د ابراهيم علي أبوزيان
الانتخابات اللبنانية مثلت سقوطا مريعا للسنة في أحضان المشروع الصهيو امريكي المعرب سعوديا ومصريا ورافعة لأتباع هذا المشروع من اللبنانين والعرب….
الديمقراطية اللبنانية فريدة في نوعها فهي لاتهتم بالعددية وانما هي ديمقراطية توافقية لتمثيل كل الطوائف اللبنانية في مجلس النواب الذي يتكون من 128 نائبا ولذلك فالفائز أيا كان لايمثل بالضرورة الأكثرية الشعبية بقدر مايمثل توافقا محددا بين اجزاء محددة من الطوائف اللبنانية.
لقد أنتجت هذه الانتخابات انتصارا واضحا لفريق الرابع عشر من آذار الذي يتزعمه سعد الحريري زعيم تيار لمستقبل ذو الأكثرية السنية والذي يضم الى جانبه كل من وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي (غالبية درزية) وكذلك أمين الجميل حزب الكتائب المسيحي وسمير جعجع قائد القوات اللبنانية المسيحية كذلك في خليط غير متجانس من اللبنانيين أهم ما جمع بينهم هو العداء لسوريا وايران وحزب الله وحلف مع امريكا والغرب عموما وأتباعهما في المنطقة أي السعودية ومصر وباقي محور الاعتدال العربي، ولذلك لم يكن مسغربا أن تصدر بيانات الترحيب بفوز 14 آذارتباعا من الرياض والقاهرة وتل أبيب والعواصم الغربية الكبرى واشنطن ولندن وباريس وكذلك لم يكن غريبا اتفاق مقالات صحفية صدرت من السعودية والكويت والقاهرة وتل أبيب مرحبة بفوز التحالف الموالي للغرب وشامتة بفوز المعارضة الوطنية وخصوصا حزب الله.
الانتخابات اللبنانية لم تكن محلية فقط وانما كانت اقليمية ودولية كذلك فالسعودية كانت حاضرة بقوة بالدعم المالي السخي و مصر بالدعم السياسي والاعلامي مثل توقيت كشف خلية حزب الله ومحاولة تشويه الحزب وأمينه العام السيد حسن نصرالله صاحب أهم انتصار عربي على اسرائيل.هذا بالاضافة الى شن حملة تحريض مذهبي غير مسبوقة على حزب الله والشيعة عموما واتهام الحزب بالعمالة لايران وتنفيذ أجندة فارسية في لبنان والمنطقة،هذه الحملة التي شنت بقيادة شخصيات دينية سنية لبنانية وسعودية ومصرية هدفت الى التقليل من شعبية الحزب في الوسط السني اللبناني والعربي وكذلك لابعاد الناخبين السنة وغيرهم من المسيحيين والدروز في لبنان عن حلفاء الحزب من قيادات المعارضة.
لقد أدت هذه اللانتخابات الى منع قيادات سنية مرموقة مثل الرئيس عمر كرامي والدكتور أسامة معروف سعد والوزير عبدالرحيم مراد وغيرهم من الوصول للبرلمان هذه القيادات المغرقة في الوطنية والعروبة والمقاومة والشهادة ممن قدموا الكثير والكثير للبنان والعروبة بدءا بالمال وانتهاءا بالدم.
لقد أدي المال السياسي وشراء الذمم مع التحريض المذهبي الى أخذ سنة لبنان الى غير خطهم التاريخي العروبي والنضالي وسوقهم الى تحالف صهيوأمريكي يرنو الى تدمير الأمة ونهب مقدراتها.
انني أرى أن الأكثرية من سنة لبنان الذين يحالفون الكتائب وقوات جعجع ويعارضون كرامي وأسامة سعد ومراد ويسقطونهم في الانتخابات هم يمرون بحالة فقدان للذاكرة أدت بهم الى تغيير الهوية وفقدان البوصلة واختلاق عدو وهمي هو حزب الله يضحي بالولد والمال في سبيل لبنان والأمة العربية.
ان من العجب العجاب أن ترفض الجماعة الاسلامية التي هي فرع من الاخوان المسلمين وشقيقة لحماس ترفض أن تتحالف مع المعارضة بحجة ان حزب الله ارتكب أخطاءا سياسية ثم تتحالف مع سمير جعجع والكتائب
وتقحم نفسها في حرب سياسية شعواء ضد الدكتور أسامة سعد في صيدا في خطيئة سياسية أفقدتها احترام الخاص والعام في لبنان والعالم العربي وكذلك فان فضيلة المفتي يجاهر بدعم تحالف 14 آذار وعداء المعارضة والمقاومة وهو المفروض أن يكون أبا لكل السنة وغير السنة ومرجعا وسطا لكل اللبنانين مسلمين ومسيحيين وأين نحن ودار الافتاء من زمن المفتي حسن خالد رحمه الله.
ان هذه الانتخابات أدت الى هزيمة ساحقة للأكثرية السنية بلبنان لن يكون من اليسير التعافي منها واعادة التوازن للطائفة في ظل التحريض المذهبي والاستعداد لبيع الذمم لمن يدفع مالا أكثر
وأخيرا فان خسارة أقطاب المعارضة السنة الوطنيين والعروبيين الشرفاء وذوي التاريخ الشخصي والعائلي المجيد هو خسارة لكل السنة في لبنان والوطن العربي وخسارة لكل العرب الشرفاء الرافضين للهزيمة والاعتراف بالعدو الأوحد لهذه الامة وهو الكيان الصهيوني واتباعه في المنطقة.
ومثل هؤلاء القادة الشرفاء ومن صوت ضدهم ليسقطهم في الانتخابات كمثل قول الشاعر العربي المقنع الكندي وقومه في قوله
وإن الــذي بيـنـي وبـيـن بـنـي أبــي وبـيـن بـنـي عـمـي لمختـلـف جـــدا
أراهـم إلـى نصـري بـطـاءا وإن هــم
دعـونـي إلــى نـصـر أتيـتـهـم شـــدا
إذا قدحـوا لــي نــار حــرب بزنـدهـم
قدحـت لهـم فـي كـل مكـرمـة زنــدا
فـإن يأكلـوا لحمـي وفـرت لحومـهـم
وإن يهدموا مجـدي بنيـت لهـم مجـدا
وإن ضيعوا غيبـي حفظـت غيويبهـم
وإن هم هووا غيي هويت لهم رشدا
د ابراهيم علي أبوزيان
المملكة المتحدة