تقلقنا قلقيلية!

تقلقنا قلقيلية ..!

 

الدكتور عدنان بكرية

 

في أقل من أسبوع تعود الأحداث الدامية لتطغى على المشهد السياسي والعسكري الفلسطيني ليس لسبب معين بل لأن (دايتون) استفاق من سباته ليجرب حظه مرة أخرى بعد أن تمرغ مشروعة بوحل غزة .. فغزة عصية على قبول مشاريع امريكية تصفوية.. ولأن الضفة تبقى الحلقة الضائعة بين المشاريع التصفوية الامريكية والاسرائيلية … ولان قلقيلية تقلق دعاة هذه المشاريع وتقد مضاجعهم .. ولأنها ترفض الالتحاق بمدارس الخنوع والاستسلام وهي التي تتلمذت في مدارس الرفض والكرامة وفي صفوف العزة والاباء ..لأنها كذالك حولها (دايتون) وأتباعه الى ساحة دم وتصفيات !

تقلقنا قلقيلية … ليس لانها ساحة مواجهات فهي كانت ومنذ عام 67 احد أهم الساحات النضالية الفلسطينية .. فقد تعودت أن تواجه الأعداء بصلابة ورباطة جأش وتعودت على تزنير خاصرتها بالألغام في مواجهة الأعداء وإعلان جدارتها بالحياة .. لكنها لم تتعود على مواجهة ذاتها وجز رقاب أبنائها.. لم تتعود على مواجهة آليات “دايتون” .. قلقيلية تخجل اليوم وهي التي لم تعرف الحياء في مواجهة الأعداء يوما ما  ..

تقلقنا قلقيلية اليوم واكثر من أي وقت مضى لأنها تشكل المنعطف الحاد والخطير في مسيرة الشعب الفلسطيني ونضاله التحرري ..انها تشكل احدى ساحات التعرية الفلسطينية ونهاية لمسلسل الفرز الوطني .. لكننا قلقون على الدم النازف هناك .. فهل نحن بحاجة لكل هذا الدم لنعرف ان (دايتون) ينهض من جديد في الضفة بعد ان قبر في مزابل غزة !

قالوا وتبجحوا بان الدم الفلسطيني “خط احمر” وهاهو الدم يسيل بغزارة وفي كل مكان تصله سكاكينهم ليس لسبب ما… بل لان السلطة بالنسبة لهم اغلى من حياة البشر وأثمن من دم البشر.. والسلطة بالنسبة لهم لا يمكنها ان تستمر الا اذا عبدت بجثث المعارضين ورصفت بعظامهم !

تقلقنا قلقيلية وهي التي أقلقت مشاريعهم التصفوية وهي التي ستقلقهم مستقبلا وستكون النار التي تحترق في اتونها كل اوراقهم ومشاريعهم ! ستكون نهاية النهاية .. نهاية النهج التصفوي المدمر ونهاية زمن الترهل والانحدار .. نهاية الخنوع والركوع والخوف والاستسلام … ستكون بداية البداية  …بداية النهوض والشموخ والعزة والكرامة التي لا غنى عنها في طريق التحرر من براثن الاحتلال والانحلال .

في هذا الزمن ..زمن التقلب والتردد والغدر والخيانة لا يمكننا ان نحتمل بأن يرقص الاخ على جثة اخيه !ولا يمكننا ان نصمت وكأننا في ساحة ثارات عشائرية ونوهم أنفسنا بأن الأمر لا يتعدى فلتان امني وزعرنات ! وما شابه ذالك من تسميات يطلقها من نصبوا انفسهم حماة للشعب فتحولوا الى عبء على الشعب !من نصبوا أنفسهم حماة للشعب فتحولوا الى سيوف مسلطة على رقاب الشعب !

يقلقنا هؤلاء جميعا ويقلقنا أكثر استحداث مبررات للجريمة .. ما يحصل في قلقيلية يثيرنا ويقلقنا الى حدود الانفجار ..

قلقيلية ليست بحاجة لكل هذا الدم لتثبت ولاءها للقضية… وليست بحاجة للترويض في ساحات “دايتون” واتباعة … فهي تروضت في ساحات المقاومة وتعرف كيف تقبر المساومة … تعرف كيف تصون تراثها وتقاليدها النضالية مهما كلف الامر .. فهي عصية على التطويع والخنوع .

 

Exit mobile version