أرشيف - غير مصنف
“لقاء عباس أوباما” الدولة الوهمية والثمن المدفوع
بقلم: فارس عبد الله*
ويستمر فريق التسوية ,بالانزلاق إلى منحدرات مظلمة في الطريق العبثية ,التي تنتهي بكل نتائجها إلى خسران مبين ,للقضية الوطنية وأن التفاوض مع العدو ,على طاولة مستديرة وبإشراف رعاة المشروع الصهيوني الأوائل, وصانعيه لا يمكن أن تكون في صالح الشعب الفلسطيني ,وحقوقه وقضيته العادلة ,و تمكن خطورة الخطوات السياسية المعلنة ,من فريق التسوية على نحو” الاعتراف بيهودية الكيان , تبادل الأراضي , ومنح الجنسية الفلسطينية للمستوطنين , وتسليم السيادة على الأقصى لطرف ثالث ” بأنها تشكل مزيداً من التنازلات ,التي لم تنتهي منذ الاعتراف المشئوم بالكيان الصهيوني ,مقابل سلطة حكم ذاتي تقوم على أداء وظيفة أمنية, لحماية امن الصهاينة ,والذي تشكل جوهر فكرة السلام لذا قادة العدو الصهيوني.
الفشل لخيار التسوية قد أعلن منذ أكثر من تسعة سنوات , في مفاوضات كامب ديفيد ,والتي انكشفت فيها مؤامرة إنهاء الصراع ,والتسليم بقبول الكيان الصهيوني ,ودمجه في المنطقة بإقامة علاقات عادية ,مع دول العربية من خلال تسويق منتوج الدولة الفلسطينية , المنزوعة السيادة والجيش والحدود ومقطعة الأوصال ,بلا قدس وبلا سيطرة فعلية على المسجد الأقصى المبارك ,بل يكون للصهاينة الحق في السيطرة على أسفل الأقصى ,وحرية التنقيب والحفر وما يشكله ذلك من خطر حقيقي على الأقصى ,وحتمية تعرضه للهدم في إطار تحقيق مشروع الصهاينة في إقامة الهكيل المزعوم , بالإضافة لمنح الكيان الصهيوني بطاقة المرور ,إلى العمق العربي والإسلامي من خلال البوابة الفلسطينية, باعتبار الفلسطينيون أصحاب الأرض والقضية ,وقد انتهت حالة العداء بينهم وبين الصهاينة وها هم يعيشون بسلام ,وهذا ما سيتم إحيائه في خطة أوباما !!.
لقد تحقق الهدف الصهيوني الرئيسي من عملية التسوية ,مع توقيع الأحرف الأولى لاتفاقية أوسلوا ,وانطلق السرب العربي إلا قليل منه ,نحو التطبيع والتوقيع مع العدو الصهيوني, ففتحت السفارات والممثليات الصهيونية في العواصم العربية ,واستقبل الرؤساء والقادة الصهاينة في المطارات العربية, ورفعت الأعلام الصهيونية وعزف النشيد الصهيوني هتكفا بأصوات عربية ,وشارك القادة اليهود في المؤتمرات والندوات ,التي تهتم بشأن المنطقة وقضاياها المشتركة ,بزعم أنهم جزء من المنطقة ومن حقهم مناقشة ,المخاطر التي تتعرض لها في كافة الجوانب والمسارات ,حتى أصبحت مشاركة الرياضيين الصهاينة أمر طبيعي ,وان رفض مشاركتهم ومقاطعتهم هي الحالة الشاذة , ولا تتماشى مع الشهامة العربية ,وأصبح النظام العربي جزء من منظومة الدفاع عن الكيان الصهيوني ووجوده .
المراقب لسير العملية التفاوضية ,يرى أنها لم تحقق شيئاً على الصعيد الوطني ,ولا حتى ضمن برنامج الحد الأدنى ,المتفق عليها فصائلياً في وثيقة الوفاق الوطني ,وتمركزت محورية عمل السلطة سياسياً وميدانياً ,في إطار الاتفاقيات الأمنية والقبول باستمرار الجولات العبثية ,ومناقشة الحلول الجزئية المنقوصة ,واستهلاك الوقت صهيونياً لصالح مشاريع الاستيطان ,والتهويد وبناء الجدار العنصري ,وإنهاك قوى الشعب من خلال الاقتحامات ,والاعتقالات اليومية في الضفة المحتلة ,وتقطيع أوصال الضفة بمئات الحواجز التي أحالت حياة المواطنين ,إلى جحيم الانتظار والمقابلات المخابراتية ,والاستدعاءات إلى المستوطنات للاستفراد بالشبان ,ومحاولة اساقطهم في براثن العمالة .
