بقلم : منذر ارشيد
ما حدث في قلقيلية عارٌ ومُدان مُدان مُدانْ
أكمل واضعا ً تصوراً متكاملاً وشاملاً لأسباب الأزمة وما يحيطها من كل جوانبها من تساؤلات
أرهقتنا ونحن نبحث عن علتها ومعلولياتها , وما زلنا لم نصل لجواب شافي .
أنهيت الجزء الأول بالقول ما هو مشروعكم ..! والسؤآل كان للجميع دون استثناء
فما عدنا نعرف أي مشروع نعتمده نحن الشعب الفلسطيني بعد أن أضعنا حقنا التاريخي في فلسطين ولا زلنا نراهن على بعض من بقية مما تبقى .. هذا إن تبقى شيء..!
فهل ما يجري ما هو إلا تكريس لفصل الضفة عن غزة بشكل نهائي على اعتبار أن لا فائدة من أن يجتمع ” المتعوس على خايب بالرجاء ” ويقول الراعي المصري
(خلاص .. أنت خذ حصتك وأنت خذ حصتك وخلصونا)
واستناداً ما قاله رئيس المخابرات المصرية الذي تم نشره في وسائل الإعلام ..
((إذا لم تتفقوا سنفرض عليكم إتفاقاً )) ربما ما وصلت إليه الأمور من تردي وصل إلى حد القطيعة ” ربما سينتج عنه ترجمة لقول السيد عمر سليمان وبأي صيغة ..! (علينا أن ننتظر)
لا أقول هذا من باب الإستهجان بل هو من خلال معطيات وأحداث تحير العقول
فلماذا الإصرار على إنهاء حركة فتح في قطاع غزة .!
وما يتبعه من ردة فعل لإنهاء حماس في الضفة ..!
وهل هذا يخدم المشروع الوطني بشطب أكبر تجمع فلسطيني بقواعده الجماهيرية الواسعة
فتح حركة رائدة أسست للنهوض الوطني والمقاومة بينما كانت حماس في ما قبل الولادة
بعيدا عن ما جرى في قلقيلية والذي هو مدان ومستنكر ومستهجن وممن سقطوا هم من أبناء شعبنا سواء من المجاهدين أو من أفراد الأجهزة الأمنية
ولعن الله التنسيق الأمني الذي حول المناضلين القدامى إلى محاصرين ومعتقلين وسجانين لأبناء شعبهم “ولا ننسى ما حدث في غزة منذ الانقلاب وقد شرَع حفظة القرآن قتل الأخ لأخيه المسلم
دون محاكمة ولا قانون ولا شرع
((أثناء الحرب على غزة ))
أما حركة حماس ومن يمارس منهم أساليب لا تليق بحركة مقاومة تريد التحرير والاستقلال … حيث أنه لا يمكن أن يعقل أن كل أبناء حركة فتح الموجودين في القطاع هم جواسيس وعملاء وفاسدون … وهل يعقل أن يستمر العمل استنادا على ردات الفعل ..!
ولا نعتقد أن القيادة لحركة حماس يمكنها أن توافق على هذه التصرفات التي تزيد الضرر الواقع أصلا بين الحركتين …
هل كان من الضروري تجريد أبناء الحركة من السلاح بعد السيطرة وحتى أثناء الحرب على غزة وبعدها … ومداهمة البيوت الآمنة بحجج كثيرة واعتقال المئات من المناضلين .. أما القتل والإيذاء الجسدي والنفسي بدون وجه حق ولا قانون ولا شرع فقد حصل بشكل فظيع
فلا ندري الدوافع الحقيقية لمثل ذلك التصرف ..!
حتى وصل المساس بقادة فتحاويين كبار من الذين كان لهم رأي … بأن هناك فساد ويجب محاربته … وأن منهم من برر لحماس ما قامت به … تحت بند المصلحة الوطنية العليا … وتم اعتقال هؤلاء القادة بداية بالأخ أبو النجا وانتهاءً بالأخ احمد نصر … فلا نجد تفسيرا لذلك .. وما ذنب الدكتور زكريا الاغا … هذا الرجل القائد الكبير المسالم والحكيم ..!
