أرشيف - غير مصنف
التكفيريون في مدارس مدينة معان الأردنية … إلى متى؟؟
كتبه/ محمد آل خطاب
بعد أحداث معان عام 2002م والصدام المباشر ما بين الأجهزة الامنية و أصحاب الفكر التكفيري المسلحين في معان وبعد ستة أعوام من هذا الصدام الذي نتج عنه كثير من التداعيات ومنها إلقاء القبض على رؤوس هذا التنظيم وهم أبو سياف ومجموعته ، وإعادة الأمور إلى نصابها وسيرها الطبيعي، سعى أتباع هذا التيار المتشدد إلى اخذ هدنة جديدة من أجل أن يعيدوا من خلالها ترتيب أوراقهم ولكي, إلى يعودوا الى الساحة بقوة إذ أن الانتقال إلى مرحلة جديدة تحتاج إلى بعض إجراءات التغيير في الأساليب والأدوات والتكتيك والاستراتجي لكي يتسنى لقيادات هذا التنظيم الحفاظ على وحدة أفراد هذا التيار خوفا من التفكك والتشرذم إضافة إلى ضمان استمرار النشاطات الدعوية والفكرية والعقائدية والعملية التي تحقق أهداف منظري الفكري التكفيري السياسية، فسرعان ما بادر قادة هذا التيار إلى تشكيل مجموعة من المنظرين تقوم مقام المرجعية الايدولوجية إذ يقع على عاتقها القيام بمهمات متعددة وأساسية منها تصدر عملية الإفتاء والإرشاد والتوجيه وحل المشكلات وعمل استراتيجيات تكفل جذب الأتباع والأنصار كما تكفل عملية تعزيز قوة هذا التيار في المجتمع ومؤسساته والتغلغل في المؤسسة التعليمية وخصوصا في مدارس الأطفال والبراعم البريئة والبحث عن مصادر التمويل المالية والتي تضمن لهم تحقيق و إنجاز الأهداف شيئا فشيئا في مدينة يخيم عليها الفقر والبؤس والتراجع الاجتماعي والثقافي وفي مدينة يلفها النسيان بعيدة عن أعين المسؤولين الحكوميين.
وهكذا وفي ظل هذه الظروف التي تحيط بالمدينة حيث لا مشاريع ولا تنمية ولا ترفيه ولا حركة ثقافية استطاع أتباع هذا التيار أن يصنعوا لأنفسهم موقعا مسيطرا وحيزا كبيرا وتأثيرا مباشرا مشكلين بذلك جماعة ضغط سياسية لا يمكن الاستهانة بها أو إنكارها ،وفي مجتمع بسيط يخيم على أجوائه البطالة والفقر والتخلف يمكن أن يتوفر لايدولوجية التكفير مناخ مساعد للنمو والتكاثر .
فالحاجة إلى الدعوة والحشد ضرورية بالنسبة إلى أتباع هذا التيار المتشدد كما أن الحاجة إلى القاعدة المادية أيضا ضرورية من اجل التوسع في أعمال الدعوة وتشكيل الخلايا وجذب الأنصار والترويج العقائدي في مدارس المرحلة الأساسية وإطعام الفقراء والمساكين وتقريب المناصرين وترغيب الأطفال والمراهقين ومداعبة مشاعرهم وتلبية رغباتهم من خلال تشكيل حالة من الاحتواء الجمعي والتعزيز والدعم والرعاية التي يفتقدونها في أسرهم ومجتمعهم ومؤسساتهم التربوية التي تعاني حالة من الإهمال واللامبالاة لبعدها عن العاصمة عمان وعن أعين المسؤولين .
يزداد عدد أتباع هذا التيار المتشدد في معان بوتيرة غير مسبوقة بحيث غدوا يشكلون تيارا سياسيا له تعبيراته الايدولوجية والاجتماعية والسلوكية التي تعبر عن ذاتها علانية وبدون خوف أو خجل فئة رأت في منهج التكفير وتحطيم المجتمع وفرض السلطة الدينية وإلغاء الفكر الآخر وعقيدة التقية خير وسيلة لتحقيق أهدافها ومآربها وقد أسهمت في تنامي هذا التيار عدة عوامل سياسية واجتماعية واقتصادية .
ففي مدينة يشكل الفقر فيها نسبة عالية جدا ويخيم على شبابها الإحباط واليأس ويهيم أطفالها في الشوارع بلا هدف أو غاية ، فلا ملعب ولا حديقة ولا متنزه ولا نشاط ثقافيا أو رياضيا موجود هناك فلا وجود لغير السلفيين المتشددين المنتشرين في كل ركن وفي كل بقعة وفي كل مدرسة وفي كل مسجد فهم من يستطيع من خلال توفر القاعدة المادية والنقدية أن يجذبوا هؤلاء الأطفال وان يوفروا لهم احتياجاتهم إلى أن يصبحوا بعد فترة وجيزة جزءا من الجسم التكفيري يذودون عنه ويروجون له تحت مسميات جذابة ومغرية .
