أرشيف - غير مصنف

ما بين خيار فتح غزة أريحا أولا ، وخيار حماس غزة وقلقيلية أولا

محمود عبد اللطيف قيسي
منذ انطلاقة حركة التحرير الفلسطيني ( فتح ) في الفاتح من عام 1965م وهي تهدف لتحرير فلسطين وإقامة دولة فلسطين المستقلة على ترابها الوطني ، فحملت البندقية بيد من أجل المساهمة بالتحرير لا من أجل القتل والتدمير كما هو السلاح الأرعن بيد كل أعدائها الموتورين ، وحملت غضن الزيتون الأخضر باليد الأخرى لإعادة رسم فلسطين خضراء عطاؤها الخير واليمن والبركات ، بعد أن حاول كل أعدائها تغطيسها بالأحمر لأن عطاؤهم دائما وما زال القتل والحرق والتدمير ،  وعندما فجرت فتح الإنتفاضة الفلسطينية الأولى المباركة غيرت مفاهيم العالم لانضباطية الثورة الجماهيرية الشعبية وبشاعة الفعل الإسرائيلي الإرهابي الدموي حتى بات النصر الفلسطيني أقرب من أي وقت كان ، وحتى لا يعطى الشعب الفلسطيني هذه الفرصه التاريخية بقربه من الاستقلال وإعلان دولته الحق التارخي له في فلسطين ، بحثوا في قوالب وطنية أو اسلامية عن ند أو بمجموعة منطلقات ليكونوا أندادا للثورة الشعبية الفلسطينية وتحديدا لحركة فتح بهدف اجتثاثها وتدمير أو تجاوز منظمة التحرير الفلسطينية ، وبالتالي تصفية القضية الفلسطيية بثوابتها التي يراد لها التهميش والتسطيح ثم الإنهاء والانتهاء ، وشعبها الفلسطيني الذي يراد له الدخول بحلقة اليأس ونكران الذات للقبول بإي مقترحات تصفوية لقضيته .
فبعد ربع قرن من انطلاقة حركة فتح ومعها فصائل فلسطينية أخرى على ذات الهدف والعنوان ، انطلقت حركة حماس من رحم حركة الأخوان المسلمين في نهاية العام 1987م ، الذين تنبهوا بعد أربعين سنة من نكبة فلسطين أن فلسطين ضاعت وشعبها تشرد ودولة إسرائيل الكيان قامت فوق أرضيها بقوة وإرادة البريطاني الصانع لكليهما ، وبعد ربع قرن من انطلاقة حركة فتح شامخة لتحرير فلسطين تنبهوا أن عليهم واجبا وطنيا للمساعدة والمساهمة بالتحرير من أجل اقتناص قيادتها وحصادها وتمرير أجندتها المصنعة خارج فلسطين وأجندات غيرها الذين لا هم لهم إلا عزف لحن الموت الأخير بتوديع قوافل الشهداء الفلسطينيين ، ولسان حالهم يقول سوف نضحي لتحرير العالم وقلب معادلاته السياسية والاجتماعية والنووية التسليحية حتى آخر مواطن فلسطيني المطلوب رأسه والقابل لمصيره أحيانا ، ومع ان ّ انطلاقة حركة حماس تأخرت كثيرا عن الركب النضالي وانكشف وجهها وهدفها ، بقيت مصرة على اللعب الأحادي والتفرد باتخاذ القرار معتقدة أنها اللاعب الوحيد الشرعي بالساحة النضالية الفلسطينية متسلحة بقميص الدين الذي تلبسه معتبرة إياه حقا شرعيا لها ، فكفرت وسحقت وهمشت وقمعت فكريا ودينيا كل غيرها ، ورفضت قطعيا الانخراط بالقيادة الوطنية الموحدة التي وبتنسيق تام مع منظمة التحرير الفلسطينية قادت الانتفاضة ، وكادت أن توصلها لغاياتها بالنصر والتحرير لولا الإرهاصات الفلسطينية الداخلية الي أحدثتها حماس برفضها المطلق التنسيق مع الآخر الفلسطيني ، ولولا الإرهاصات العربية التي بطليها العراق والكويت والخلافات العربية وأوصلت الانتفاضة  لحافة الهاوية والفشل ، ولولا الإرهاصات الدولية التي بقيت مصرة على تآمرها على حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته ، ولولا الإرهاصات الإسرائيلية التي تاهت وأتاهت بين معسكري السلام والحرب وكلهم ما زالوا على مسافة واحدة من عداء الشعب الفلسطيني ورفض حقوقه ، ومن الاستيطان وظنهم شرعيته ، ومن حركة فتح ديمومة الثورة الفلسطينية وعرابها منظمة التحرير الفلسطينية ، والحارس الأمين على مصالح الشعب الفلسطيني وقراره وثوابته ، وقناعة كل الأعداء المتكافلين المتضامنين بضرورة تدميرالحلم والحارس الفلسطيني ـــ فتح ـــ بأي ثمن .
