أرشيف - غير مصنف

خنت زوجتي مع أقرب صديقاتها دون أن أعلم.. فماذا أنتم ناصحون؟ هل أعترف أم أصمت؟

إلى المحرر المسئول
حاصرتني ضغوط الحياة من كل جانب، وكاد القلق يقتلني. كنت أشعر بكتابة كاتمة منذ تم الاستغناء عن خدماتي وتسريحي عن العمل، الأزمة الاقتصادية لم ترحم أحدا أبداً والأولاد كذلك لا يرحمون ولا يفهمون. يجب أن تلبي طلباتهم على الفور. عمل زوجتي ديما لا يكفي وهي الطبع لم توفر تعليقاتها وتهكماتها وتتركني بهمي ومقتي، وصارت تتمنى أن أحس بمعاناتها يوما وأسعدها بالاهتمام بالاولاد وتنظيف البيت وترتيبه ما دمت لا أغادره بعد أن خسرت عملي أو على الأقل أحافظ على نظافته.
لم يعد الدواء المضاد للإكتئاب يجدي نفعاً. قلت ذلك للطبيب وشرحت له أن أعصابي منهارة واني فاقد التركيز، ومحبط أرى كل دروبي مغلقة.. ولا أنام إلا قليلا ولا أصحو إلا كارها لنهاري قبل أن يبدأ. أشار انه سيغير الدواء، لم اسأله إن كان الداء بقلبي قد هزم الدواء؟ أم أن الدواء لم يكن مجدياً أصلاً منذ بدأت استعماله. لست إلا واحداً من أغلبية في المجتمع هنا مكتئبين ولا يسألون.
بحثت عن سبل كثيرة كي أتجنب الاصطدام مع ديما وسألتها تكراراً أن لا تكون هي والدنيا ضدي. كانت تقترح كل مرة أن أعمل في أي وظيفة وحتى لو كان بالحد الأدنى من الرواتب ولا أبقى جالساً في البيت. هذه كانت فكرة سخيفة بالنسبة لي.. ثم من قال أن حتى هذه الوظائف أصبحت متوفرة هذه الأيام. بالنسبة إلى ديما إما أعمل بائعا في مطعم ماكدونالد أو أعتني بالأطفال وأغسل وأجلي. كل هذا كان يثير الاكتئاب. فكرت ان أهاتف الطبيب، هممت ثم تراجعت. سيقول لي ألم أقل لك انتظر لترى مفعول الدواء عدة أيام. اليوم هو الثاني والتغيير الوحيد الذي شعرته اني نعست ونمت عميقاً وافقت بموعدي. نفس الصباح الحزين ورائحة الصابون هي نفسها ورائحة عطر ديما الذي تخلفه ورائها كل صباح. حتى الأخبار في التلفزيون والانترنت والأثاث. لا شيء يشي أن الحياة ولدت يوماً جديدا، أو قل لا شيء يؤكد ان هناك حياة بالأصل. ربما كل ما نحياه عبارة عن وهم كبير بحجم الكون. لكن بالمساء انقلبت زوجتي ديما إلى إنسانة أخرى. ارتمت بحضني وقبلتني: كم أنت رائع وأنا غبية. ما كان يجب أن أضغط عليك. شكراً يا حبيبي. ولم اجبها بشيء. وقفت مذهولاً. أخر مرة ارتمت بأحضاني قبل سنة. تمنيت أن تزيد وتوضح أسباب كل هذا الرضا المفاجئ الذي لا ألقاه إلا حين أقدم لها هدية محرزة. لكنها استدارت وقالت دقائق وسأجهز المائدة. ظننت أنها جلبت معها طعاما جاهزا . حين جلسنا على المائدة قالت: لا اصدق انك أعددت كل هذا الطعام الشهي .. كيف رتبت وقتك ونظفت البيت. شلت المفاجأة لساني. فلم أغادر البيت أبداً ولم يدخله أحد ولم أنم سوى ساعة واحدة، لا يعقل أن يكون أنس أو جني قد دخل البيت خلالها وفعل كل هذا في ساعة واحدة فقط.  لم أشأ أن أنفي أو حتى أؤكد أنني لست من فعل هذا وارتحت لشعورها بالرضا وسعدت بأن لا صدام ولا خصام بيننا الليلة.
