عندما يتفق الكبار… ينقلب المجّن وتنفض الشياطين

محمود عبد اللطيف قيسي
منذ انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وهي تحت مرمى النيران الإسرائيلية بهدف تصفيتها ، وتحت قذائف الغّل والحقد الآتية من مصادر شتى
التقت على هدف واحد يخدم الأجندة الإسرائيلية ، التي كلما انكمشت واقتربت من الفناء أمدوها بطاقة من دمائهم ، وكل رهانهم كان وما زال على زوال فتح واندثارها لاعتقادهم بإمكانية تصفية القضية الفلسطينية أو تجاوز ثوابتها ، وبالتالي نقل الشعب الفلسطيني من مُصّر على نيل حقوقه وثوابته الوطنية إلى باحث عن حقوقه الإنسانية الأساسية .
وبعد يأس الإسرائيلي الإرهابي الغاصب والمتمرد الدموي القاتل من اجتثاث حركة فتح ، ركن الطرفان المتكئان على بعضهما إلى ألسن حاقدة وكتابات مقيتة ظانين قدرتها أن تفعل ما لم يتمكن من فعله السلاح الإسرائيلي الذي جلب من بعض مستودعات الذل والعار الغربية والشرقية على حد سواء للفتك بالفلسطينيين الذين سقط من شهداء وجرحى وغاب منهم أسرى أناروا طريق الفجر والحرية ، والآخر الغادر الذي فتك بالفلسطينيين وأسقط منهم شهداء وجرحى ومعوقين وغاب منهم في زنزانات الموت والقهر والتعذيب أضعاف من أكرمهم الله على يد السفاح الإسرائيلي الغاصب .
وكما بقي الإسرائيلي الحاقد يحيك خططه لتجاوز الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة في وطنه من خلا خططه لتدمير حركة فتح ومنظمة التحرر الفلسطينية ، بقيت الكتابات السوداوية الحاقدة باسم الإصلاح ، والسلاح الدموي الماجن باسم التغيير يخططان ويحيكان الفتن كقطع الليل المظلم ، حتى تخصص أكثرهم بدق الأسافين الضاله المدمرة بمفاصل حركة فتح  للإيقاع بين قادة الشعب الفلسطيني والضرب على معزوفة تعارض وجهات النظر بينهم ونقلها وإظهارها على أنها خلافات جوهرية مصيرية بين معسكرين تمنوا من كل قلوبهم استمرارها ظانين وصولها لمرحلة الانشقاق الكبير ، الأمل المعقود عندهم عليها للنيل من فتح والقضية والشعب الفلسطيني ، إلا أنه ولأن العظام عظماء بفلسطين وبقضيتهم وبحركة فتح عظماء بفكرهم وعطائهم وصدق وطنيتهم ، ولأنهم عظماء احبوا فتح وأخلصوا لها ولقضيتهم ، وبلحظة الحسم كعادتهم استجابوا لصوت الضمير ونداء الشعب المناضل الغيور والمستقبل الواعد ، واستجابة لطلب فلسطين الأسيرة منهم بالتعالي فوق كل الجراحات والخلافات الهامشية ، فتداعوا متسابقين وبكل محبة ووطنية واخلاص لحضور الاجتماع الحاسم للجنة المركزية لحركة فتح للخروج بقرارات هامة ومصيرية تخص الحركة التي يفرح الشعب لوحدتها ويحزن لأخبار فرقتها ، وأخرى مصيرية تخص فلسطين التي يحبها ويعشقها كل القادة والشعب وغيوري الأمة الواحدة التي لن يرضى الشعب الفلسطيني بغيرها وطنا وبالقدس عاصمة والعودة إليها هدفا راسخا ثابتا ، ولإظهار حركة فتح وقوتها ووحدتها وتحضيرها للمرحلة الهامة المقبلة كان القبول من جميع القادة العظماء على ضرورة عقد المؤتمر العام السادس للحركة بذكرى ميلاد الرئيس الخالد الرمز ياسر عرفات ، الذي طوال مشواره النضالي وبعد استشهاده تكسرت دائما أمواج الشر التسونامية القادمة من القبيل الإسرائيلي الصهيوني وداعمه الرجيم ، وتحطمت مكائد ودسائس ومكر الماكرين