نجاح أحمدي نجاد وخيار المقاومة
بقلم: زياد ابوشاويش
واجه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد تحدي الخيارات الصعبة والخطيرة من منافسيه الذين يأخذون عليه جملة من المآخذ أهمها أنه وضع بلاده في فوهة المدفع الأمريكي، كما يأخذون عليه عدم تطوير اقتصاد بلده وتعريضه للحصار، ووصل بهم الأمر حد اتهامه بالكذب والتزوير فيما يخص نسبة التضخم والنمو وغيرها من المسائل المتعلقة بالاقتصاد الإيراني. لكن المسألة المركزية في المعركة التي كانت تدور بينه وبين أقوى المنافسين مير حسين موسوي رئيس وزراء إيران الأسبق والذي يعتبره المراقبون ممثلاً للتيار الإصلاحي في إيران والمدعوم من رموز هذا التيار على اختلاف مشاربهم ومصالحهم، المسألة المركزية تلك هي المرتبطة بمستقبل العلاقات الإيرانية الخارجية وانعاكساتها على الوضع الإيراني وخاصة مع طرفين رئيسيين هما الولايات المتحدة الأمريكية ودول وفصائل المقاومة العربية كسورية وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، وفي سياق هذا العنوان تأتي كافة العناوين الفرعية الأخرى كدور إيران الإقليمي والملف النووي والعلاقات مع الجوار العربي وغير ذلك من قضايا ترتبط بشؤون داخلية لبلد كبير وحيوي كإيران التي لا يملك المرء سوى الاعجاب بتجربتها الديمقراطية ومستويات ممارستها المتعددة وقدرة النظام على خلق التوازن الضروري للاستمرار ومواجهة التحديات وهي تحديات كبيرة وصعبة.
لقد كان خيار الشعب الإيراني مع المقاومة واعتبار إسرائيل دولة ناشزة في المنطقة وهو ذات الخيار الشعبي في لبنان على اختلاف النتيجة الدستورية لكلا الممارستين أو العمليتين الانتخابيتين حيث نعلم أن أغلبية الشعب اللبناني صوتت لصالح المعارضة اللبنانية وعمودها الفقري المقاومة وحزب الله رغم حصول الطرف الآخر على أغلبية مقاعد البرلمان اللبناني.
من المدهش حقاً بقاء الخيار الشعبي على حاله رغم كل التغيير الذي تحدث عنه القاصي والداني في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة وتجاه إيران على الخصوص واللهجة التصالحية المرنة والهادئة التي تخاطب بها إدارة اوباما العرب والمسلمين، هذه الدهشة التي ستنتهي فور وضع المعطيات والحقائق أمام المحلل والمراقب ليرى بدقة أسباب هذا التمسك الشعبي بخيار المقاومة المرتبط أساساً بالسلوك الأمريكي العدائي تجاه الحق العربي (والفلسطيني خاصة)، وكذلك بوجود الدولة اليهودية وسياستها العنصرية المدعومة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية.
كان يمكن أن تتغير النتائج لو أقدمت أمريكا على إقران أقوالها التصالحية واقتراحاتها لحل الدولتين على الصعيد الفلسطيني بممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل أو بوقف غاراتها الجوية وملاحقتها للمقاومة في العراق وأفغانستان وباكستان وكذلك إبداء مرونة تجاه السودان، أو حتى وقف قانون محاسبة سورية ورفع إسمها وإيران من قائمة الدول الراعية للإرهاب أو ما تسميه محور الشر لكنها لم تفعل والأرجح أنها لن تفعل.
النجاح الكبير للرئيس الإيراني بالإضافة لما تقدم يعطي إيران وحلفاءها كسورية والمقاومة ورقة قوية للمساومة مع إدارة أوباما لتحسين شروط التسوية في أكثر من عنوان، ويخفف الضغط على هؤلاء الذين يواجهون في هذه الفترة هجوماً قاسياً من جانب الليبراليين الجدد.
الولايات المتحدة مصممة على محاصرة إيران تحت ذريعة الملف النووي وفي جوهر موقفها وضع حد للتمدد الإيراني الذي سيكون على حساب نفوذها هي وربيبتها إسرائيل بالذات ولهذا تعمل الماكينة الإعلامية لأمريكا وحلفائها في المنطقة على خلق أوهام لدى العرب والتهويل عليهم بان إيران تسعى للسيطرة على بلادهم وتشييعها بالقوة أو عبر حلفائها المعروفين، وهي تجد في هذا الإطار أقلاماً وسياسيين جاهزين لتسويق هذا الموضوع بطرق مبتكرة وغير اخلاقية في كثير من الحيان بما فيها التحريض المذهبي وسوق الأكاذيب واستطراداً لابد من القول أن حدود المشترك والمختلف عليه مع إيران واضح ومفهوم من جانب سورية والمقاومة التي لا تساوم على عروبتها وحقوق أمتها، وليس لمن قبلوا بالوصاية الأمريكية عليهم وعلى بلدانهم أن يفرضوا وصايتهم على الآخرين.
إن أي مساومة لاحقاً في ضوء نتائج الانتخابات الإيرانية ستكون أقل ضرراً منها في حال سقوط خيار المقاومة، وحيث ستجد أمريكا ضالتها في جملة الطروحات المزورة والتسويق الساذج لمقولات تقدم الخطر الإيراني المزعوم عن خطر العدو الصهيوني وسياسة الولايات المتحدة في المنطقة والعالم، هذه الطروحات التي يبدو أنها لم تنجح حتى اللحظة في تغيير قواعد المواجهة بالرغم من كل الحديث عن تحالف عربي إسرائيلي برعاية أمريكية لمواجهة الخطر الإيراني.
السيد نجاد نجح رغم كل الحملة الخارجية ضده على خلفية موقفه من وجود الدولة العبرية وقصة المحرقة التي يخوفون الناس بها وعلى الولايات المتحدة تفهم أسباب هذا النجاح لأن ذلك سيساعدها كثيراً في رسم سياسة واقعية ومتزنة تجاه كل المنطقة وليس تجاه إيران وحلفائها فقط.
Zead51@hotmail.com