مر عامين ونحن نشهد على مثل هذه الأفعال .. من القهر والإذلال لقيادات فتح المسالمة الشريفة … لا بل الوحدوية … بدلا من إيجاد أرضية تتسع مساحة اللقاء عليها … يحصل العكس … فلم يبقى من فتح في القطاع ممن تعتقدون أن الحديث معه ذو فائدة …؟
(ألم يكن العدوان الصهيوني كافياً .!)
إن العدوان إلاسرائيلي على غزة قد طال الجميع … ولم يميزوا بين أفراد الشعب الفلسطيني … والتصدي للعدوان في معركة مسلحة … يؤدي بالضرورة الى وحدة الصف .. ونبذ الفرقة ورص الصفوف … فهذا فرض على كل أبناء الأمة … وكنا ننتظر من الأخوة في حماس توزيع السلاح على مقاتلي فتح وليس العكس …!
ألم يكن الوضع يتطلب التصدي للعدوان ..!
إذا ً.. نحن بحاجة لكل الطاقات … وبحاجة لوضع خطط العمل وتأمين كل مستلزمات الوقاية من جراء حدوث الحرب العدوانية … من حشد الشعب وتعبئته مادياً ومعنوياً ووضع التحصينات وحفر الخنادق وتأمين الذخائر والسلاح على المواقع الاستراتيجية والأماكن المتوقعة وتحصينها بأكياس الرمل وتأمين المواد الغذائية في مختلف المواقع … وكل هذا يتطلب حشد كافة فئات الشعب والتنظيمات … وخاصة المقاتلين من أبناء فتح المتدربين والمجربين وهم بالآلاف…!!
(( القائد يجب أن يكون والد ))
أما إذا كانت حماس وقد مضى على حكمها وتفردها في قطاع غزة عام ونصف … وهي تتوجس ريبة وخيفة ولا تثق بالفتحاويين … وتخشى من أن ينقلبوا عليها أثناء الحرب ..!
وإذا كان هذا صحيحاً ..! فهنا تكمن مسألة في غاية الخطورة .. والمشكلة تكون في حماس وعندها فقط … وتكون غير جديرة بمكانتها التي وصلت إليها كقائد سياسي وميداني يحكم القطاع لأن مرور عام ونصف من الزمن .. كان كافيا ً لحركة عظيمة وقادة مؤمنين أتقياء انقياء … أن يجعلوا من الفتحاويين جنوداً يأتمرون بأمر أي قائد عسكري حمساوي يأمرهم للتصدي للعدوان الإسرائيلي “لأن المسألة وقتها ليست فئوية , بل وطنية بامتياز
فأبناء فتح تربوا على أن عدوهم واحد ألا وهو إسرائيل , والتجارب الماضية أثبتت ذلك … وكما أن من بقوا في غزة بمعظمهم مناضلون أحرارا … وما أسهل توجيههم نحو العدو واستبسالهم وهم المُجَرِبون والمُجَرْبُن في كل ميادين النزال مع العدو من جنين حتى رفح
كان العدوان الإسرائيلي على غزة في أوجه . وشباب الحركة الأشاوس قاعدون … لا سلاح ولا عتاد ولا خطة عمل تدخلهم في أتون المعركة … اللهم من فئة تختفي وتظهر من كتائب الأقصى عملت في أخطر الظروف دون تنسيق مع أصحاب الأمر في غزة مع غياب التنسيق … وخاصة أن قيادة حماس اختفت لأسباب أمنية فما عاد هناك ضابط ولا رابط لأي شيء ,وما عاد هناك من يتواصل مع الكل … وترك الناس تحت رحمة القنابل والصواريخ … ورغم هذا فقد أثبتت الأحداث أن مقاتلي كتائب الأقصى خاضوا غمارها … فسقط منهم العشرات شهداء أبرار ..!!
استمر العدوان الإسرائيلي على غزة … دون تشكيل غرفة عمليات لمواجهات العدوان تضم الجميع …
نعم لقد كان هناك محاور مشتركة من أبطال القسام والجهاد والألوية والكتائب وأبلت بلاءً حسنا في المواجهات… وهذا أمر لا أحد ينكره … ونفتخر به ونريد تعزيزه … خاصة وأن ما دفعت به إسرائيل في أرض المعركة أكبر من أن يتحمله المقاتلون الفلسطينيون بإمكانياتهم المتواضعة قياساً بالسيطرة الجوية والبرية والبحرية …!!
