالي ، وأرسلناهم في مهام غريبة ، والأغرب من كل ذلك ، انه ما من يهودي ذي نفوذ سواء كان صهيونيا أم غير صهيوني رفض ان يعطينا العون في اى وقت ، فقد وضع الجميع إمكاناتهم صغيرة كانت أم كبيرة في خدمة المحاولات اليائسة لترجيح كفتنا )
وذلك بالإضافة الى دور مبدأ ترومان 1947 – 1949 في تقديم المساعدات المالية والسياسية للحكومة اليونانية لمكافحة الخطر الشيوعي لأن سقوط النظام في اليونان يعني تسرب المد الشيوعي الى حوض البحر الأبيض المتوسط ، ودور مشروع مارشال في إعادة اعمار ارويا بعد الحرب الامبريالية الثانية ، ولكن هدف الولايات المتحدةالأمريكية لم يكن تعمير أوروبا فحسب وإنما كان وبالإضافة إلى ذلك إزالة آثار الحرب التي ترتب عليها تدمير الجزء الأكبر من رأس المال الأوربي وإضعاف وتدمير الحكومات البرجوازية الأوربية ، والتصدي للأحزاب التقدمية والنقابات العمالية خاصة وان مقاومة القوات النازية والفاشية كانت قد نهضت على عاتق هذه الأحزاب وهذه النقابات التي أخذت على عاتقها أيضا مقاومة الخيانات البرجوازية كما في فرنسا ، وكانت النتيجة أن انتهت الحرب والمقاومة سيدة الموقف على المسرح السياسي في القارة الأوربية ، لذلك كان رد فعل رأس المال الأمريكي والحكومات البرجوازية الأوربية التي سلمته زمام أمرها هو التصدي الفوري لتلك الأحزاب والنقابات والمقاومة وجماهيرها العريضة للحيلولة دون خروجها من شبكة العلاقات الامبريالية الانجلو – سكسونية ، وما أشبه اليوم بالبارحة وإذا كانت نتائج الحرب العالمية الثانية قد وضعت الحكومات البرجوازية الأوربية في حالة من الخوف والذعر من الشعوب الأوربية ، ودفعتها إلى الارتماء في أحضان التنين الأمريكي وساقتها إلى الخيانة الوطنية حتى مكنت الأمريكيين من الاطلاع بسهولة وبساطة على أسرار صناعاتها ووضع أيديهم على ثرواتها العلمية والمادية والبشرية والاستجابة بلا تردد للشروط الأمريكية والانخراط في الأحلاف والتبعية الاقتصادية ، وتوحيد الإمبراطوريات الاستعمارية القديمة في إمبراطورية امبريالية واحدة جديدة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ، فإن نتائج حرب غزة وفي هذا الوقت الذي نرى فيه الساحة الفلسطينية منقسمة بين معسكر مقاومة ومعسكر مساومة ، والساحة العربية منقسمة بين دول ممانعة ودول مساومة ، ومنظمة الأمم المتحدة تقف مع الدكتاتورية الامبريالية الاحتكارية الانجلو – سكسونية موقفا يتراوح بين الاحتجاج وبين التصدي للمقاومة ، أعلنت الدول المانحة التي اجتمعت في مؤتمر شرم الشيخ في 2/3/2009 مشروع مارشال لاعمار قطاع غزة وتقديم مبلغ 5،2 مليار دولار ، لكن الهدف من وراء هذا المؤتمر وهذا المبلغ الضخم الذي يتجاوز حجم الخسائر وحجم المبلغ الذي طلبته السلطة الفلسطينية وهو مبلغ 2،78 مليار دولار يفضح نوايا هذا المؤتمر لأنه لا يمكن أن يتصور إنسان مهما بلغت درجة سذاجته أن هؤلاء المؤتمرين المتآمرين يمكن أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم ، ومن لا يريد أن يتذكر التاريخ فليقرأ الحاضر لأن الحاضر ابن الماضي والتاريخ هو علم دراسة الماضي ، ولذلك كان الهدف الذي تسعى إليه الامبريالية الأمريكية من وراء ذلك هو إيقاف المد الثوري ، والسيطرة على ثروات العالم ، وتحقيق مردود ربحي اكبر لرأس المال الأمريكي ، وتكريس الدولار سيدا للعملات العالمية ، وقد نجحت واشنطن في تحقيق سيطرتها الاقتصادية عن طريق الاستثمارات وبرامج الاعمار وشراء المشروعات والسيطرة على الثروات الطبيعية والمعدنية والباطنية والأسواق والموارد البشرية والمعنوية مقابل وعود بالتسديد بالدولار أو مقابل إعطاء