أمام نظراته وإشاراته وكلماته وقوة قيادته لتبقى فتح قوية تقود الركب والسفينة ، ولأن الجميع عظماء توقفوا أمام ذاكرتهم الوطنية وذكراه القيادية الرائدة ، كما وتوقفوا أمام باب الوطن الحبيب الغالي الذي وإن دخله الأغراب غرابيب الموت الصهاينة ، تبقى مشرعة أبوابه لشعبه داخله ولمن بالشتات ومناضليه ينادي بصوت الثورة المزمجر أن هلموا إلي أبنائي وأحبابي ، فاستجاب له الجميع محررين وأن طال النضال ، غير مأسورين وإن ضاقت حلقات القيد وطال العذاب واسود السجن وقلب السجان ، استجابوا لنداءه وطنيين أحرار من أجل التحرير وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة فوق ترابه الوطني ، فلا سيف الاحتلال أخاف الفلسطينين شيبا وشبابا ذكرانا وإناثا الباحثين عن الوطن والهوية ، ولا رصاصه وأن قتل منهم وسفك دمهم أرهب وأبعد أجسادهم قادر على قلوبهم وعقوهم وخياراتهم ، ولا مؤامراته وإن حيكت جيدا مرّت وانجزت له أمنا وسلاما وبقاء .
نعم عندما يجتمع القادة الكبار تزهوا فتح بقادتها وتفتخر ، وتعمر قلوب ابنائها بالإيمان الذين صدقوا الله عهدهم ، وعموم الشعب الفلسطيني الذي يستحق قادة صادقين مخلصين مثلهم ، استحقاق وطني مصيري يقربهم أكثر وأكثر من بلوغ أهدافهم وثوابتهم التي عنوانها الدولة الحرة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وإن هودّت ، وركيزتها حق العودة للأرض الفلسطينية وإن سلبها واستوطنها المستوطن اليهودي الغادر ، والحرية للإنسان الفلسطيني المظلوم وإن زادت عذاباته ومعاناته وطال انتظاره ، ووسيلتها النضال والتحدي والصبر والمواجهة .
كما وعندما اجتمع الكبار المتخاصمان في غزة ورام الله وكل على نياته ، اثلج لقاءهما صدور أبناء الشعب الفلسطيني داخل الوطن وخارجه ونقلهم لخانة الأمل بالمستقبل الواعد ، وأزعج العدو وأراح الشعب والصديق ، اتفقوا على انهاء الملف الشائك وهو ملف المعتقلين السياسيين من وجهة نظر حماس وبانتظار حل كل الملفات الشائكة من وجهة نظر فتح ، فهذا الانجاز الوطني الكبير  يسجل للأخوة المصريين الحريصين كل الحرص على الوحدة واللحمة الوطنية الفسطينية ، أعاد الأمل العربي والفلسطيني بانهاء حالة الانقسام الشاذة بين جناحين الوطن وضرورة عودة غزة لحضن الشرعية الفلسطينية ، الحالة التي وقف وراءها عدو متذاكي متحالف ومتراص جداره من دون مناعة بل ممانعة ، ورغم أنّ هذا اللقاء التصالحي اليتيم الذي أفرح الوطن الذي هو دائما بحاجة لمثله كما وأفرح الشعب الصابر المرابط الباحث عن الدولة والحرية ، إلا أنه وبذات الوقت أخاف الشياطين والطواغيت كافة ، الذين وإن انفضوا غاضبين ليقينهم أخيرا بعودة الأبن الضال لحضن أهله وذويه وقضيته ، إلى أنهم مصرين مستكبرين ومستمرين بصناعة حفر ومطبات لإيقاع الكبار بها وخاصة كبراء غزة الذين ما زالوا غير مكتملي الاستقلالية بالقرار التنظيمي والسياسي وأقرب للميل نحو الآخر الشيطاني البعيد الراغب بالتدخل بالشأن الفلسطيني العام ، والذين لن ينفضوا بعيدا ونهائيا ألا بعد تأكدهم من قوة قرار الكبار بالوحدة والحفاظ على اللحمة الوطنية الفلسطينية ، وتأكدهم من نقاء سرهم وسريرتهم ، وصدق توجهاتهم مع الله وسوله ثم مع شعبهم وأمتهم .
Exit mobile version