كما خطاب اوباما منذ ايام انتظر الكثيرون خطاب نتينياهو الذي حدد فيه معالم سياسته مركزاً على ثلاث نقاط (ايران، الازمه الاقتصاديه، السلام)، وبكل تأكيد خيّب آمال اولئك اللاهثين خلف السراب الذين انتظروا طويلاً مجرد تلميح او كلمات تحتمل التأويل للبدء بمفاوضات ماراثونيه لا تنتهي لينهال عليه المديح بأنه رجل محب للسلام ولا مانع من الالتقاء به والجلوس بحضرته ووزير خارجيته ليبرمان وتحدث بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض أن العرب هم الذين اعتدوا على اراضي الشعب اليهودي في العام 1948 وأن الشعب الفلسطيني يعيش على “ارض اسرائيل” بما فيها “يهودا والسامره” ومع ذلك لن يُفرض عليه العلم والسلام اليهوديين وعليه الاعتراف بيهودية “الدوله” ليمنحهم بالمقابل سلطة حكم اداري يسمح لهم بادارة شؤون انفسهم بدولة منزوعة السيادة والسيطرة على الماء والاجواء والحدود وبلا جيش وسلاح وليس لهم عقد اتفاقيات عسكرية.
لقد كان نتينياهو واضحاً فيما يتعلق بإكذوبة السلام الذي وصفه بسلام اقتصادي يسمح للفلسطينين بالعيش وكأن قضيتهم تنحصر بالطعام والشراب ولتحقيقه يجب على الفلسطينيين الاعتراف وبشكل ملزم بيهودية الدولة للشعب اليهودي بما يشير الى مشروع هجرة جديد لمليون ونصف المليون فلسطيني وشدد على القدس الموحدة كعاصمة ابدية “لاسرائيل” مع وجود حرية للاديان، وخاطب المعتدلين بأن عليهم الخيار بين السلام وحماس وطالبهم التعاون لمحاربة الارهاب وأثنى على المستوطنين ووصفهم بأنهم مناضلين صهاينة يقومون بعمل رائد وصهيوني وحقيقي وخاطب العرب باستخفاف ولم يلقي بالاً لمبادرتهم المهينه وطالبهم بالتطبيع وتبادل الزيارات والاستثمار بالسياحه والمياه ومد انابيب النفط باعتبار الكيان السرطاني المزروع بجسد الامة هو كيان طبيعي يجب ان تكون العلاقات معه طبيعية وكأن ليس لأحد عنده حق مغتصب وكأنه لم يرتكب المجازر والابادة لتطهير اصحاب الارض عرقياً ويطالب بحل قضيتهم بالعودة الى اراضيهم التي هُجّروا منها خارج حدود “دولته” لأن عودتهم يناقض وجود “دولة اليهود” مما يعني أنه يطالب بتوطينهم حيثما هم وليس لهم العودة الى اراضيهم، وهذا الطرح ليس غريباً فقد صرّح به رئيس منظمة التحرير الفلسطينيه “الممثل الشرعي والوحيد” خلال لقاءه مع اوباما بأنه لن يسمح بتدمير “دولة اسرائيل” من خلال حق العودة فلا فرق بين الطرحين على الاطلاق.
لقد وجه نتنياهو صفعه قوية جداً للحالمين بكذبة السلام اولئك الذين غيروا ميثاقهم واعترفوا بكيان محتل وفاوضوه لعشرات السنين على الوهم ولازالوا يتصارعون على الوهم ويقبلون التنازل عن ارضهم لقيام مسخ على حدود 1967 تنتشر فيه المستوطنات وتقطع اوصاله الحواجز وجدار الفصل العنصري، لكنهم بكل تأكيد لن ييأسوا وسيفتشون عن مجرد اشارة لتأويلها والتمسك بها للدخول بمفاوضات عبثيه لن يكون نتيجتها سوى مزيد من التنازلات ومزيد من الصراع على سلطة منزوعة الدسم إلا من قوات قمع تعمل بالوكالة عن المحتل للقضاء على المقاومة وهذه آخر فرصهم لاثبات مؤهلاتهم التي ترضي المحتل ليتصدّق عليهم بمجرد حكم ذاتي يدر الارباح والرواتب بعدما تحول النضال الى شركه خاصه الكل فيها يبحث عن تحقيق مصالحه.