الدائنين شهادات بتلك الوعود ، وعن طريق طبقات قطرية فئوية نخبوية كمبرادورية نجحت بمعونة واشنطن في تنمية علاقات ترتبط بالمخابرات المركزية الأمريكية ، وهذا هو عين ما نراه اليوم يحدث في أفغانستان والعراق وفلسطين وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وإذا كانت حقيقة مشروع مارشال الأوروبي هي عملية احتيال سياسي للسيطرة على أوروبا فكيف ستكون نسخته الفلسطينية الجديدة المختلفة كل الاختلاف من حيث القدرة والقوة ومن جميع النواحي الحضارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وهذه حقيقة لا تحتاج معرفتها إلى اختراق ستار الحكمة الذي يحجب كل شيء ، لأن الدول المانحة اشترطت أن تترافق عملية الاعمار مع بذل جهود حثيثة للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع الفلسطيني – الصهيوني بشكل عاجل وسريع في هذا العام ، وعلى قاعدة الالتزام بشروط اللجنة الرباعية الدولية وخاصة الاعتراف بدولة إسرائيل ، وقد عرض بيرلسكوني استضافة محادثات سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين في جزيرة صقلية مجددا خطة ايطالية لبدء مشروع مارشال لدعم الاقتصاد الفلسطيني ، كما دعا خافيير سولانا المفوض الأعلى للسياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى تحويل أموال الاعمار إلى حكومة سلام فياض وهذا يعني استعادة سلطة رام الله حضورها ونفوذها في غزة ، وتعهدت هيلاري كلينتون وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أن لا تصل المساعدات المالية لحركة حماس وقالت في كلمتها في شرم الشيخ ( عملنا مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس على وضع ضمانات لاستخدام أموالنا في المكان وللأشخاص المستهدفين فقط حتى لا ينتهي بها المطاف في الأيدي الخطأ ) رغم أن هذا المال لم يأت من خزائن الأمريكيين الاحتكاريين بل من مدخرات المودعين العرب وغير العرب والمساهمين الأمريكيين الصغار ومن دافعي الضرائب ومن بعض المصارف الأمريكية ، وهذا يعني أن المرابين الأمريكيين الكبار سوف يسرقون المودعين العرب وغير العرب ومواطنيهم لأنهم لم يوظفوا من أموالهم ما يستحق أن يعود عليهم بكل هذه الأرباح المتوقعة التي سوف تعزز مواقعهم في هذا النظام ألربوي الدولي ، وذلك بالإضافة إلى أن المؤتمر لم يدين العدوان ولم يحمل الكيان الصهيوني تبعات إعادة الاعمار، ولم يحدد آلية أو سقف زمني لإعادة الاعمار ، ولم يطرح قرارات عملية وفعلية لإنهاء معاناة غزة ، ولم يطرح قرارات عملية وفعلية لفتح المعابر وخاصة معبر رفح وهذا يعني دخول أموال الاعمار وأدوات ووسائل الاعمار عن طريق إسرائيل وهو ما يعني أيضا مكافأة إسرائيل ماديا ومعنويا على جريمتها في تدمير غزة ، وذلك إلى جانب توظيف الاعمار توظيفا سياسيا للضغط على حركة حماس وابتزاز المواقف السياسية منها ، وتقوية سلطة رام الله على حساب سلطة غزة ، وفرض شروط سيئة على حوار القاهرة ، لكن الأمر الذي يستحق الأسف وان كان لا يستحق الاستغراب هو هذا الموقف العربي وخاصة موقف السعودية ودول الخليج العربي الذي تطابق مع الموقف الأمريكي وموقف الرباعية في ربط المال والاعمار بالالتزام بشروط الرباعية رغم أن السعودية ودول الخليج العربي قد أعلنوا أنهم سوف يقدمون مبلغ 1650 مليون دولار وهذا المبلغ بحد ذاته كافيا لاعمار غزة وسوف يكون أكثر مع الأموال التي يمكن أن تقدمها إيران والشعوب العربية والجاليات الفلسطينية والعربية في الخارج ومشروع المؤاخاة بين العائلات في الأردن والعالم مع عائلات قطاع غزة الذي أطلقته الحركة الإسلامية في الأردن ، وخاصة أن مشرع اعمار غزة لا