بقلم : رشا زكى – نيويورك
فى حديث مع أحد الصحفيين العرب فى أمريكا ، والذى طرحته عليه فكرة إنشاء نقابة للإعلاميين العرب فى المهجر. أجابنى بأنه قد دعى إلى هذه الفكرة سابقا ، و أنه بالفعل قد تم إنشاء جمعية مماثلة فى أوائل التسعينات وإستمرت حوالى عامين ،ولكنها باءت بالفشل لأن المصالح الشخصية للأعضاء تغلبت على المصلحة العليا ، مما أدى إلى نشوب خلافات مستمرة وضعف التعاون بين الأعضاء.
إن السبب وراء فشل تلك المحاولة فى أوائل التسعينات لا يزال يمثل السبب الرئيسى فى فشل كثير من المشاريع فى الجالية. فبالإضافة إلى إنعدام روح العمل الجماعى ، فانه برايي يمكن اضافة سببين رئيسيين فى فشل محاولات التطوير والارتقاء بالجالية وهما التفكك والعنصرية الاقليمية .
العنصرية الاقليمية كانت ولازالت السبب الرئيسى لفشل جميع محاولات الوحدة القومية سواء فى بلادنا العربية او فى مجتمعنا المحلى فى المهجر. والقومية بمفهومها العام هى عبارة عن تراث مشترك من اللغة والثقافة والتاريخ والحضارة.
ولعل فكرة " القومية العربية " قد تجلت بابهى صورها في الخمسينات من القرن المنصرم فى نموذج الوحدة العربية بين مصر وسوريا ، المشروع الذى تبنى افكارالزعيم الراحل جمال عبد الناصروالذى احيا فى نفوس العرب املا جديدا لوحدة وشعورا بالاعتزازالقومى ، ومثال آخر مشروع الوحدة المتأنية بين العراق وسوريا والذى فشل فشلا ذريعا بسبب العنصرية الاقليمية ، وكانت نتيجة هذه المحاولة انقسام حزب البعث القومى العربى الحاكم فى كلتا الدولتين الى حزبين متنافرين يلعن أحدهما الآخروقطيعة بين البلدين دامت عشرات السنين .
وعودا إلى جاليتنا …والتى هى فى أمس الحاجة لتطبيق روح التعاون بين أفرادها.
المؤسف اننا نعانى من داء العنصرية الاقليمية…يطلق على جاليتنا إسم " الجالية العربية " ، إلا أن هذا المسمى لا يعبرعن واقع وحال الجالية ، فنحن عبارة عن " جاليات عربية " منفصلة تتناطح مع بعضها البعض ، تمثل كل جالية منهم بلد عربى بشكل مصغر ، وتنشد كل طائفة منها فصل همومها وطموحاتها ومشاريعها التنموية عن مثيلاتها. ورحم الله عرارحين قال :
انى ارى سبب الفناء وانما… سبب الفناء قطيعة الارحام .
فدعوا مقال القائلين جهالة …هذا عراقى وذاك شآمى .
ولعل ما يمكن ان توصف به جاليتنا العربية بوضعها الراهن :أنها جالية منقسمة على نفسها ..هذا عراقى وذاك شامى ، هذا مسيحى وذلك مسلم . أننا بحق جالية تحكمها المصالح الشخصية وتسودها العنصرية .
والامثلة على هذا الانقسام كثيرة ولعل اكثرها وضوحا قيام جمعيات ذات صفة اقليمية تنحصرعلى افراد دول بعينها لا بل وعشائربعينها ! ويا رحم الله أبى فراس الحمدانى الذى قال : أجارتنا إن غريبان هاهنا… وكل غريب بالغريب نسيب .
فما بالك ونحن ابناء امة تجمعها لغة وتاريخ مشترك لا بل يجمعها عدو مشترك. ان المؤمرات التى تحاك لهذه الجالية لاتميز بين اردنى وفلسطينى ومصرى ولا تميز بين عربى مسلم وآخر مسيحى وكذلك ردود أفعالنا ودفاعنا فى مواجهة هذه المؤمرات لابد ان يكون موحدا.
لابد من تاسيس هيكلية قومية سمها ما شئت تهدف الى خدمة أبناء الجالية والدفاع عن وجودهم وهويتهم تضم الكوادرمن أبناء الجالية من مختلف البلدان العربية ، تتولى التعامل مع مشكلات الجالية ، بما فى ذلك جمع الأموال لتنفيذ المشروعات اللازمة لها.
ان الوحدة العربية قد فشلت بصورتها الكبرى بسبب الانقسام والجهل والعشوائية ولكن وحدة هذه الجالية هى ضرورة وليست رفاهية يمكن العزوف عنها. ورحم الله أحمد شوقى حين قال :
يا ساكن النيل اشباه عوادينا …نبكى لواديك ام تبكى لوادينا
ماذا تقص علينا غير أن يدا… قصت جناحك جالت فى حواشينا