أرشيف - غير مصنف
الأردن دولة الفلسطينيين
د. فايز أبو شمالة
دولتين لشعبين شرق النهر وغرب النهر، هذا هو الاقتراح الذي تقدم فيه “أريه إلداد” عضو الكنيست عن حزب الاتحاد القومي للمناقشة إلى لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، وهي أهم لجنة من لجان الكنيست، بل يعتبرها البعض بمثابة الكنيست الصغرى، وقد جرى نقاش في الكنيست قبل أسبوع لمقترح “أريه إلداد” نشرت يديعوت أحرنوت قوله: “يوجد دولتان لشعبين، فأرض إسرائيل مقسمة، والبيت الوطني اليهودي مقسم، وقد أعطي ثلاثة أرباعه إلى العرب بدعم من الإمبريالية البريطانية، ولما كان70% من سكان الأردن فلسطينيين، يمكن لسكان الضفة الغربية حمل الجنسية الأردنية، فالأردن هو الدولة الفلسطينية، وهي موجودة”.
وفي خطوة إسرائيلية لامتصاص غضب وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، الذي استدعى السفير الإسرائيلي، وابلغه بخطورة المقترح، وأنه يتعارض مع معاهدة السلام، أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية “يجال فالمور” أن مقترح عضو الكنيست “إلداد” يمثل رأي المعارضة، ولا يمثل رأي الحكومة. ولكن هذا الكلام غير صحيح ولاسيما أن جلسة الكنيست نفسها التي عرض فيها المقترح كما نشرت صحيفة “هآرتس” قد ناقشت مقترح ضد قيام دولة فلسطينية، وقد أيد المقترح 53 عضو كنيست، وعارضة 9 أعضاء كنيست فقط، وكان من الملفت لنظر المراقبين للجلسة كما قالت الإذاعة الإسرائيلية: أن ستة أعضاء من حزب العمل، ومن ضمنهم وزير الحرب “أهود براك” وخمسة أعضاء من حزب “كاديما” قد أيدوا المقترح، وهذا يؤكد أن الفكرة ليست وليدة معارضة، وإنما تعبر عن قناعة إسرائيلية تتفاعل داخل الأحزاب السياسية الإسرائيلية المعارضة للحكومة، والتي تتشكل منها الحكومة، وهذا ما يعكس جدية الطرح، وفي جلسة سياسية أقامتها عضو الكنيست “تسفي حوتفلي” قال “جيورا إيلاند” مستشار الأمن القومي السابق: يمكن العودة للوقع السياسي الذي كان سائداً قبل سنة 1967، عندما كانت غزة تحت السيادة المصرية، وكانت الضفة الغربية تحت سيادة الأردن، وهنالك تأييد قوي في أوساط سكان الضفة الغربية لهذه الفكرة، فقد باتوا مقتنعين باستحالة تحقيق دولة فلسطينية كاملة السيادة في الضفة الغربية”.
للتذكير، فإن هذه الأفكار ليست جديدة على السياسة الإسرائيلية، لقد سبق “أرئيل شارون” رئيس حزب الليكود، وزعيم حزب “كاديما” فيما بعد، حين أعلن أن الأردن هو دولة الفلسطينيين، ولكنه صمت بعد توقيع معادة السلام مع الأردن، المعاهدة التي لم تحترم من الإسرائيليين وهم يعاودون طرح الفكرة ذاتها، وهذا ما حرك رئيس الدولة “شمعون بيرس” للتدخل لترطيب الأجواء مع الأردن، ويصف المقترح بالهلوسة التي طائل من ورائها، وليؤكد أن الفضل في استتباب الأمن والهدوء على امتداد نهر الأردن يعود إلى حد كبير إلى موقف الأردن، وأن أحد الإنجازات الكبرى في المنطقة هو معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية”.
فهل سينجح ذكاء “بيرس” في لجم اندفاع اليمين المتطرف، وتأجيل تحقيق الحلم اليهودي إلى حين؟ وهل ستقنع الأحزاب الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بما حققته الدولة العبرية من إنجازات حتى الآن، ولا تعمل لجعل الأردن دولة الفلسطينيين؟ أشك في ذلك، ولاسيما إن “موشي يعلون” نائب رئيس الوزراء، وزير الشئون الإستراتيجية قد أوصى بضرورة إلحاق قطاع غزة بجمهورية مصر العربية، وفي ذلك جواب إستراتيجي على كل التساؤلات.