يحتاج أكثر من 1900 مليون دولار ، لكن الموقف العربي وموقف الجامعة العربية الذي يربط المساعدات بالاعتراف بشروط الرباعية ويرفض المساعدات الإيرانية ينطلق من حاجة هذا النظام العربي إلى الحماية الأمريكية ، لكن هذه الحماية ليست حماية مجانية ولكنها حماية مدفوعة الأجرٍ ماديا ومعنويا ، لأن الولايات المتحدة الأمريكية وهي تدرك حاجتها إلى وقوف الأنظمة العربية معها ضد شعوبهم تدرك حاجة هذه الأنظمة إلى وقوف الولايات المتحدة معها ضد شعوبها ، ولذلك وضعت نفسها في موقع القادر على توجيه الأحداث حتى تخدم في النهاية المصالح الأمريكية ، لكن المقاومة وحكومة المقاومة وشعب المقاومة الذي لم تهزمه الطائرة والصاروخ والدبابة لن يهزمه الدولار واليورو والشيكل لأن السياسة في تصوره هي النشاط الذي يمكن الناس من صياغة القواعد التي يعيشون قي ظلها أو تعديلها أو المحافظة عليها وهذا يعني تحقيق الممكن في إطار الإمكانيات المتاحة والواقع الموضوعي ، ولذلك ابتكر أسلوب مواجهة مع النفس والحصار والمال السياسي في إعادة اعمار غزة بالطوب الأحمر الفخاري أو الطوب الجيري أو الحجر الرملي بعد ان يدخل في أفران عالية الحرارة بحيث يحرق تماما ، والمونة العادية أو المونة المخلوطة بالجير وهي عبارة مادة الطين أو مادة الطين المخلوطة بالجير وبعد خلطها بالماء تعطي لعجينة الطوب سهولة في الحرق ، ويفضل بناء الجدران بسمك لا يقل عن طوبتين ، ومن خصائص هذه الوحدات توفر الطين والرمل والجير الحي والحجر الرملي في البيئة المجاورة ، ورخص ثمن الطين والرمل والجير وتكلفة البناء نظرا لأن المواد المستخدمة في البناء قليلة التكلفة ، وانتظام شكل الواجهات لانتظام مقاس الطوبة ، وسهولة نقل الطوب الى مكان العمل لصغر حجمه وخفة وزنه ، وسهولة استعمال الطوب ووضعه في مكانه المناسب في أعمال البناء ، وسهولة التصاق الطوب بالمونة ، وسهولة تشكيل هذه الوحدات بعدة إشكال ومقاسات هندسية جميلة ، وتوزيع الأحمال الإنشائية بانتظام على طول الجدران الحاملة ، وتحملها للحرارة ، وقوتها وسرعة انجازها ، والاستغناء عن الأخشاب والدعائم المستخدمة في شد وتثبيت السقف قبل صبه ، وزيادة عوامل السلامة والأمان في صب السقف ، ومطابقتها للمواصفات الصحية لأن هذه الوحدات السكنية المصنوعة من الطين والرمل والجير الحي والحجر الرملي جيدة التهوية وعازلة للحرارة والرطوبة والصوت ، وتقليل الاعتماد على النجارين والحدادين ، ورخص التكاليف وسرعة البناء ، ومقاومتها للحريق والمؤثرات الجوية والزلازل ، والاستغناء عن الحديد والاسمنت والأخشاب والخرسانة المسلحة والأعمدة ، وهذا الى جانب صناعة الأبواب والشبابيك من المواد البلاستيكية والأوراق والكرتون وأنابيب الصرف الصحي من البلاستيك والفخار وفي غزة حي يسمى حي الفواخير وهو من أقدم أحياء الفواخير التي كان لها السبق في صناعة الفخار في العالم والحاجة أم الاختراع ، وامسك عنا إحسانك يا رب الغوث ولن نركع وسنقاوم المال السياسي والابتزاز السياسي ، وسوف نعيد بناء 30 ألف وحدة سكنية ومؤسسة ومدرسة ومسجد دمرتها قوات الاحتلال الصهيوني في عدوانها الهمجي الأخير على قطاع غزة ، لكن هذا لا يعني ان لا نستمر في المطالبة بفتح المعابر وخاصة معبر رفح لأن ما يحتاجه قطاع غزة ليس حديد واسمنت ومواد بناء فقط ، ولكن دواء وغذاء وحق في السفر والتنقل والعمل والدراسة والعلاج والتجارة ، واستيراد كسارات لتكسير الردم الذي خلفه العدوان الصهيوني والذي يقدر بحوالي مليون ونصف مليون طن واستخدامه كأساسات في بناء البنايات المبنية من الطوب ، والانفتاح على محيطه القومي والإقليمي والعالمي .