ولكن ورغم هذا فكانت المواجهات بتصرف فرضته الظروف الميدانية دون تنسيق أو خطط مسبقة …كل يعمل حسب اجتهاده …!!
واستطاع الشعب الفلسطيني بتصديه وصموده وثباته وتحمله الأسطوري .. أن يفسد على العدو مخططاته … ودفعنا كشعب فلسطيني من كل ألوان الطيف ثمن العدوان على الشعب المغلوب على أمره … ولا نستطيع أن ننكر على أن هناك أبطالا ً من كل الفصائل قد ضحوا بأرواحهم ومنهم قادة كبار … دون النظر للأفق الضيق …!!
ولا نستطيع أن ننكر بأن النتائج التي تمخضت عن آثار العدوان على غزة … بعدم تحقيق العدو المحتل ما كان قد أتى معتديا لتحقيقه ولم يتحقق … قد أعطى حماس مساحة أكبر في خطابها السياسي … وخاصة في مخاطبة العالم الخارجي … على اعتبار أنها رقماً صعباً في المعادلة الفلسطينية لا يمكن تجاوزه… مما جعلها نداً قادراً على العمل في دهاليز السياسة التي كانت محرمة عليها قبل ذلك ..!!
بدون أدنى شك أن النتائج المشرفة … قد رفعت من معنويات الأمة العربية والإسلامية … على اعتبار أن غزة صمدت من خلال تضحيات أهلها العظام … وصبرهم الذي فاق التصور رغم الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات ..!!
ولكن … هل كان هذا الإنجاز في غزة … قد شكل حافزاً لحماس أن تطور نفسها على جميع الأصعدة خاصة في الإطار الشعبي الداخلي … وهل قامت بمراجعة لكل ما يمكن أن يعزز مكانتها على الأقل مع بقية الفصائل وخاصة مع فتح ..؟
وكانت هذه فرصة ذهبية لحماس بأن تستثمر ما حصل لتعزيز مكانتها داخلياً على الأقل … وأخذ قوى فتح الحية والفاعلة في أحضانها .. و التي تشكل جزءاً لا يستهان به في القطاع … وكنا نأمل أن تستدرك ذلك … دون الذهاب الى أبعد مما كان وجرى في الماضي … وزيادة التشنج وتسميم الأجواء ليصل الى حد العداء للفتحاويين … من خلال الاعتقال والاتهام ومنع المهرجان وأي نشاط مهما كان بسيطاً … وكان هذا جليا بمنع أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر الفتحاوي من الخروج أو باعتقال أحد الأعضاء أثناء عودته …!!
أم أن الأخوة في حماس لا يريدون رؤية أي أثر لحركة فتح في القطاع …؟ فعلى القيادة على الأقل أن توضح هذا الأمر ولا يعقل أن تبقى الأمور على حالها ..!
(( السلطة لها وضع آخر ..!! ))
إذا نحن أمام صراع بات مكشوفاً بين إرادتين كل منهما مطلوب منه أن ينهي الآخر … من يتتبع الأحداث يجد أنه أي الصراع هذا يأخذ منهجية فاعلة مؤثرة من خلال الفعل هنا وردات الفعل هناك .. وتكبر المسألة تدريجيا ككرة الثلج المتدحرجة … علينا أن نقر ونعترف بأن حماس اختارت طريق القطيعة مع فتح أولاً والسلطة ثانياً ومن يقول غير ذلك فهو واهم ..!!
وكما أسلفت فلو أرادت حماس أن تجعل شرخاً ما بين السلطة وفتح لفعلت … ولو كان لديها رؤيا وطنية حقيقية وهي تقول أن السلطة خائنة ودايتونية … لميزت بين فتح والسلطة وخاصة أن فتح فيها خلاف بين من يحمل نهج المفاوضات ومن يحمل نهج المقاومة … ولكنها وضعت الجميع في سلة واحدة …
وما دامت السلطة من وجهة نظر حماس سلطة عميلة وخائنة ودايتونية وهذا رأي مُعلن على كل وسائل الإعلام فماذا تنتظر حماس من السلطة …؟
فما تقوم به السلطة هو أمر بديهي وليس مستهجنا ً .. لأنها تعلن أيضا جهاراً نهاراً أنها تريد فرض سيادة القانون ومنع أي تجاوز له … حسب قرارات الرباعية … وقد قامت منذ البداية بوقف المقاتلين واعتقالهم وأولهم مقاتلي فتح قبل غيرهم (كتائب الأقصى والعودة ) وهم الذين كانوا يواجهون قوات الاحتلال بكل ما أوتوا من قوة … ولم يكن لحماس أي مقاتلين بالضفة بالمعنى العملي … سواءً في عمليات الاشتباك اليومي أو الهجمات المتقطعة على المستوطنات … وهذا ثابت وموثق ولا يحتاج إلى أي دليل ..