والمحزن أن واقع فريق التسوية لا يبشر بالخير ,فمن تابع خطاب السيد أبو مازن في مؤتمر المرأة برام الله 21/5/ وقبل زيارته لواشنطن ,يرى ظلامية في الطرح على الصعيد الداخلي, وغياب التمسك بالحقوق الوطنية وخاصة حق العودة ,واستخفافاً بالمقاومة الفلسطينية ,والسخرية من مصطلحات الصمود والثبات والممانعة ,و يتضح أن هذا الفريق قد حسم أموره باتجاهات يفرض فيها الحل الصهيوني ,بأدوات عربية مرة عبر المبادرة العربية وتعديلاتها ,وأخرى من خلال مبادرة ملك الأردن ,وما توفران من اعتراف بالعدو والتطبيع معه وتنازل عن حق العودة , وما كانت تتوفر هذه المناخات التي أفرزت هكذا مبادرات ,إلا بمساعدة فلسطينية.
وكما تأتي تصريحات رئيس طاقم المفاوضين أبو علاء قريع , حول منح الجنسية الفلسطينية للمستوطنين ,وان المنظمة اعترفت بيهودية الدولة منذ 1988م ,وأضف إليها التسريبات حول الموافقة ,على منح السيادة على المسجد الأقصى لطرف ثالث ,لتطرح بعض التساؤلات المشروعة, هل هذه التصريحات تأتى للتهيئة الشعب الفلسطيني حول قبول السلطة ,لإعلان الاعتراف مرة أخرى بصيغة واضحة بيهودية الدولة ,وما يستتبعه ذلك من طعنة في ظهر أهلنا الصامدين ,بالأرض المحتلة عام 48 وضياع حق العودة والتفريط به ؟!, وهل هذا الطرح من رئيس طاقم المفاوضات ,بمثابة إعلانه لمشروع دولة الضفة التي تحمى المستوطنين الصهاينة ؟! , وهل عجز الشعب الفلسطيني يا سيد قريع عن مواجهة المستوطنين وإزالة مغتصباتهم عن أرضه ,حتى يسلم بوجودهم ضمن مسمى الدولة الفلسطينية الوهمية, في شرعنة غير مسبوقة للاستيطان ,التي ساهمت في بنائه شركات الباطون للسيد قريع ؟! وهل يحمل أبو مازن هذا المشروع أثناء لقائه بأوباما ,يعلن فيه دولة الضفة ويطلب المدد لفرض سلطان دولته على قطاع غزة ,بمساعدة أمريكية وصهيونية وعربية رسمية ؟! ,حيث يقول توفيق الطيراوى في مقابلة مع تلفزيون السلطة, لا يجب علينا أن نشغل بالنا كثيراً في المؤتمر السادس لفتح ,لان الأولويات عندنا هي إزالة حكم حماس ,وهذا يتقاطع مع اتفاقية الحكم بين نتانياهو ليبرمان ,في أحد بنودها التي تنص على توجيه ضربة قوية لغزة وتقويض حكم حماس !!.
أن مواصلة المفاوض الفلسطيني ,الغرق السياسي في مستنقع آسن تفوح ,منه روائح المؤامرات الصهيوأمريكية الخبيثة ,وان التوغل في مجاهيل المسار التفاوضي ,ونحن نعيش حالة الانقسام جريمة وطنية غير مقبولة , ولو كان تيار التسوية يتفهم خطورة المشهد التفاوضي ,في ظل المبادرات المتعددة التي تضيع فيها حقوق اللاجئين في العودة ,لتوقف السير في طريق التسوية إلى حين جمع الشمل الفلسطيني ,والتوجه نحو الخيارات الفلسطينية ضمن إجماع فصائلي ,والاتفاق على برنامج الثوابت الوطنية ,لمواجهة الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي بشكل موحد, والى أن يتحقق ذلك يبقى السؤال الأخير , ما هو موقف الفصائل الفلسطينية ,من السقوط المدوي لفريق التسوية ,والى متى يبقى هذا الصمت؟! .
كاتب وباحث فلسطيني