لم يكن ما شهدته مدينة الخليل من هجوم للمستعمرين الصهاينه وقيامهم بحرق وتخريب الممتلكات حدثاً جديداً فهؤلاء المغتصبين يقومون باعتداءات يومية وإن كانت لا تحظى باهتمام الاعلام الغائب عن الحدث دائماً بحكم وجودهم بالبؤر الاستطانية في قلب المدينة المقسمه بين سلطة رام الله والاحتلال الصهيوني الذي يعمل على تهويدها وفرض سياسة الامر الواقع كما يفعل في القدس فقام بتقطيع اوصالها وعزلها عن محيطها وأخضعها لحظر تجول شلّ نشاطها وهجّر سكانها وهدم بيوتهم وأغلق محلاتهم وطرد اصحابها منها إضافة للبوابات الالكترونيه ونقاط التفتيش والمراقبة والحواجز الاسمنتيه التي جعلت المدينة وكأنها سجن كبير والانتهاكات المتكررة للحرم الابراهيمي الذي اغتصب الصهاينة جزءاً منه لممارسة عربدتهم، وما جرى هجوم صهاينة حاقدين مدعومين من عتاتهم والجيش الصهيوني الذي وقف ليس متفرجاً على ما يجري بل مشاركاً وداعماً لقطعانه ، ولم يقف بوجه تلك القطعان المدججين بالاسلحة إلا الأهالي العزّل الذين أصبحوا وحيدين بمواجهة مشروع استيطاني إحلالي تنفذه قطعان مدعومة عسكرياً وبعض المتضامنين الاجانب، ولا خيار إلا الصمود والثبات والمقاومة كما تقول إحدى النساء في المدينة “سنواجه عملية تهجيرنا من منازلنا وممتلكاتنا بكل ما أوتينا من قوة، ومهما كلفنا الأمر، حتى لو دفعنا أرواحنا ثمنا لذلك.”
مما لا شك فيه ان قطعان المستوطنين استباحت المدينة مرات عديدة وتقول شلوميت ألوني الوزيرة السابقة “أنهم يعيثون فيها فساداً ويعتدون على المواطنين بالكلاب وعلى طلاب المدارس الذين يخضعوهم للتفتيش بشكل قاسي ويهاجمون المساجد والمنازل والمحلات التجارية”. والاعتداء على الخليل ومواطنيها لا يختلف عن غيرها من المدن الفلسطينة التي يستبيحها الصهاينه فكما هو راسخ في العقلية الصهيونيه فإن ما يقومون به إنما هو محاولة لإسترجاع حق مغتصبه فلسطيني منذ أربعة ألآف سنه وهذا يدركه تماماً اولئك الحالمين وغيرهم بدولة وهمية حدودها ورقة وخط القلم بلا أرض ولا عاصمة ولا سيادة فالمحتل الذي يفاوضونه يسيطر ويستولي على الارض ويقطع اوصالها بجداره الافعى ويستجلب قطعانه من كل بقاع الدنيا ويحيطون المدن بمستعمراتهم ليحلوا محل أصحاب الارض تحت سمع وبصر الدنيا كلها التي لا تحرك ساكناً بل وتقرّهم على اغتصابهم لأرض ليست من حقهم، وكل ما فعله هؤلاء الذين يعتبرون انفسهم ممثلين وحيدين للشعب الفلسطيني مطالبة “المجتمع الدولي” ليرسل لهم قوات دوليه مسلحه لحماية مواطنيهم من اجرام المستوطنين.
لابد حين نتحدث عن الخليل أن نستذكر مجزرة الحرم الابراهيمي التي ارتكبها في العام 1994 المجرم الصهيوني باروخ جولدشتاين- الذي يعتبره الصهاينة قديساً يؤدي له حرس الشرف التحيه العسكرية كل صباح – مدعوماً من الجنود الصهاينه الذي أغلقوا الابواب لمنع المصلين العُزّل من المغادرة ومنعوا سيارات الاسعاف ، لنعلم بأنها جزء من مسلسل استباحة الدم الفلسطيني الذي لا يتوقف لتهويد المدينة فمقتل العربي كما يقول الحاخام موشي ليفنغر “يؤسفه بالقدر الذي يؤسفه مقتل ذبابة”، لذلك لا يمكن اعتبار ما جرى مجرد حدث عابر لن يتكرر بل هو سياسة مخطط لها كما هو الامر بالقدس وكما حصل أيضاً في عكا وعربدة الصهاينة فيها، للسيطرة على المدينة وتهويدها ولا مانع سيمنع تلك القطعان المسلحة والمدعومة من الجيش الصهيوني من الاستمرار بانتهاكاتها وعربدتها وارتكاب مجزرة أخرى يسقط ضحيتها عشرات إن لم يكن مئات الشهداء فتاريخ الكيان الصهيوني زاخر بالمجازر لتهجير اصحاب الارض، ولا يمكن فصل ما يجري في القدس والخليل وباقي المدن وحتى لأهل المناطق المحتلة عام 48 والتهديد بتطهيرهم عرقياً تنفيذاً لـيهودية الدولة صافية العرق عما جرى في غزة من جريمة ابادة جماعية وحصار ظالم لمليون ونصف المليون مواطن، فكلها تندرج بإطار احتلال اجرامي ينتهك ويغتصب ويستبد، وأمة تخلت عن ضميرها ومسؤولياتها تجاه أرض مقدسة وأخوة يتعرضون يومياً للقتل، قضية في مهب الريح يتاجر بها رجال الاعمال ومستقبل مظلم مجهول لشعب يواجه القمع والاضطهاد والاعتقال من المحتل وأعوانه وأفعى تبتلع الارض والانسان.