، ووفق هذا العوامل المساندة والمساعدة استطاع هذا التنظيم أن يعيد ترتيب أوراقه وان يجمع حوله في غفلة من الرقيب وإهمال من المسؤول وتقصير منه عددا كبيرا من المناصرين من فئات الشباب والمراهقين والتي كان من المفروض أن يكونوا فرسان المستقبل والتغيير والتحديث والتنمية بدل أن يكونوا أدوات هدم وتخريب وإفناء لعناصر المجتمع ومكوناته، فجمع بذلك التكفيريون ما يزيد عن ال ثلاثمائة من الشباب إذا ما استثنينا طلاب المدارس الذي يزداد عددهم يوما بعد يوم ففرضوا شروطهم على كثير من سلوكيات أفراد المجتمع في معان وعلى معطياته.
للتنظيم التكفيري في معان منظرون ايدولوجيون حركيون استطاعوا أن يحدثوا نقلات نوعية في جميع المجالات الدعوية والتنظيرية والاقتصادية ، فالمال هو احد اذرع هذا التنظيم والعنصر الأساس الذي يسهل العمل والإنجاز ولكن كيف يمكن لهؤلاء الحصول على الأموال وجميعهم من الموظفين والشرائح المتوسطة والفقيرة وكيف لهم أن يجمعوا هذه المبالغ إذ بدونها لا يمكن أن يتغلغلوا ويتجذروا في مجتمع يسوده الفقر والبؤس والعوز .
قام احد قادة هذا التيار بالتعاون مع جمعية العفاف الخيرية والتي أصبح رئيسها فيما بعد ومن خلال هذا الموقع أصبحت هذه الجمعية رافدا اقتصاديا مهما لدعم نشاطات هذا التيار في جميع المجالات وكافة المجالات إذ استطاع التكفيريون أن يجدوا مظلة شرعية لجمع الأموال سواء من الأردن أو من السعودية التي يسافر إليها مجموعات من أتباع ذلك التيار بشكل دوري وبتأشيرات دخول للزيارة والعمرة يقومون من خلال ذلك بجلب الأموال بشكل لا يلفت النظر من خلال التستر بقضية التجارة وغيرها،هذا من جانب أما الجانب الآخر فيتجه إلى جمع المساعدات والنقود في رمضان تحت مسمى لجنة سبيل معان وهذه اللجنة التي تجمع كل عام عشرات الآلاف من الدنانير هي المصدر الرئيس الداعم إضافة إلى الموارد الأخرى كتبرعات المحسنين وكبار التجار في معان وخارجها.
من خلال القاعدة المادية استطاع قادة هذا التيار أن ينفقوا على نشاطاتهم وان يخترقوا الحركة الشبابية في المدارس فطلاب المدارس والمدارس بحد ذاتها أصبحت منابر لهؤلاء فالعديد من المعلمين الذي ينتمون إلى هذا التيار وزعوا أنفسهم على العديد من المدارس لكي يقوموا بمهمة الدعوة بين الطلبة وتنظيمهم واد لجتهم فكريا إذ أضحت مدارس( الثورة العربية الكبرى، الخليل بن احمد ، ذكور معان الثانوية، فلسطين الأساسية ، صلاح الدين الأيوبي ،عمر بن الخطاب الأساسية وغيرها) منابر دعوية لدعاة هذا الفكر وبعلم تام من قبل مديرية تربية معان التي تنام على أذنيها ولا يهم المسؤولين فيها إلا أن يحسبوا مياوماتهم ومكافآتهم دون أن يقوموا بمهامهم التربوية بالشكل المطلوب حتى غدت الملصقات التكفيرية تملأ ساحات وأروقة مدارس ذكور معان وإناثها على حد سواء فالملصقات التي تحذر من التدخين وحلق اللحى والنظر إلى الأنثى والاستماع إلى ألاغاني وتحذر من الاختلاط والزنا وتحرم على الفتاة أن تتعطر أو تلبس مريول المدرسة لأنه فتنة أصبحت ظاهرة ومعلنة للجميع ولا احد يستطيع التغاضي عنها أو إنكارها، كما أن تعيين بعض الحركيين من جماعة الإخوان المسلمين كمدراء ومساعدي مدراء مدارس قد أسهم بالطبع في خلق نوع من الترابط والعلاقة ما بين التيارين فنرى ان العلاقة ما بين مدير تربية معان الحالي وجماعة الإخوان علاقة قوية حيث خصهم بالدعم والمؤازرة وحرية التنقل من مدرسة إلى مدرسة فأصبح بذلك التيار الديني سواء التكفيري ام الاخواني هو المسيطر على مدارس المدينة والمؤثر في عقول طلبتنا بعيدا عن الإسلام السمح ، فياتي على سبيل المثال مدير تربية معان فيقوم بنقل احد العناصر التكفيرية المتشددة من مركز مصادر التعلم الى مدرسة الخليل بوظيفة مرشد اجتماعي ومدرس فكيف يمكن للتكفيري ان يكون مرشدا اجتماعيا لأطفالنا ثم يأتي مرة أخرى ليعزز أمير جماعة الاخوان وهو مشرف تربوي في مديرية معان الذي ترد عليه جميع مشتريات التربية من قرطاسية وكتب ولوازم وله الحرية في ممارسة نشاطه دون أي مضايقات فقط من أجل أن يقدم له امير الجماعة وكوادرها تأييدا في صحيفة الرأي والدستور يعزز من وضعه الوظيفي فتبادل المصالح النفعية والسياسية يكون على حساب اطفالنا وبراعمنا ذات المستقبل المجهول ، فالدعم المستمر الذي تمارسه إدارة تربية معان تجاه التيار الديني بمختلف اتجاهاته لا يمكن في أي حال من الأحوال ان يخدم المصلحة العامة ومصلحة ابنائنا الطلبة.
