انضمت منطقة سوات للاتحاد الباكستاني في العام 1969 في عهد يحيى خان بعد ان كانت مملكة مستقلة تُحكم بالشريعة الاسلاميه التي أُستبدلت بالقوانين العلمانيه، وتعتبر احدى المناطق السياحيه لذلك يصفها البعض “سويسرا باكستان” وكانت تدر على الحكومه الباكستانيه حوالي 25 مليون دولار سنويا في الوقت الذي كانت تتجاهل تذمر السكان الذين تجمعوا خلف الملا صوفي خان لتوجهه في العام 1992 لتأسيس حركة تطبيق الشريعه المحمديه من اجل اعادة تطبيق احكام الشريعة للاقليم، وفي العام 2002 قررت الاحزاب الاسلاميه تطبيق الشريعة الاسلاميه، واستطاعت الحركات الاسلاميه ان توسّع نفوذها حتى العام 2007 حيث سيطرت حركة طالبان ذات الاصول البشتونيه المشتركه بين افغانستان والباكستان والتي تسيطر على المناطق القبلية على طول الحدود وأخضعت هذا الاقليم الذي يوفر لها ملاذاً آمنا للتدريب والتجهيز للقوانين الاسلاميه ، وانتقل الصراع الدموي بين حركة طالبان والقوات العسكرية الباكستانيه الى الاراضي الباكستانيه.
في العام 2008 انتخب آصف زرداري “مانديلا باكستان”- كما كان يحلو لزوجته وصفه مع فارق التشبيه بينه وبين المناضل الافريقي مانديلا الذي ناضل وضحى بسنوات عمره لأجل وطنه – رئيسا لباكستان خلفاً لجنرال امريكا في الباكستان برويز مشرف الذي استقال من منصبه مرغماً، وأقرّ زرداي بامتداد نفوذ طالبان الى داخل المدن الباكستانية الكبرى، ووقع اتفاقاً مع طالبان يقضي بتطبيق الشريعه الاسلاميه في وادي سوات مقابل وقف اطلاق النار الامر الذي أرعب امريكا واذيالها خوفاً من امتداد تطبيق الشريعة لمناطق أخرى في الباكستان مما يمثل تهديداً للعالم حسبما صرّحت بذلك هيلاري كلينتون “الشريعه في وادي سوات تمثل تهديداً مميتاً للعالم” وكذلك يتعارض وضع القانون الاسلامي المتشدد موضع التنفيذ مع الديمقراطية الامريكيه وحقوق الانسان كما بشرنا بذلك روبرت غيتس المتحدث باسم البيت الابيض فيما تقصف طائراته الابرياء حفاظاً على الديمقراطية وحقوق الانسان ، وكان ان اجتمع وكرزاي افغانستان مع الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي وصف حكومة زرداي بالهشه واتفق الجميع على الالتزام بمكافحة “الارهاب” ومواجهة ”العدو المشترك” الذي يمثل خطراً على دولهم، وصدرت الاوامر للقوات المسلحه الباكستانيه بالقضاء على المسلحين والارهابيين لاستعادة شرف وكرامة الوطن وحماية الشعب كما أعلن ذلك رئيس الوزراء الباكستاني، فجهزت الحكومه 120 الف جندي للتصدي للحركات “المتمرده” لاخضاعها لسلطة الدوله وتخوض حرباً امريكيه خاسرة على ابناء شعبه الذين قتلتهم وشردتهم المعارك الضارية وقصفتهم الطائرات الامريكيه والباكستانيه والمدفعيه فقتلت الالاف فيما اضطر حوالي ثلاثة ملايين شخص للنزوح عن بيوتهم اضافة للمحاصرين تحت نيران القصف بلا غذاء أو ماء ولا كهرباء .
يعيش اهالي وادي سوات أوضاعاً مأساويه في ظل حرب دامية يشنها جيش مدجج بالاسلحه لا نكاد نسمع عن حجم معاناتهم إلا على استحياء وكأن ما يجري لهم لا يمس كرامة العالم الاسلامي ولا يعني علماؤه المشغولين بفتاوى انفلونزا الخنازير لتهيئة الأمة لتقبّل مؤامرة الغاء الحج والعمرة ولم نسمع صوت أولئك الذين ثاروا وخرجوا بمظاهرات صاخبة ومواجهات مع الجيش دعماً لقضايا لا ترتقي بأهميتها لما يتعرض له أهالي سوات من قتل واجرام، فيما دولة حقوق الانسان مشغوله بقتل الاطفال والشيوخ والنساء وتلقي عليهم براكينها وترتكب بهم المجازر لأنهم يشكلون خطراً على أمريكا “العظمى” صانعة الفوضى الخلاّقه والعالم “الحر” الذي يتباكى على كلب يموت بأقصى الارض يتفرج بصمت، فمن الذي سيوقف حمام الدم في سوات؟