أرشيف - غير مصنف
العرب والانتخابات الايرانية
علاءالدين حمدى
ـ كان من الطبيعى أن ينشغل بعض العرب بانتخابات الرئاسة الإيرانية ، وأن يراهنوا على أن مجىء رئيس جديد مما يسمى ” بالجناح الاصلاحى ” من شأنه تحسين العلاقات ودرء الخطر الذى تشكله إيران عليهم عسكريا أو مذهبيا ، ويمكنه تغيير اسلوبها فى التدخل لإثارة القلاقل فى ربوع الوطن العربى !
ـ كان من الطبيعى أن ينشغل بعض العرب بانتخابات الرئاسة الإيرانية ، وأن يراهنوا على أن مجىء رئيس جديد مما يسمى ” بالجناح الاصلاحى ” من شأنه تحسين العلاقات ودرء الخطر الذى تشكله إيران عليهم عسكريا أو مذهبيا ، ويمكنه تغيير اسلوبها فى التدخل لإثارة القلاقل فى ربوع الوطن العربى !
ـ لذلك كان وقع الصدمة شديدا على نفوس هذا البعض ، بعد اعلان فوز ” نجاد ” بولايةجديدة ، ورأوا أن ذلك يعنى استمرارا لسيطرة مايسمى بجناح ” المحافظين ” المتشدد على مقاليد الأمور فى إيران لفترة قادمة سيستمر معها الخوف والتهديد لمحيطها الاقليمى مما سيواجه عربيا ، فى أغلب الظن ، باستجلاب المزيد من القواعدالعسكرية الغربية فى الخليج الذى سيحمل قريبا اسم ” الخليج الدولى ” من كثرة ما أصبح يضمه من الأمم ، لا العربى ولا حتى الفارسى كماتدعى إيران !
ـ ولكن فات هذا البعض العربى أن فوز أى جناح ايرانى لم يكنليغير شيئا من طبيعة الأمور على الأرض ، أو ليبدل من طريقة تسيير الشأن الايرانىوعلاقاته الخارجية خاصة نحوهم ، فالجناحان ليس لأى منهما فكر يختلف عن الآخر حيال هذه الأمور ، ولايملك أحدهما حرية فرض رؤية خاصة به تختلف عن رؤية الفقيه الولى ومرجعيته ، فالمسألة لا تعدو عن كونها أمورا شكلية وأسماء وضعوها ربما للإيحاء بوجود تيارين متنافسينلاظهار الدولة الإيرانية بمظهر ديموقراطى أمام العالم يحتمل الرأى والرأى الآخر ، بينما تبقى مقاليدالأمور فى النهاية مترسخة فى مؤسسة الفقيه حيث لا وجود لصقور أو حمائم كمايتوقعالعرب.
ـ فالديموقراطية الإيرانية يمكنوصفها بالديموقراطية ” المحددة ” التى يضع أطرها وفقا لدستور الدولة مجموعة من رجال الدين يطلق عليهم ” مجلس صيانة الدستور ” ، ويحصرها فى الالتزام بالإسلام على المذهب الشيعى ، والحكم من خلال حتمية وجود سلطة أعلى للدولة هى ( الولي الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصروالشجاع القادر على الإدارة والتدبير ممن أقرت له أكثر الأمة وقبلته قائدا لها …الذى له حق ولاية الأمر وإمامة الأمة … المرتبط بالسماء فى زمن غيبة الإمام المهدى ) كما جاء فى متن الدستور الايرانى ، وبالتالى أصبح الولى الفقيه هو صاحب الكلمة الأولى والأخيرة فى إدارة الدولة وعلاقاتها الخارجية وشئون التسليح والجيش والمخابرات والسياسات الداخلية ومناصب القضاء وبقية المواقع المهمة ، بينما يترك للرئيس ، داخلنفس الحدود ، طريقة إدارة شئون البلاد العادية الروتينية وسياستها الاقتصاديةوالقاء التصريحات التى لا تتعارض مع ثوابت النظام كما كان يفعل الرئيس نجاد فىولايته الأولى ، مع منح القرار الأخير فى تصرفاته ، أى الرئيس ، ورفض أو قبول أى تشريعات مدنية أو سياسية يرىتطبيقها الى ” مجلس صيانة الدستور ” ، الذى يملك حق الاعتراض بداية على أى مرشح يرغب فى خوض انتخابات رئاسة الجمهورية ، وهو ما جعلمنصب الرئيس وسلطاته تأتى خاضعة لهذا المجلس المؤسسى ، وفى مرحلة تالية لسلطة الفقيه الولى، بمعنى أن أى رئيس من أى جناح ليس فى مقدوره تغيير شئ من الخطوطالعريضة للسياسة الداخلية أو الخارجية للدولة!
ـ إذا ، فأحمد هو الحاج أحمد ، ولا فرق يذكر بين رئيساصلاحى أو آخر من جناح المحافظين طالما أن الأمور تترسخ على إطلاقها بين يدى الولىالفقيه ووفقا للسياسة التى يرى وجوب اتباعها داخليا وخارجيا ، الأمر الذى يجعلالعلاقة مع العرب ليست محل اختلاف بين أى من الجناحين .
ـ ويغيب عن العرب أن إيران بطريق أو بآخر ، اتفقنا حول طريقتها وتوجهاتها أو اختلفنا ، أصبحت دولة مؤسسات لها ثوابت محددة لا تتغير بتغير الحكاموالإدارات ، وهو ما لم يستطع العرب ، صناع الآلهة ، استيعابه أو فهمه حتى الان فىظل نظرية ( ما أريكم إلا ما أرى وماأهديكم إلا سبيل الرشاد ) ، وربما لن يمكنهمذلك لأجيال عديدة ولفترة طويلة قادمة ، أقصد ادراك معنى دولة المؤسسات بصرف النظرعنالإطار الذى تتمحور داخله ، لذلك لم يكن غريبا أن تكون الدول القوية المؤثرة فىنطاقنا الاقليمى حاليا هى تلك التى تمتلك المفهوم المؤسسى عن أصول إدارة الدولة القوية الحديثة ، سواء إيران أو تركيا أو حتى إسرائيل ،بينما فشلنا نحن العرب فى صنع نموذج واحد لهذه الدولة بأى إطار وأى مرجعية من أى نوع !
ـ ضمير مستتر:
يقول تعالى { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }النساء143
يقول تعالى { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }النساء143
علاءالدين حمدى
[email protected]
[email protected]