نمت كي أفيق مبكراً من أجل موعد لمقابلة عمل. أفقت مع ديما. بادرتني وكأنها تستأنف حديثاً طويلاُ. هذه المرة الأولى التي تفعلها.. أفعل ماذا؟ تمشي وأنت نائم؟ أنا؟ لقد لحقت بك عند باب البيت. أنا؟. ….!
غادرت مستعجلاً إلى المقابلة. كنت أعرف أنني أهدر وقتي هباء.. لكن أي وقت هذا؟ على الأقل أبدو أمام دينا أنني أبحث عن عمل في وظائف لملأ استمارات العمل فقط. وعلى كل الأحوال لم تكن هذه المقابلة الوحيدة التي أعود منها بخفي حنين.. سنكلمك إذا وقع الاختيار عليك.. نهارك جميل.
تكررت للمرة الثانية حكاية البيت النظيف والطعام الشهي. وارتمت دينا مرة ثانية في حضني تشكرني. وعلى الرغم من حبي لها فلا استطيع بتاتا مجاراتها بتنظيف البيت والاعتناء بالأطفال. في الليلة ذاتها رن هاتفي الخاص. كانت كريستين، زميلتي في عملي السابق وصديقة زوجتي. هل أنت مشغول؟ لا. أجببت أن أشكرك على الوقت الجميل الذي قضيناه بالأمس! أنا؟ نعم.. لم أكن أعلم انك ساخن إلى هذا الحد. وفكرت أن لا استحم حتى ابقى مستمتعة برائحة جسدك. جسدي؟ كريستين.. هل أنت سكرانة؟ – هل زوجتك بجانبك؟  
أغلقت سماعة الهاتف مرعوباً حين سمعت صوت دينا يناديني. ولاحظت أنني لست على ما يرام؟ وازداد الطين بلة حين رن هاتفي ثانية. كنت مرتبكاً وأرجف مضطرباً وشعرت أن دقات قلبي يسمعها الجيران. وديما تسأل: ما بك؟ شو في؟ من يرن عليك؟ نظرت إلى الرقم كان صديقي مصطفى. تنفست الصعداء قليلا وأجبت الهاتف كي أبدو طبيعياً. مصطفى الأخر بدا وكأنه يستأنف حديثاً معي: لقد جهزت كل شيء، يجب أن نتحرك الساعة الخامسة صباحاً. فقارب الصيد يتحرك على السادسة..
قارب صيد ماذا؟
زوجتي الأخرى كانت تعلم أنني ذاهب غدا مع مصطفى إلى رحلة صيد. أنا الوحيد الذي لا يعلم. هل فقدت الذاكرة؟ وكريستين… صديقة زوجتي.. هل نمت معها؟ لا أذكر أنني شاهدتها منذ أسابيع. كيف اكون فاقدا للذاكرة وأتذكر آخر مرة شاهدت كريستين ومتى تحدثت آخر مرة مع مصطفى.
اتصلت كريستين ثانية. هذه المرة رجوتها أن تخبرني كيف التقيت بها. سخرت مني بداية لكنها قالت لي بعد إلحاحي إنني مررت على مكتبها حين ذهبت إلى عملي السابق لاستلام بعض المستحقات. وانها عرضت علي ان نتناول الغذاء سوياً .. وتناولنا النبيذ على الغذاء.. فقبلت على الفور دعوتها إلى البيت بعد أن اتصلت بعملها واعتذرت عن الحضور لأسباب طارئة. وفي البيت حصل كل الذي حصل.
لو علمت دينا ستقتلني وتقتلها.
كلمت الطبيب شرحت له ما يحدث معي. أشار إلى أنه سيغير الدواء .. لأن بعض الحالات النادرة تصيبها هذه الأعراض ومنها مسح مؤقت للذاكرة.
خنت دينا ولو علمت ستقتلني وأقتلها..
توقفت عن تناول الدواء وبدأت أتذكر ملامح من جسد كريستين. أشم رائحة امرأة أخرى غير دينا.. زوجتي التي لم أفكر أن أخونها لو قطعوا عنقي. أحبها وأحب أطفالي وبيتي… فماذا أفعل؟
أخبرها.. أم أسكت.. كيف أعيش معها بذنب كهذا؟ وكيف أرضى أن تظل مخدوعة بصديقة لها تستأمنها كثيراً وهي خائنة نامت مع زوجها.
أنتم يا من غردتم خارج السرب دهراً، هل تخرجوني من عذابي هذا.. هل تدلونني أأسكت أم أعترف
 
التوقيع:
مهاجر إلى إحدى الولايات الشرقية الأمريكية
 

زر الذهاب إلى الأعلى