ونقول هذا الكلام ونحن نرفضه من أساسه وأعلنا موقفنا منه في أكثر من مقال ومقام … وهو ما يؤكد وجود نهجين في فتح وخاصة مع غياب البرنامج السياسي المثبت لحركة فتح منذ عشرون عاما .. في ظل غياب انعقاد المؤتمر الحركي الذي يجب أن يتم عقده .. لتحديد ومعرفة اتجاه البوصلة النهائية في حركة فتح ..!!
هل الاتفاق ممنوعا ً… ومن يضغط بهذا الاتجاه ..؟
وهل هو الفصل بين جناحي الوطن من أجل إيجاد كيانين فلسطينيين ..؟
أعتقد أن الأمر كذلك … وإلا لماذا الإصرار من الطرفين على وضع العقد في المنشار … كلما اقترب موعد اللقاء على طاولة الحوار للوصول الى تفاهمات … وخاصة أنه في الأسبوع الأخير كان كل شيء في عداد الجهوزية للبيان الختامي وفجأة انقلب كل شيء … لماذا ..!؟؟؟؟؟
وهل ما حدث في قلقيلية مجرد صدفة .! ؟
الله أعلم أنه ..ليس بالصدفة ..وليس هناك ما يبرره على الإطلاق والذين سقطوا هم من أبناء شعبنا
لأن السيناريو الذي حصل يوضح مسائل كثيرة وكما أعتقد أن المجاهدين أيٍا كانوا ومن أي جهة كانوا وكما أفراد الأجهزة الأمنية أيضاً إنما هم مجرد ضحايا لمخطط مرسوم قادم … يعلم به العارفون ولا يعلم به الغارقون … الغارقون بالأحلام والأوهام بأن المسألة مجرد صدفة عابرة … إذا ً والله أعلم .. نحن أمام خطر ماحق ساحق … خارق حارق متفجر … بلغة العسكر … وكنا قد حذرنا منه منذ البداية
ولكن هل ينفع الحذر مع القدر…؟
ويبدو ومن خلال ما أسهبنا فيه من تحليل أننا أمام فصل جديد من فصول المخطط الصهيوني والذي يبدو أنه سينفذ بأيدي فلسطينية وأتمنى أن أكون مخطئاً …
إن ما جرى في قلقيلية وكما قلت ولن أدخل في تفاصيليه ولن أحكم على من افتعله أو من سببه أو من نفذه ..! فهو يخدم مخططاً مرسوماً مفاده تقسم الوطن مهما حاولنا أن نقول أنه وطن واحد ..!!
ويبدوا أننا في أواخر هذا المسلسل الذي ستتضح معالمه بعد أيام عندما نسمع قرار اللواء عمر سليمان مدير المخابرات المصرية
إذا لم تتفقوا سنفرض عليكم إتفاقاً …!!
والسؤال الذي يقف أمام مخيلتي مع كل هواجس الخوف …!!
هل نحن أمام دولة يهودية… ودويلة إسلامية… ودويلة فلسطينية …؟
إذا كان الجواب بالنفي …ويا ليته يتم نفيه وحتى يقال لنا (إخرسوا)
ولكن هذا يتطلب جواباً عمليا ً من خلال إزالة كل أسباب التوتر ونزع فتيل الأزمة
وبالتعاون مع جميع الأحرار والشرفاء في هذا الوطن .
أخيرا ً أقول أن الأمر يحتاج إلى معجزة ى” ولكن هل بقي في الدنيا معجزات ..!!
ليس على الله شيء مستحيل ..
اللهم الطف بشعبنا وبما جرت به المقادير … انك أنت السميع المجيب …!!
رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .. صدق الله العظيم .