وبعد انطلاقة كتائب القسام المسلحة التابعة لحركة حماس عام 1991م تحت ضغط الكادر والنصير العادي الذي بدأ يتسائل عن أسباب عدم مشاركة حركتهم بالهم والحلم الفلسطيني ، متأخرة عن ولادتها خمس سنوات وعن قافلة الثورة الفلسطينية أكثر بكثير ، إلا أنها بقيت على ذات الخط والهدى الرافض المشاركة أو التنسيق سياسيا وعسكريا مع باقي الفصائل الفلسطينية الأخرى ، فعندما كانت القيادة الوطنية الفلسطينية الموحدة تقرر مجتمعة تسيير مظاهرة معينة أو تخطط لعملية فدائية مشتركة امتنعت حركة حماس عن المشاركة أوالحضور ، ولإظهار قوتها وقوة رقمها وإظهار لون علمها الأخضر بديلا عن حقيقة وضرورة العلم الوطني الفلسطيني ، كانت منفردة تسير مظاهرة أخرى من أمام المساجد مستغلة الحضور والوجدان الديني لجموع الشعب الفلسطيني الذي شارك باسم الدين وطاعة الله ورسوله لا كما أريد للمنظمين سحبه ليشارك تحت الأعلام الحزبية الضيقة حال انتهاء الأولى لتبعث برسالات صريحة لليهود والغرب لتشعرهم بقوتهم التمثيلية ، ولفتح وباقي الفصائل الفلسطينية لترهبهم وتشعرهم بقوتهم التنظيمية   ومحاولتها اصباغ عملها المقاوم بالجهادي ومقاومة غيرها الوطني بالنضالي ثم وصمه بالخياني ، ناقلة بعض الفكر الإسلامي والعقل الفلسطيني لعهد البابوية والبابا الحاكم بأمر الله الذي يشرك به والذي أدخل وأخرج من الجنة على هواه وبكتاب رسمي منه ، ومصادرتها لحق المسلم الآخر من غير جماعة الأخوان بالنضال والجهاد وأمله بنيل رضا الله سبحانه والظفر بإحدى الحسنيين ، مما أربك العمل الوطني الفلسطيني وأدى لبعثرته وساهم بوقف الانتفاضة الأولى  ، قال تعالى ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله ، إن يتبعون إلا الظن وأن هم إلا يخرصون ( الأنعام 116) .
