السلام فى خطاب نيتانياهو

دكتور ناجى صادق شراب
الجديد فى خطاب نيتانياهو أنه كشف وبشكل لا يدعو للشك عن عقليته الصهيونية التقليدية ، وأنه بعد مرور أكثر من ستين عاما على الصراع ما زالت إسرائيل غير ناضجه أيدولوجيا لعملية سلام حقيقة وأنها غير جاده لإنهاء الصراع الذى راح ضحيته مئات ألآلآف من الضحايا ألأبرياء ، فهو يتحدث عن النقيض ونفسه ، يتحدث عن السلام وفى الوقت ذاته يفرض رؤيته وهى رؤية ألأيدولوجية الصهيونية للسلام التى تقوم على القوة ، وليس على مبدأ الحقوق المتوازنه فهو سلام تفرضه موازين القوى التى تحرص إسرائيل على الإحتفاظ بها ، ويصور السلام ألإسرائيلى على أنه تنازل كبير تقدمه إسرائيل للفلسطينيين والعرب وللعالم ، لأن فلسطين هى أرض ألأباء وألأجداد وأرض وهبها الله فقط لليهود ، فهى أرض تاريخية ودينيه وهى موطن اليهود أينما وجدوا ، ، وإسرائيل التى يتحدث عنها أرض صغيره مقارنة بالدول العربية ولذلك لا تستوعب عودة اللاجئيين الفلسطينيين إلى أرضهم التى أجبروا على الخروج منها تحت آلة الحرب ألإسرائيلية وتحت المجازر التى أرتكبت ضد العديد من القرى الفلسطينية ، وهو عندما يتحدث عن السلام ما زال يتحدث إليه من فوق ، فإسرائيل دولة تقدم علمى وإزدهار إقتصادى وتقدم إنتاجها العلمى والتقنى لكل دول العالم ، وهى لن تبخل على العرب والفلسطينيين بهذا التقدم العلمى وألإقتصادى والمساهمه فى رفع مستوى معيشتهم ، فهو ينظر إلى دول المنطقة على أنها شعوب ودول متخلفه كل ما تريده هى بعض ما تنتجه إسرائيل من سلع تملأ بها أفواه هذه الشعوب ، ولذلك يتحدث عن سلام إقتصادى بحت ، وهو بذلك يخاطب الغرب عموما أن إسرائيل إمتداد للحضارة الغربية ، وأن على الولايات المتحده والغرب عموما مسؤولية مباشرة فى الحفاظ على إسرائيل وبقائها وسط محيط من التخلف السياسى والعنف ، ، وهو عندما يتحدث عن السلام أيضا يتجاهل أن العرب قد قدموا مبادرة سخية تعطى إسرائيل كل شئ من التطبيع والعلاقات العاديه ، فهو ينكر وجود هذه المبادرة لأن السلام من وجهة نظره لا يأتى من شعوب ودول متخلفه ، فالسلام وهذا ما جاء فى كتبه وإن لم يعلن عنه صراحة فى خطابه يأتى من شعوب ودول ديموقراطيه ، فالسلام الحقيقى هو بين دول متعادله ومتوافقه سياسيا ، أما مع الدول العربية فيكفيهم العيش إقتصاديا والتمتع بثمار التقدم الإسرائيلة ، وعليه تعامل مع المبادرة وكأنها غير قائمه ولا تصلح للسلام ، والسلام الذى يبحث عنه نيتينياهو هو سلام ألأمن والذى يعنى أمورا كثيره فى مقدمتها إستئصال لكل أشكال المقاومة التى يعتبرها شكلا من أشكال الإرهاب ، وتعنى أيضا إستمرار موازين القوى لصالح إسرائيل ، ولذلك هو يعطى أولوية للملف النووى ألإيرانى الخطر الحقيقى الذى يتهدد السلام ، فهو لم يتطرق على ألإطلاق للإحتلال ألإسرائيلى ، لأنه لا يعتبره إحتلالا ، ,ان إسرائيل عندما تنسحب من أراض فلسطينيه فهذا تنازل كبير عن جزء من أرض ألأباء وألأرض التاريخية ، وهذا أقصى ما يمكن أن تقدمه إسرائيل للسلام ، السلام ببساطة شديده فى فكره يعنى تجريد لكل عناصر القوة المتاحة للعرب والفلسطينيين ، أى ان تبقى أرضهم مستباحه ومفتوحه دون إستئذان امام القوة الإسرائيلية ، فالمطلوب أسواق عربيه مفتوحه وتطبيع للإقتصاد وللشعوب ، ومشاريع إقتصاديه تقوم إسرائيل بإدارتها وإستثمارها ، فطالما إسرائيل هى ألأكثر تقدما ورقيا وتطورا فهى المسؤولة على إدارة السلام الإقليمى ، وفى هذا تقدم إسرائيل للعرب وللفلسطينيين خدمات ومساعدات كبيره ، أيوجد ما هو أفضل من ذلك لهم ، وفى السياق نفسه لم يتحدث عن المستوطنات وفى هذا ذكاء ودهاء غريبين ، فكيف يمكن أن يتحدث عن وقف وتجميد للإستيطان فى أرض يعتبرها أرض ألأباء وألأجداد وألأرض التاريخية لليهود ، فالمشكلة ليست فى الإستيطان ، وإنما فى الفلسطينيين اللاجئيين الذين لا يمكن أن تستوعبهم دولة صغيره كإسرائيل ، وعلى الدول العربية بمساحتها الشاسعة أن تستوعبهم فهذه مسؤليتهم , وليست مسؤولية إسرائيل ، ويمكن لإسرائيل ان تساهم فى إطعامهم وتقديم العون الإنسانى إذا إستلزم ألأمر .
وعندما يتحدث عن الفلسطينيين فهم غرباء ، ومجرد أقليات لها حقوق العيش بهدوء ، وعليهم وقف كل أشكال المقاومة التى يعتبرها عنفا وإرهابا ، فهم مجرد ضيوف ، وحتى عندما يذهب بعيدا فى تصوير قوة الفلسطينيين وصواريخهم : يقدم الصورة وكأننا أمام قوة وصواريخ حقيقية ، وانه عندما أعطوا الفرصة فى غزه حولت حماس غزه إلى دولة إرهاب ، ومصدر خطر على إسرائيل ، ولذلك فكرة الإنسحاب لا تجلب السلام ، وهو هنا يتحدث بدهاء وذكاء مرة ثانيه ويريد أن يلمح ان الدولة الفلسطينية هى فى غزه ، أما الضفة الغربية يمكن الحديث عن اشكال أخرى من الحكم . وعندما يأتى للحديث عن الدولة الفلسطينية وهذا هو الموضوع ألرئيس فى خطابه ينفى كل ألأسس المادية والسياسية والسيادية لهذه الدولة ، ومن وجهة نظره ماذا يريد الفلسطينيون من هذه الدولة .وهذا هو موضوع مقالتنا القادمه
دكتور ناجى صادق شراب /أستاذ العلوم السياسية /غزه
drnagish@hotmail.com
 
Exit mobile version