هل الديمقراطية مفيدة للشعوب النامية ؟ماذا يحدث في ايران
هل الديمقراطية مفيدة للشعوب النامية ؟ماذا يحدث في ايران
هل الديمقراطية مفيدة للشعوب النامية ؟ وهل هي وسيلة ناجعة للقضاء على تخلف شعوب العالم الثالث ؟ وهل ديمقراطية امريكا او العالم الحر هي الوسيلة الناجعة لعلاج مشاكلنا ؟.
منذ بداية المشروع الامريكي في منطقة الشرق الاوسط والادعاءات الامريكية حول الديمقراطية وحقوق الانسان لم اكن على قناعة ابدا ً بأن الديمقراطية الامريكية او المفهوم العام والخاص للديمقراطية هو اسلوب ناجع لمعاجلة قضايا العالم الثالث وقضايا الشعوب التي رزحت زمنا ً طويلا ً تحت الاحتلال وتسلط عجلته على المحاور الآتية :-
1- المحور الثقافي .
2- المحور الاقتصادي .
3- المحور الامني .
4- المحور الاجتماعي .
ولو تمحصنا في تجربة الديمقراطية والاملاءات الامريكية لفرضها على دول العالم الثالث والشعوب النامية لوجدنا انها اكثر ايلاما ً وأكثر ظواهر لدواعي الانفلاش وتهتك المجتمعات والضرب في الصميم لقواعد المجتمع ولعادات وتقاليد الشعوب.
هناك عدة تجارب للديمقراطية الأمريكية في مجتمعات الدول النامية :-
حاولت امريكا ان تمرر املاءاتها على خيارات الشعوب بالقوة او بالضغط الاقتصادي في كل من باكستان وافغانستان والجزائر وفلسطين والعراق واذا نظرنا الى تلك المناطق الهامة في العالم ان تلك الدول وشعوبها تعيش ويلات الديمقراطية ومفهوم الديمقراطية الامريكية فهل حقا ً يوجد حكم شعب في افغانستان او في الجزائر او في فلسطين او في العراق بالتأكيد ان تلك الشعوب تحصد نتائج تجربة الديمقراطية المفروضة وتفتقر تلك الشعوب لكل عناصر الامن والأمان وما احدثته هذه الديمقراطية من انهيار للبنية التحتية والانقسامات العمودية والافقية في الحالة الاجتماعية وفي المنظومة الطبقية ايضا ً .
في ايران هزمت الثورة الايرانية بقيادة الامام الخوميني دكتاتورية الشاه وفرضت ايران منظومة حديدية على كل بوادر لمنظومات العولمة المطروحة وبالطبع احدى هذه المنظومات منظومة الديمقراطية ومنظومة حقوق الانسان ، منذ عام 1979 شقت ايران بقيادة الامام الخوميني طريقها عبر حصار مطلق من ادارات مختلفة لمنظومة الحكم الامريكية وواجهت ايران كل ادوات الحصار وانطلقت بقيادة الامام الخوميني ومن بعده المرشد العام للثورة الايرانية خاميئني ضمن تدابير وقائية من اي حركات رجعية او ارتدادية تعطل من طموح البرنامج الايراني واذا امتد هذا المفهوم الى التاريخ البرنامج الفارسي ضمن خطة محكمة قواها البرنامج الاسلامي وتاريخها تاريخ دولة الفرس .
كان للامام خوميني الرهبة والقوة والمناعة التي يمكن ان تجهظ اي تحرك مضاد تجاه رغبات رجال الدين وصارت ايران في عهد المرشد خامنئي بقوة انضباط عالية يقودها حرس الثورة ورجال الدين ومن هنا لم تدم طويلا ً نظرة الاعتدال التي قادها رئيس الحكومة رفسنجاني وتولى نجاد رئاسة ايران بمرجعية المرشد العام ورجال الدين .
ولكن هل حقق نجاد نجاحا ً لبرنامج الثورة الاسلامية وعزة وطموح الشعب الايراني ام اخفق في ذلك ، في الوجه العام ان الثورة الايرانية واجهت التحديات كما واجهتها اي ثورة في العالم النامي .
ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم القومي جمال عبد الناصر التي قامت دعائمها على اسس ان الشعب العربي ذو حضارة عريقة وامكانيات تاريخية وثقافية وامكانيات اقتصادية واجهت الحصار واثناء الحصار قام عبد الناصر بتأميم شركة قناة السويس وانشاء المصانع الحربية وبناء السد العالي ومصانع الحديد والصلب ومصانع النسيج وكثير من الصناعات الطموحة التي اسست لأن تكون مصر دولة عظمى بالاضافة الى البحوث النووية واجهظت الثورة المصرية بوفاة منظرها وزعيمها ومازالت مصر محل استهداف كشعب وكتاريخ وحضارة وبين حين واخر تخرج بعض الاصوات من الادراة الأمريكية تتحدث عن وجوب ممارسة الديمقراطية عند الشعب المصري ودخلت مصر في لغة التشتيت وبرامج التشتيت الثقافي والسياسي والوطني من جهات مختلفو بين النعرة الدينية والطائفية احيانا ً والمذهبية احيانا ً اخرى وبين حين وآخر ،تقوم مفاهيم الديمقراطية بغزوات حادة تستهدف وحدة الشعب المصري وتاريخه وحضارته وربما نتيجة الثقافة المصرية لم تنل تلك المحاولات هدفها ولكن ليس في المنظور توقفها ، ومن هنا ندخل للعامل السياسي والاقتصادي كمطلب ملح لمبدأ الديمقراطية ولا نريد هنا ان ندخل في المعاهدات والاتفاقيات مع الجانب الصهيوني التي أثرت على الاهداف الحقيقية لثورة 23 يوليو ولأن تكون مصر دولة عظمى بأبنائها وعلمها وتاريخها .
وعلى غرار ذلك ما لحق بالثورة العراقية بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي والزعيم القومي صدام حسين وكان هناك صراع الحضارات والتاريخ والجغرافيا بين حامي البوابة الشرقية للوطن العربي وبين طموحات ايران في المنطقة بعد الثورة الايرانية وفرضت امريكا بغزوها وحصارها وتشتيتها للشعب العراقي مبدأ الديمقراطية الأمريكية وبقواعد برايمر التي يعاني منها العراق وسيعاني منها الى عدة عقود ودعائمها المذهبية والتقسيم العرقي وتقسيم الثروة وتشكيل كنتونات ومراكز قوى مذهبية .
الديمقراطية الامريكية ذهبت الى الجزائر ومازالت الجزائر تعاني ما تعانيه كقوة عربية كبرى واحتياطي ورصيد وامتداد امني في الصراع العربي الصهيوني ايضا ً .
معظم الثورات القومية وما حدث لها من حصار وخنق لاليات الحركة بشكل او بأخر كالثورة القومية بقيادة الزعيم القومي معمر القذافي ومازالت تلك الثورات تأسس المبادئ الحقيقية لرقي واستقرار شعوبها والتحكم في ثرواتها .
في الصومال فرضت الديمقراطية على انقاض صراع دام منذ ناهية العقد الاخير في القرن الماضي ، ومازال الشعب الصومالي يعاني من فرضيات الديمقراطية والتدخلات الاجنبية ومن خلال بانوراما انتخابية اتت برئيس لبى طموحات الغرب وشروطه وكذلك الحال في موريتانيا ومنظومة الديمقراطية التي اعطت دوامية من الافكار والانحلال السياسي بحيث تهدد موريتانيا الآن باضطربات يعلم الله مداها.
في لبنان احتكم الشعب اللبناني وبمنظور طائفي الى الديمقراطية الامريكية بين الرابع عشر من آذار والثامن من آذار ودخلت رؤوس الاموال من دول ما تسمى بالاعتدال لدعم تيار الرابع عشر من آذار ضد منهجية لبنان كدولة تدخل حلبة الصراع مع العدو الصهيوني ومازال الجدل والتجاذبات حادثة في الشعب اللبناني بعد نتائج الانتخابات على اعتقاد ان تيار الحريري له استحقاقات يجب ان تدفعها القوى الوطنية المحافظة ومن هنا اعتقد ان الدمقرطة الامريكية في لبنان لن تنجح بفرضية ان المواجهة قائمة بين دول الجوار مع فلسطين المحتلة وصدامها الحتمي مع المشروع الصهيوني .
