أيها العرب …ازى الحال ؟
وفاء اسماعيل
* ظهر نتنياهو كالنجم الساطع يوم الأحد 14/6/2009م في جامعة “بار ايلان” بتل أبيب، ألقى خطابه الذي انتظره العالم ” على أحر من الجمر” كما يقولون ، الرجل لم يذكر جديدا لم نكن نتوقعه ، بل كان خطابه تأكيدا على ما قاله بالأمس القريب ..كان واضحا ومحددا وذكيا في اختيار ألفاظه ، ويستحق عن جدارة أن يقام له تمثال في كل بلد عربي ، ليذكرنا دوما بخيبة الأمل ، والعجز ، واليأس ،والإحباط !
فهل هناك أروع ولا أجمل من سماعنا صوته وهو يشدو لنا أنشودة السلام على الطريقة الصهيونية ؟ الرجل قال : “السلام الاقتصادي ليس بديلا للسلام السياسي ، نقول للفلسطينيين تعالوا نبدأ مفاوضات سلام بدون شروط مسبقة ، نريد أن نعيش معكم في سلام وجيرة حسنة ، لا أريد حربا” فهل يطمع العرب في سلام أروع من هذا ؟ وهل يستطيع أبو مازن وكل أفراد سلطته أن تحقق للفلسطينيين أكثر مما سيحققه نتنياهو لهم ؟ سلام اقتصادى ، سلام سياسي ، جيرة حسنة ، وتوقف للحروب.. وإضافة إلى كل هذا قال : ” أنه مستعد للقاء الزعماء العرب في دمشق أو بيروت من أجل السلام ، أساس الصراع في المنطقة هو رفض العرب للدولة اليهودية ، كلما نقترب من الفلسطينيين يبتعدون عنا وانسحابنا من غزة رافقه عملياتهم الانتحارية ، يجب على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل ، ونحن نعيش معكم في سلام ” مسكين نتنياهو !!
فكم من مرة حاول الصهاينة التقرب من الفلسطينيين ولكنهم في كل مرة كانوا يقابلون المعروف والإحسان بالغدر والقتل بعملياتهم الانتحارية وصواريخهم الفتاكة التي كانت تسقط على رؤوس أطفالهم تمزقهم أشلاء !! واذكر أيضا أن تلك الصواريخ قتلت حوالي 1300 شهيد صهيوني ..كما أتذكر جرائم القتل البشعة التي ارتكبها الفلسطينيون الأشرار في جنين ، الخليل ضد الأبرياء الصهاينة ، وقوافل الموتى للشهداء الصهاينة ، وأتذكر أن الأشرار الفلسطينيين اعتقلوا الآلاف الشباب والرجال الأبرياء من الشعب اليهودي ( شعب الله المختار ) هكذا كان يتقرب نتنياهو إليكم أيها الأشرار وانتم تبعدون وترتكبون مجازركم بحق شعب مسالم ينشد السلام ويكره الحرب .. فمن اى طينة انتم أيها الأشرار ؟ ونعود إلى خطاب هذا الرجل الرائع الذي استمتعت بكلماته كثيرا فأراه يقول ” قضية اللاجئين الفلسطينيين يجب حلها خارج إسرائيل” ولا يهمك يا عم النتن .. اللاجئون نرميهم في القارة القطبية الجنوبية .. على الأقل المناخ هناك أروع و أجمل وأرحم !!! وماذا بعد يا عم النتن ؟ فيقول ” لا يمكن أن نعترف بالدولة الفلسطينية إلا بعد ضمان نزع أسلحتها إسرائيل لن تفاوض إرهابيين يريدون القضاء عليها.” تقصد حماس والجهاد وكافة فصائل المقاومة ؟ بسيطة … نأمر بإعدامهم جميعا بما فيهم أسلحتهم !! والثمن ؟ ماهو الثمن الذي سنناله نحن العرب ؟ يرد نتنياهو ” مستعدون لقبول دولة فلسطينية منزوعة السلاح إذا اعترفوا بيهودية إسرائيل ، القدس عاصمة إسرائيل وستظل موحدة وحرية العبادة مضمونة لكافة الأديان ” ياله من ثمن بخس زهيد !! ياله من ثمن رخيص ،ومهين !!!
* نتنياهو وجه صفعة قوية للعرب خاصة هؤلاء الذين كانوا يراهنون على خيار السلام كخيار استراتيجي ، والذين كانوا يراهنون على التفاوض كنهج وحيد لمقاومة الصهاينة ، والذين اتهموا المقاومة بأنها تعرقل جهود السلام في المنطقة .. نتنياهو كشف عوراتهم ، وحطم كل رهاناتهم ووضعهم فى موقف لا يحسدون عليه .
