الجاسوسية الإسرائيلية
د.مدين حمية
لا يكفي ان يتمتع الكيان الصهيوني بنظام داخلي إستخباري قوي، إلا إذا تملك “الجسماني الإستخباري” وهو اللون الذي يكتسبه الجسم الإستخباري من حيث نجاحاته على سلم النسبية في العمل الخارجي. إن نجاح هذا “الجسماني الإستخباري” لا يتحقق إلا من خلال الجواسيس التي تُزرع في البلد المقابل، وخصوصاً إذا كان هذا البلد المقابل يشكل تهديد جوهري للكيان. والمعلومات بذاتها ليست ذي أهمية كبرى إن لم يتم توجهيها نحو قدرات الطرف المقابل. ونقصد بالطرف المقابل، المقاومة في لبنان.
إن الصراع الدائر بين أجهزة الأمن الإسرائيلية والجهاز الأمني التابع للمقاومة عمره أكثر من عقدين، فقد أصبح لجهاز أمن المقاومة في لبنان وقع مدمر على الأمن القومي للكيان الصهيوني، وأهم نجاحات هذا الجهاز ترجمها حزب الله في حرب تموز، إذ أن من اهم أسباب هزيمة “إسرائيل” في حرب تموز، هو نجاح “الجسماني الإستخباري” للمقاومة الإسلامية في اختراق الداخل “الإسرائيلي” ومراقبة الأوامر التي أعطيت للجيش الإسرائيلي خلال الحرب وقبلها. وهنالك نجاح آخر وهو “الواجب الإستخباري”، فقد تمكن أمن المقاومة من رصد معظم الجواسيس والمشتبه بهم داخل الأراضي اللبنانية، فجرى تضليلهم عبر أفخاخ وضعت في متناولهم كأهداف، مما سبب ضياعاً في القيادة الحربية الإسرائيلية.
ما تقدم يؤكد، أن العمل الاستخباري يؤمن الفوز في الحرب حتى قبل دخولها. وأن “الواجب الإستخباري”، هو النقطة المفصلية التي تؤدي الى سقوط الكم الهائل للخلايا الإسرائيلية.
فالنتكلم الأن عن “الواجب الإستخباري”، وما هي العلة الموجِدة لسقوط الكم الهائل من الخلايا الإسرائيلية؟
يقال أن “الواجب الإستخباري” التابع للمقاومة يملك أكثر من عشرة ألاف ملف مشبوه ومتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية. وأن الجهاز الأمني التابع للمقاومة الإسلامية توجه، قبل وبعد حرب تموز إلى الأجهزة الأمنية الرسمية في لبنان وبحوزته تلك الملفات التي يجب مراقبة إتصالتها عبر وزارة الإتصالات لدرء الخطر المحتمل الذي يهدد الوطن. لم توافق وزارة الإتصالات في حينه على هكذا طلب على خلفية بأن الجهاز الأمني لحزب الله لا يتمتع بالصدقية، وأن الملفات معّدة لأسباب سياسية وترمي إلى الإنتقام وتوجيه الإتهامات جزافاً طبقاً لمقولة “من ليس معنا فهو مع إسرائيل”.
بعد 7 أيار المجيد وتولي الوزير جبران جرجي باسيل وزارة الإتصالات، أخذت الملفات طريقها الصحيح، وتم تعقب إتصالات المشبوهين فتدحرجت الرؤوس وبدأ مسلسل إنكشاف الخلايا الجاسوسية ووقوعها في قبضة الأجهزة الأمنية الرسمية.
باختصار، فإن جبران باسيل كان النقطة المفصلية والعلة والإمكانية الفنية التي أدت إلى تهاوي الخلايا وشبكات التجسس الإسرائيلية.
د.مدين حمية