أرشيف - غير مصنف

وطني أو لا وطني

د. فايز أبو شمالة
 
في حديث مع بعض أعضاء المجلس التشريعي في خان يونس تنبهت إلى أن حالة الانقسام الفلسطيني بعد جريمة تصفية رجال المقاومة في قلقيلية قد تجاوزت حركتي فتح وحماس، وأن واقع الانقسام الفلسطيني ليس بين تنظيمين يختلفان على تقسيم غنيمة، أو تقاسم نفوذ السلطة، أو مناطق السيطرة، وتوزيع الجاه والكسب بين متخاصمين كما يقول البعض، فهذا ليس صحيحاً، وفيه تحقير للدماء التي نزفت تحت قيادة التنظيمين السياسيين الكبيرين في فلسطين، وفيه تشويه للحقيقة التي تجاوزت بعد جريمة قليلية حركة فتح، وحركة حماس، وصار لزاماً على كل التنظيمات السياسية، والأحزاب، والمؤسسات، والأفراد في فلسطين تحديد موقف مما جرى، ومما سيجرى لاحقاً في مناحي الحياة السياسية الفلسطينية، ليصير كل فلسطيني واقع تحت ضغط السؤال: هل أنت مع المقاومة أو ضد المقاومة؟ هل أنت مع تحرير الوطن فلسطين أو ضد الوطن، بمعنى آخر؛ هل أنت وطني أو لا وطني؟ إذا لا توجد منطقة وسطى بين البندقية وعدم الوطنية، ولا يصح أن يلبس ثوب الوطنية من ينسق المواقف مع الصهيونية، أو يجوز أن يقود الوطن من هو غير وطني في مرحلة التحرر الوطني!.
 
        بعد الفجور، والظهور العلني في مطاردة رجال المقاومة، وبعد تصفيتهم بلا أدنى خجل من نساء فلسطين، فإننا نقف أمام فرز حقيقي في الساحة الفلسطينية يتجاوز حركتي فتح وحماس، ليطال كل من له علاقة من قريب أو بعيد بفلسطين، لتكون جريمة قلقيلية هي الكاشفة للمواقف، فلا يحق بعد جريمة قلقيلية لأي مؤسسة فلسطينية أن تترحم على أرواح الشهداء إذا وقفت مع تصفية رجال المقاومة، ولا يحق لقائد فلسطيني أن يبكي على جرحي الانتفاضة إذا صمت عن تصفية رجال المقاومة، ولا يجوز لأي مواطن فلسطيني بعد اليوم أن يتشكى، أو يتحرق على عذابات الأسرى في السجون الإسرائيلية وقد سكت حين استلت حكومة رام الله سلاحها وقامت بتصفية من يحمل سلاح المقاومة.
 
لقد تكشفت عورة بعض التنظيمات الفلسطينية التي قامت بالتغطية الوطنية الواهنة على الجريمة، وناصرت حكومة سلام فياض، لقد أعطت تلك التنظيمات الجواب الشافي عن أسباب فشلها في الوصول إلى عقول وقلوب الجماهير؟ ولماذا اضمحلت بعد أن كانت تصول وتجول لسنوات خلت؟ وقد صدق فيهم السيد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني حين قال لنا ـ أعضاء لجنة اللاجئين في المجلس الوطني ـ عند توسيع العضوية للمجلس الوطني سنة 1996، عجزت بعض التنظيمات الفلسطينية عن توفير العدد المطلوب من أعضائها، أو من شخصيات سياسية عامة لتمثلها، فقدمت لنا أسم زوجة الأمين العام للتنظيم، واسم سائق الأمين العام، واسم الحارس الشخصي للأمين العام ليصروا أعضاء في المجلس الوطني الفلسطيني، وقد صاروا فعلاً، وقد صوتوا على تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني. وبكل أسف هم اليوم قادة يساندون حكومة سلام فياض، ويناصرونه في تصفية المقاومة. 

زر الذهاب إلى الأعلى