* انفض السامر أيها العرب ..وانتهت حفلات المزايدات .. نتنياهو حسم المزاد العلني والخفي على فلسطين ، وأرسى المزاد على كيانه الصهيوني ، واختص لنفسه ولكيانه النصيب الأكبر (90%) من فلسطين ..فضاعت فلسطين ولم يتبق لأهلها شيئا يزايدون عليه ، لا حدود ، ولا قضية لاجئين ، ولا قدس ، ولا حتى مكان لعرب 48 داخل دولة الكيان الصهيوني ( ترانسفير ) ، أتساءل الآن ماذا سيفعل حكام العرب في الخطوة القادمة لو أقدمت إسرائيل على إرغام عرب 48 على الخروج من مدنهم وقراهم وبيوتهم ويتم تهويد ما يعرف بدولة إسرائيل ؟ هل سيتحرك هؤلاء المساومون والمزايدون على القضية الفلسطينية لنجدة عرب 48 ؟ هل لديهم القدرة سواء هم أو المجتمع الدولي للدفاع عن حقهم في البقاء في أرضهم ، متمسكين بجذورهم ؟ لا أظن ، فالقضية تم تصفيتها وبيعها وتم قبض الثمن !!
* هكذا خطط الكيان الصهيوني ..وهكذا نفذ وسينفذ ما تبقى من مخططاته .. وهكذا استفاد من قوته العسكرية ، وضعف قوتنا وهوان جيوشنا العربية ، واستفاد من خنوع وخضوع حكامنا الأشاوس ، وهكذا استثمر إعلامه لتشويه صورة كل من يحمل سلاح في وجهه ، هكذا استفاد من غياب الشعوب وتدنى وعيها القومي والاسلامى ، هكذا استفاد من سياسة تجويع الشعوب التي انتهجتها حكوماتنا الرشيدة العربية في شراء الذمم وتجنيد العملاء والجواسيس ، واستفاد من وجود مجتمع دولي لا يحترم إلا الأقوياء ، ولا يسمع إلا لغة الرصاص .
* ازى الحال يا أحرار الأمة ؟ فلسطين ضاعت … ازى الحال يا شباب الأمة ورجالها يا من تقبعون في بيوتكم ؟ ازى الحال يا جيوشنا العربية الجرارة يا من نهبتم مواردنا ؟ ازى الحال يا جنرالاتنا الأشاوس يامن رفعناكم تيجانا فوق رؤوسنا ورصعنا أكتافكم وصدوركم بالنياشين والأوسمة ؟ ازى الحال يا تجار الأسلحة وأصحاب الصفقات المليونية والمليارية ..يامن حرمتم الشعوب من مليارات الدولارات وكسرة الخبز ، وكدستم الأموال في حساباتكم الخاصة ببنوك الغرب ؟ ماذا فعلتم جميعا من اجل إنقاذ فلسطين ؟ لا شيء !! ها هي انجازاتكم ينطق بها نتنياهو ، هاهي انجازاتكم كانت كلها لصالح الكيان الصهيوني ، هاهو المزاد وقد أرسى قواعده على نتنياهو والكيان الصهيوني .. الكيان الصهيوني كسب فلسطين ..وانتم كسبتم الأموال ” الثمن ” ونحن الشعوب خسرنا فهل نقر بالهزيمة ؟ هل نستسلم للبيع الساقط والكيان اللص ؟
* الغرب هلل وصفق لنتنياهو واعترف له علنا بما أقره في خطته الدنيئة ، الغرب الذي راهنا على مواقفه ، ودعمه ، وقراراته ، قوانينه الدولية والشرعية ، وعلى رباعيته ، وخماسيته ، وعلى مدريده ، و اوسلويته ، وانا بوليسيته ، وراهنا على شرمه ، وشرقه وغربه .. ماهى المكاسب التي حققها لنا هذا الغرب الذي اعتمدنا عليه قرونا طويلة ؟ ماذا فعل لملايين المشردين منذ عقود طويلة ؟ وماذا سيفعل لمليون و200الف فلسطيني هم عرب الداخل يحملون الجنسية الإسرائيلية حينما يتم طردهم ؟ والى أين سيذهبون ؟ إلى دولة كرتونية هزيلة داخل الضفة وغرة ؟ أم إلى الأردن الوطن البديل ؟
* فلسطين ضاعت يا عرب !! فلسطين ضاعت يا أبو مازن فما يبقيك لليوم على رأس سلطة وهمية ؟ أين هي الدولة التي تحلم برئاستها ؟ أين هي الدولة التي تصارعتم أيها الأشاوس على قيادتها ؟ هل لها بر ،او بحر ،او سماء إلا في مخيلتكم وعقولكم ؟ هل لها جيش أو سلاح أو حدود معترف بها ؟ خطاب نتنياهو نسف كل الاتفاقيات و قرارات الشرعية الدولية ويعتبر تحدياً ليس للمجتمع الدولي فقط ولكن تحديا لكل العرب والمسلمين فلتخرس كل الألسنة التي تتحدث عن السلام ..لان نتنياهوقضى على كل فرص السلام مع الصهاينة .
وفاء اسماعيل