منذر ارشيد
الجزء الأول
من لا يكبر للناس ويحترمهم .. فهو ليس ابن ناس .. ولن يكون محترما … كيف لا والأمر يتعلق بفلسطين ارض الطهارة والرباط . فلم استطع إلا أن استجيب لإخوتي وأخواتي … أحبتي على مناشداتهم لي بالعودة للكتابة .. وما دعاني للاستنكاف وكما قلت في مقالتي ( استقالة قلم ) إلا ما قد أحسست به حول القادم من تطورات .. تبعث في النفس الأسى والإحباط .. وها أنا أعود استجابة لكم وامتثالا للواجب الوطني الذي نحمله على الأكتاف وفي القلوب .. والله نسأل أن يلهمنا ألقول الحسن في وضع النقاط على الحروف … أو الحروف تحت النقاط .. انطلاقا من إيماننا بأن الكلمة هي أمانة … ويمكن أن ترسل قائلها الى الدرك الأسفل من النار … إذا ما كانت في غير موضعاها … فلا أدعي بأنني مفوه ولا كاتب تحرير .. ولكنني ادعي أنني محاولا مجتهدا … بأن انقل ما هو يدور بخلجات الفؤاد حول أوضاعنا الفلسطينية بصدق وأمانة وتحمل للمسؤولية دون مداهنة أو إطراء أو تملق أو نفاق ….
( فتحاوي, ولكني فلسطيني أولا , ففتح هي العيون التي أرى بها فلسطين )
ورغم انتمائي لحركة فتح واعتزازي بهذا الانتماء .. فلن أكون فئويا … ولن انحاز ما حييت بإذن الله إلا للحق لفلسطين الوطن, و للمصلحة العليا لهذا الوطن وشعبه.. والله على ما أقول شهيد كيف لا ونحن من رضع حليب الفتح النقي بمكوناته .. وهي الثوابت والمنطلقات والمبادئ … التي انطلقت بها الحركة . ثائرة ضد الظلم والعدوان ..؟
((دراسة تحليلية بعيداً عن التعصب ))
أعتقد جازما أن شعبنا الفلسطيني أصبح في حيرة من أمره.. بل أصيب بالوهن من جراء ما يحصل في الوطن من تطورات تضع القضية الفلسطينية برمتها على مفترق طرق .. فها نحن شعب نحاصر ونقسم المقسوم … وهاهي جزيرة غزة غدت سجنا حقيقيا .. والضفة الغربية كان الله في العون … وأهلنا الصامدين داخل الخط الأخضر يعانون ما يعانون من كيد الاحتلال ومحاولات التهويد … وأهلنا في الشتات … ها هم في شتات مشتت … ويزداد تشتتا .. الى أن وصل التشتيت الى تشيلي والبرازيل . وكأن هناك من يقدم للاحتلال خدمات مجانية … لإنهاء الأمل في نفوس أطفالنا .. وتطاول الاحتلال أخيرا في عدوانه السافر على الأهل في قطاع غزة .. في محرقة سيسجلها التاريخ .. وتعاقب الأمم من ارتكبها مستقبلا ً.. لأن الفجر قادم لا محالة بإذن الله. ..
لقد استبشرنا خيرا عندما قرر الأشقاء الأعداء الالتقاء … وتنفسنا الصعداء … وبقيت عيوننا ترقب القاهرة … وتأملنا أن يتمخض عن تلك اللقاءات ما يعيد انبعاث الأمل في النفوس … ويحدث الانفراج ويعود الهدوء والاستقرار الى شعبنا … حتى يتفرغ لمشروعه الوطني الذي يتآكل يوماً بعد يوم ..
ولكن ما حصل في قلقيلية مؤخرا من تطورات مؤسفة …
أثبت لنا من جديد … بأن غزة في واد ٍ والضفةُ في واد آخر.. و الله وحده يعلم ما هو المراد ..! فهل نستطيع القول بأن قلقيلية هي العنوان لبداية النهاية …؟
ما حدث في قلقيلية ليس حدثا ً عاديا …ً بل هو تطور خطير وخطير جداً … ولسنا بصدد تبيان السبب أو المسبب … ومن بدأ ومن أنهى والنتائج.! لأن الأمور أصبحت واضحة المعالم .. ولكننا بصدد القول بأن ما حصل من كوارث قد أصابتنا … كانت كفيلة بأن تشكل رادعا لمن فكر بالقيام بمثل هذه الأفعال .. خاصة في ظل وجود أجواء تصالحية .. كانت قد ابتدأت في القاهرة .. لأن مثل هذا الأمر سيأخذنا إلى حكاية البيضة والدجاجة .. وسيأخذنا الى المجهول بل الأشد جهلا وفتكا ً.. وأن الاحتلال هو المستفيد من النتائج التي حصلت لا حمالة .!!