وأخيرا وبعد انكشاف أهداف حماس بالتفرد بقيادة الدفة الفلسطينية بعد اقتناص فرصتها الهدف المعلن الذي أرادت تحقيقة بالقوة أخيرا للوصول لغاية الانقسام وفصل غزة عن فلسطين الشرقية وسيطرتها وبالإكراه على جموع الشعب الفلسطيني المصادر حقه وفكره وإرادته في غزة صيف 2007م ، وذات الهدف الذي تريد اقتناصه ثانية بالحوار للسيطرة على فلسطين الشرقية ( الضفة الغربية ) سلما أو عبر السلاح بنهاية المطاف ، المصير الذي يحلم به ويخطط له  أكابر قادتها بعد أن تهيء الظروف لفعل ذلك وبذات الأسلوب ، وبعد فبركة الإشاعات والتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان كما حصل في قلقيلية منارة الضفة الغربية حيث ومن جديد أتهام الأجهزة الأمنية وتخوينها ثم تخوين ذات الحركة وكوادرها وبالتالي الإرتكاز على مساطيل دمويين لإخراج إفتاءات دينية تحلل قتل الفتحاويين باعتبارهم محتلين لها ، معتمدين هؤلاء المفتين الذين لسانهم عربي وماؤهم من الشعب الفلسطيني إلا أنّ فكرهم وقلوبهم وأجسادهم وعصيهم وكل سلاحهم ضده مرتكزين بإفتاءاتهم دينية على المذهب الشيطاني الرجيم لا على الإسلام السني السمح الحنيف الذي يحرم قتل النفس إلا بالحق ــ ( الإرتداد ورفض الاستتابة أو قتل النفس العمد ظلما وغلوا وعدوانا ) ـــ ، وأخيرا لا بد للحقيقة أن تقول كلمتها وتوصل رسالتها للمتقين بصوت عال جهوري لا تخاف بالله لومة لائم : أولا للمتقين جموع الشعب الفلسطيني أنكم محاسبون عن كل قطرة دم تراق من بينكم لأنكم المسؤولين عن إيصال من تعالى عليكم وتجاوز خياراتكم  للحكم ، وحتى يتقبل الله توبتكم يكون إختيار السليم الذي يخشى الله ويخافه وإسقاط العليل الذي يحلل قتل المسلمين واجب شرعي عليكم ، قال تعالى ( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) ( البقرة 42) ، وقال تعالى ( اتبعوا ما أُنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ، قليلا ما تذكرون . سورة الأعراف 2 ) ، وثانيا للمتقين وهم كل قادة وكوادر وأنصار حركة فتح أن تتقوا الله في أنفسكم وشعبكم وتحافظوا على أمانتكم التي عهدها الشعب إليكم ، وأن تنتقلوا من مرحلة القبول بالفعل وانتظار نتائجه ممن أفعالهم تغضب الله ورسوله ، إلا مرحلة الفعل والدفاع عن أرواح المسلمين التي تزهق من غير حق من الجلادين الأرهابيين القتلة والدمويين الفجرة قال تعالى ( كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (التوبة 8) ، وقال تعالى ( أُذن للذين يُقتلون بأنهم ظُلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير . سورة الحج 39 ) ، وثالثا للمتقين في صفوف حركة حماس وهم كثر كما يُأمل ، أنه من بعد ما تبين لكم أنه الحق فإن قتل المسلم حرام ومصيرالقاتل النار وبئس المصير ، والقتيل المظلوم شهيدا بإذن الله ، فإن عليكم واجبا شرعيا برفض قتل المسلم الذي هو ليس بالعدو بالتأكيد والذي لن يكون كذلك حتى وإن أفتى بعض مساطيل دمويين بحل قتله ، شهد التاريخ الإسلامي مثلهم ، منهم الأرعن الطائش الباحث عن الفتنة لبعثرة وحدة الصف الذي أمر الله أن يكون قويا كالبنيان المرصوص ، أو متلبس بالدين لكنه كمثل يهودي من الدونمة كان أظهر الإسلام فتغلغل قديما بجيش العثمانيين وكانوا السبب المباشر بإعدام عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجموم وإلحاق الهزيمة بالفلسطينيين وتمكين اليهود من استعمار فلسطين ، فقد حذر الإسلام منهم وقال عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (سياتي على الناس زمان لا يبقى من القران الا رسمه ومن الاسلام الا اسمه يسمون به وهم ابعد الناس منه , مساجدهم عامره و هي خراب من الهدى فقهاء ذلك الزمان شر الفقهاء تحت ظل السماء منهم خرجت الفتنه واليهم تعود )  ، وبعد إظهار الحجة وتجليها عليكم جميعا إظهار الحرص على الوحدة والتلاحم والتراحم  قال تعالى ( إنما يستجيبُ الذين يسمعون ، والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون ( الأنعام 36) وقال علي كرم الله وجهه عندما أراد أن يعلم أصحابه عن أحمق الناس وأتعسهم قال هو ( من باع دينه بدنيا غيره )

زر الذهاب إلى الأعلى