اما في فلسطين ودخول برنامج التسوية في قفزة فراغية على مصالح الشعب الفلسطيني ومبادئه واهدافه ادت الى انقسام الساحة الفلسطينية كما هو الحال عليه في البرنامج العربي بما يسمى برنامج المعتدلين والتسووي والقابل للاعتراف باسرائيل على 80 % من ارض فلسطين وقوى نامية ومحافظة اخذت وجوه شتى ، الوجه الاسلامي اولا ً كقاعدة من قواعد عدم التنازل عن فلسطين بالمنظور الاسلامي والحقوقي وقوى اخرى ايضا ً وتقهقرت حركة التحرر الوطني الفلسطيني فتح ومنظمة التحرير الى الوراء وخاصة بعد فشلها بشكل او بآخر في تحقيق برنامجها ولو على 20% من اراضي فلسطين ،دخلت الديمقراطية الامريكية على الشعب الفلسطيني برغم ان الحالة الفلسطينية لا تحتاج الى منظور الدمقرطة بقدر ما هي تحتاج الى برنامج وطني تحرري مقاوم ودخلت فصائل المقاومة في حوارات الممنوع لدى الشعب الفلسطيني وطموحاته مثل التهدئة وقضايا اخرى فرضتها متغيرات الصراع على تلك الفصائل وكانت نتيجة الدمقرطة الامريكية الانقسام الجغرافي بين غزة والضفة وعوامل اخرى اتت تحت هذا الانقسام من محاولات للانقسام الثقافي والفكري والاجتماعي ايضا ً كمحاولة للاجهاز على طموحات الشعب الفلسطيني في وطنه وخياراته الوطنية والتاريخية .
في ايران ، اعتقد ان المعركة بدأت والهجوم بدأ على الثورة الاسلامية والشعب الايراني بعدما فشلت كل تحديات بوش لايران ولحكومة نجاد وآن الاوان في وجهة نظر المبرمجين الامريكيين والغربيين لاحداث انهيارات داخلية ونزعات من التشرذم تحت ما يسمى قوى الاعتدال وقوى التطرف ايضا ً وهاهي ايران تشهد الآن دوائر من العنف والعنف المضاد بين من يسموا انفسهم بالمنفتحين على الغرب والتواقين للدمقرطة الامريكية والغربية في حين انهم يحطمون احلام الايرانيين الآن في ان تصبح ايران الآن دولة عظمى وبصرف النظر عن موقفي من تطلعات ايران للمنطقة العربية وان هناك من هم سعداء لما يحدث في ايران وخاصة معسكر الغرب الا ان ايران على ايدي معتدليها وبوابة الدمقرطة تتعرض لخناجر داخلية تقطع اوصالها واوصال طموحاتها في ان تصبح دولة فارس ذات الوجه الاسلامي والتاريخي العتيد .
اذا ً نستطيع الوصول الى نتجية ان الديمقراطية في العالم النامي ليست مناسبة للدول الطموحة التي تسعى لبناء ذاتها ضمن برامج دقيقة ومتقنة ولأن تلك الشعوب لا تستطيع فهم معنى الديمقراطية ولا تستطيع ان تميز بين ما هو مفيد لها وما هو يأتي تحت تدخل اجنبي فالرئيس اوباما يكمل مسيرة بوس ولكن هذه المرة من داخل كيانية المجتمع الايراني وهو الهجوم الصعب فأوباما تدرج في تصريحاته حول ما يحدث في ايران، بداية تصريح يقول لا نتدخل في خيارات الشعب الايراني والتصريح الاخير يقول” نحن مع المظاهرات التي يقودها موسوي ويجب التدقيق في نتائج الانتخابات الايرانية ” تدخل سافر في مصالح الشعوب وخياراتها تحت بند ما يسمى بعالم الديمقراطية .
بقلم/ سميح خلف