فمهما كانت مبررات الطرفين فالحقيقة أنها خسارة وطنية بامتياز… وستشكل مدخلا لتطورات يمكن أن تذهب بما تبقى من أمل في النفوس …لرأب الصدع وتوحيد أجنحة الوطن … لأن الوطن بحاجة للأجنحة من أجل التحليق عاليا .. ويكون نجما في سماء الحرية .. فالقصة ليست قصة مجموعة من المقاتلين المطلوبين وما جرى منهم أو معهم … لا أبداً .. فالمسألة أكبر من ذلك .. ولكن أستطيع القول بأن ما حدث … هو ضمن مسلسل له ما قبله وله ما بعده …
(( إغراء السلطة والتسلط ))
فمنذ أن قررت حماس الدخول في لعبة السلطة بدأت الكارثة … ليس لأن حماس جسم غريب أو أنها لا يحق لها أن تدخل السلطة … ولكن لأنها دخلت المعترك السياسي في ظل اتفاق أوسلو الذي تعتبره خياني … ومن رحمه ولدت قضية الانتخابات التي كانت سبباً بفوزها ودخولها الى السلطة .. وما يترتب عليه من التزامات وقعتها منظمة التحرير … وحماس التي رضيت بجزئية من أوسلوا مكنتها بالولوج إلى السلطة … ورفضت التعامل مع بقية الأجزاء الأخرى … ظناً منها أنها قادرة على تغيير المعادلة …
وهو أمر كان قد حذر منه حينها معظم القيادات المقاومة .. وقلنا حينها (حماس دخلت المصيدة ) فحملت مشروعها المقاوم ليختلط بمشروع السلطة الغير مقاوم .. ودخل الحابل بالنابل … فلا مبرر لذلك … ولم يستطع أن يقنعنا أحدا بذلك … والنتائج أصبحت واضحة للجميع ..
وعلى الرغم من ذلك . كنا نتمنى أن تبقى حماس في مقاعد المعارضة الشرعية … وفي مجلس النواب للشعب المقاوم … بحيث تستطيع أن تضع الفيتو على كل ما لا يتناسب مع طموحاتها واستراتيجيتها … وبحسب برنامجها المعلن (مقاومة حتى التحرير ) ولربما لكانت قد أحدثت تغيراً نوعياً في المعادلة من خلال المعارضة ..
ولكن حصل ما حصل وما نعرفه… ووصلت الأمور إلى ما وصلت إليه من نزاع ودماء وفراق وشقاق ونفاق , والنفاق هنا مارسه الجميع دون استثناء …فالآلة الإعلامية كانت أشد فتكا ً بوضعنا الفلسطيني حتى بات شعبنا في حيرة من يُصدق ومن يُكذب ..!!
إن مشروع السلطة هو مشروع تفاوضي فقط … ولا يتبنى المقاومة المسلحة … خاصة بعد رحيل الأخ القائد أبو عمار الذي كان يتبناها ..!!
السلطة الفلسطينية شئنا أم أبينا …هي مشروعاً يريد تحقيق مشروع الدولة من خلال التفاوض فقط مع الجانب الإسرائيلي … وهذا المشروع بات واضحا ً لا لبس فيه …. وهي تستخدم كل الوسائل المتاحة وغيرها … في تثبيت مشروعها ونهجها وسياستها … رغم إجحاف الجانب الإسرائيلي وعدم احترامه للعهود والمواثيق وعدم إقامته وزنا للشرعية الدولية .. تطبيقا للقول القائل (( القوي سايب وعايب )) ..!!
والسلطة ما زالت تراهن على المفاوضات … رغم فشلها على مدى عقد ونصف العقد .. وهي مفاوضات عبثية لم تستطع منع قطع شجرة زيتون واحدة … أو إزالة حاجز … وهي تتمسك بخارطة الطريق المجحفة بحق شعبنا … وكما قيل مرارا على لسان أكثر من مسئول في السلطة .. بأنها طبقت كافة التزاماتها بهذه الوثيقة المسماة بخارطة الطريق … وتم الالتزام خاصة بالبنود الأمنية حسب تعبيرهم … وهذه البنود تقتضي بوقف أي عمل مسلح خارج إطار الشرعية … أي الشرطة الفلسطينية .. وبات واضحاً أنها لن تسمح لأي مقاوم أن يخرج عن قراراتها والتزاماتها الأمنية … وهذا لم يكن سراً على الإطلاق … بل تم إعلانه مرارا وتكرارا وعلى رؤوس الأشهاد و بكل وضوح … ونفذته الأجهزة الأمنية للسلطة في أكثر من باب من خلال التنسيق الأمني الذي بات معروفا ً ومن خلال المدعو دايتون …!!
والذي طال أول ما طال المقاتلين الفتحاويين الأشداء (كتائب الأقصى والعودة ) والذين كانوا هم رأس الحربة في الضفة الغربية ولم يكن لحماس أي فعل إشتباكي مع العدو بالمعنى الشامل
ليس حماس فقط … بل إن كل اذرع الفصائل الفلسطينية المسلحة بكل أسمائها وتلاوينها … وفي مقدمتها حركة فتح … لا تقبل التنازل عن حق شعبنا في مقاومة الاحتلال بكل الطرق المتاحة … وعلى رأسها التمسك بالمقاومة المسلحة موازية للتفاوض … فنحن لسنا ممن يعشق الموت … ولكننا نأبى الذل ونريد العيش بكرامة في وطن كريم …!!
إن هناك محاولة لاستغباء شعبنا من خلال ما يجري في القاهرة من حوار … من اجل الوصول للملمة الصف ورأب الصدع … ولا ندري كيف وعلى أي قاعدة .. فهل سيتنازل طرف للطرف الآخر …!!
مجرم لا بل خائن من يكره عودة والوئام وإنهاء الخصام .. وخائن من لا يرغب بالوحدة وعودة المياه إلى مجاريها … ولكن كيف وعلى أية قاعدة … ؟
ولكن ..لا تستخفوا بعقولنا بالله عليكم … الى أين انتم سائرون بنا …؟ وما هو مشروعكم …؟
يتبع ..الجزء الثاني