سنضرب مثالا واحدا على الاستغلال المادي لفئات الأطفال ففي مسجد الزراعة قامت مجموعة من التكفيريين في غفلة من الرقيب بتشجيع الأطفال على القدوم لصلاة الفجر كي يتسنى لهم إعطاء الدروس والإرشادات الدينية المتشددة بدون علم ذوويهم فالأب يعتقد بان طفله يتعلم الدين والأخلاق والسلوك الصحيح ولكنه يفاجأ بعد حين بان ابنه يطلق علي أبيه حكم الكفر و ينعته بالطاغوت لأنه يدخن مثلا او لأنه تارك للصلاة أو لأنه يحلق لحيته، ولكن الأدهى والأمر من ذلك هو أن هذه المجموعة التكفيرية تقوم بتقديم تشجيع وتعزيز لهؤلاء الأطفال وذلك بتقديم مبلغ دينار واحد لكل طفل يصلي الفجر جماعة وعن كل يوم مما حدا بأطفال منطقة الإسكان الفقراء إلى أن يكونوا من المواظبين على صلاة الفجر ففي إحدى المرات تجمع في المسجد حوالي سبعين طفلا من اجل تلقي هذه المساعدة المالية وبذلك يستقطب التكفيريون الطفل الذي يجدون فيه الشروط التي تناسبهم.
وفي نشاط آخر مهم وخطير وهو مشروع السبيل الذي أخذ الشرعية من احد المسؤولين الرسميين في منطقة معان وحقق للتكفيريين قاعدة مادية مهولة من خلال لجنة سبيل معان التي تقوم بجمع التبرعات بشكل كبير فهم يستطيعون توفير وجبات الطعام الدسمة ل 1000 أسرة فقيرة في معان يوميا وعلى مدار شهرين فأكثر وهذا الجهد الخيري في ظاهره المبطن بأهداف بعيدة المدى استطاع أن يحقق للتكفيريين الشرعية في جمع الأموال أولا ثم التوسع في النشاطات ودعم الأنصار واستقطاب الكثيرين واستغلال ظروف المعوزين والفقراء والمشردين كما وفر أيضا شراء الأسلحة التي ظهرت للعيان وأمام كاميرا قناة الجزيرة في مسيرة الغضب لغزة يوم الجمعة الماضية وفي اكبر استعراض عسكري للتنظيم التكفيري بعد طول غياب وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على خطورة الموقف كما يدل وضوحا على تراخي المسؤولين في معالجة تلك الظاهرة والحد من تناميها.
المواطن علي الفناطسه أعرب عن استيائه لتكسير الكشك الأمني من قبل التكفيريين أثناء مسيرة الغضب لغزة الجمعة الماضية وقال: هل التخريب والتكسير والاعتداء على رجل الأمن يحقق لنا مصلحة أو يسهم في نصرة أهل غزة ؟؟، على الحكومة أن تعاقب كل معتد على الممتلكات ومصالح الناس وأضاف عندما يتم اعتقال هؤلاء يهرع شيوخ البلد للتوسط لهم من اجل إخراجهم من السجن فتزيد الطين بله، وأضاف قائلا: ليس كما يدعي البعض بان المشاكل الاقتصادية هي السبب بل إن هذه الظاهرة ناتجة عن خلل فكري ناتج عن ضعف المؤسسة التعليمية الأردنية منهجا وكوادر ومادام اتباع التيار التكفيري يصولون ويجولون بحرية فلن تكون هناك تنمية او تطور في معان.
احد المعلمين في مدرسة الثورة العربية الكبرى وحبذ عدم ذكر اسمه خشية أن يلقى عقوبة وظيفية من مديرية التربية يحدثنا بقوله( من العار علينا أن نسمع كل صباح في إذاعة مدرستنا قصائد تشيد بالزرقاوي وابن لادن … هل هذه هي التربية والتعليم التي يتمناها الأهالي لأبنائهم ، على المسؤولين أن يتقوا الله فينا وفي طلابنا وأبنائنا وبراعم المستقبل).