مخيمات لبنان بين التوطين وعوامل الصمود
مخيمات لبنان بين التوطين وعوامل الصمود
لعل المخيمات الفلسطينية في لبنان هي محل انظار المراهنات السياسية عليها ولأن المخيمات الفلسطينية في لبنان وتجربتها الواسعة في العمل النضالي لفصائل المقاومة الفلسطينية وهي القادرة اذا نظمت نفسها وادائها على ان تحبط كل مشاريع التوطين وهي تستطيع بما لديها من خبرات وتجربة ان تصيغ الاداء الثوري وان تضع قلاع من الممانعة على اي انهيارات حدثت او يمكن ان تحدث في المستقبل على ضوء التحرك التي تتبناه سياسة السلطة الفلسطينية المندمجة اندماج كامل مع التصورات المختلفة لانهاء قضية اللاجئين وملفها وربما اللاجئين في مناطق اخرى في العالم لا يمثلون حجر الزاوية من الاهمية السياسية والنضالية كما تمثله الساحة اللبنانية ولذلك وفي كل تطور ومرحلة من الطرح السياسي والامني لا يمكن لكل القوى المهتمة ان تتجاهل البحث في مصير اللاجئين بلبنان وربما لأن المناطق الاخرى يمكن السيطرة عليها وادلجتها او انخراطها بشكل كامل في المناحي الديموغرافية للدول المضيفة وربما هذا العامل اتى على قاعدة تجاهل قيادة منظمة التحرير منذ زمن الاسلوب الثقافي التعبوي التحريضي للفلسطينيين في الخارج اي التحريض الوطني بغرض تمرير قضية اللاجئين وتوطينهم كما هو مطروح امريكياً وغربيا ً وعربيا ً .
من هنا ومنذ اثارة ازمة نهر البارد وتضخيمها واللعب فيها لم يكن اللعب في ازمة نهر البارد وتدمير هذا المخيم وكما وصف مندوب منظمة التحرير هناك انه يمكن اعادة صياغة هذا المخيم باسلوب حضاري وتقني وللأسف ازمة نهر البارد وبعد تدميره تدميرا ً تاما ً لم تحل تلك الازمة ومازال اللاجئين في مخيم نهر البارد يعيشون ظروف النكبة الاولى .
جميع المبررات التي طرحت وهي قضية التمويل وغيره واعادة الاعمار وبعد الاستعدادات والدق على الصدور من ممثل منظمة التحرير وقوى لبنانية وجمع التبرعات والاعلانات في المواقع والصحف الا ان مشروع اعمار نهر البارد قد توقف ، فهل نستطيع القول ان اعمار نهر البارد قد توقف انتظارا ً لقرار سياسي بالتوطين؟ وانتظار لتطورات داخلية وخارجية في الساحة اللبنانية يمكن ان ترسم خيوطا ً سياسية جديدة لمعادلة الشرق الاوسط .
الاضطرابات في الساحة اللبنانية وخاصة في المخيمات الفلسطينية لا يمكن ان تكون عفويا من قضية الصراعات والقرارات المتتالية التي تأتي من رام الله من احالة على التقاعد الى التقنين الى رسم دوائر متناقضة هي قضايا تفجيرية وتبويبا ً لحدث اكبر كما هو الحال في الهزات الامنية التي تحدث مثل اغتيال مدحت وبعده بآخر كل ذلك هو تبويب لاحداث شروخ قاسمة في البنية النضالية في المخيمات الفلسطينية وكما صرح احد المتحدثين باسم منظمة التحرير ردا ً على سلطان ابو العينين وقضية المقاومة قال المتحدث ان السلطة اللبنانية لها الحق في وضع الدرك والسيطرة تماما ً على المخيمات الفلسطينية بالاضافة الى قرار الرئيس الفلسطيني بتشكيل لواء خاضع لقيادة القوات اللبنانية يمكن ان تكون مهامه في المستقبل هو عملية السيطرة على المخيمات وهذا استدلالا ً من تصريح الناطق باسم المنظمة التحرير وسلطة رام الله بأن منظمة التحرير هي الوحيدة التي تتحدث عن الشأن اللبناني .
هناك وجوه نضالية كثيرة في الساحة اللبنانية ومن اهم تلك الوجوه وهي من مؤسسي كتائب شهداء الاقصى وكانت على علاقة مباشرة مع الرئيس عرفات ” منير مقدح ” مسؤول الكفاح المسلح واذا كان هناك خلافات بين اقطاب المعادلة الحركية الا انهم جميعا ً متفقين على حماية البندقية وعلى حماية وحدة المخيمات وحماية وصيانة حق العودة .
بالطبع من احد المهام الكبرى لممثل منظمة التحرير في الساحة اللبنانية هو ادلجة المخيمات الفلسطينية لبرنامج السلطة وتدجينها والشواهد تقول لقد نجحت منظمة التحرير في بعض الجوانب واخفقت في الجوانب الاخرى انه لم يستطيع تدجين المخيمات الفلسطينية برغم انه زرع تيارات ودوامات يمكن ان يكون لها مؤثر على وحدة الرأي والثقافة الوطنية في المخيمات الفلسطينية .
عملية التوطين لفلسطينيي لبنان تثار كلما اثيرت مبادرات سياسية واخرها مبادرة اوباما ، في السابق طرح توطين اللاجئين في لبنان في الاردن وفي سوريا وفي سيناء وربما حمل الرئيس الفلسطيني في زيارته شمال العراق اقتراحا ً من هذا النوع وقد سبق ان رددت بعض وكالات الانباء منذ سنوات ان هناك عمليات توطين للفلسطينيين في شمال العراق وقيل ان هناك عملية توطين ومدينة اعدت لللاجئين الفلسطينيين في الاردن .
مبادرة اوباما التي بنيت على اقامة دولة فلسطينية بجانب الدولة اليهودية وقضية الانسجام بين اطروحات اوباما وما يريد نتنياهو ، بالتأكيد هو اسقاط حق العودة واعادة توطين الفلسطينيين وفتح مجال الهجرة الى امريكا اللاتينية وغيرها من البلدان الاجنبية ولكن من المهم جدا ً ما اثير حول توطين الفلسطينيين في الساحة اللبنانية في الجزائر او موريتانيا او كلاهما معا ً ومن خلال الاستقراء وكما ذكرت بعض التقارير ان ميتشل في زيارته الاخيرة الى الجزائر رجحت ان يكون قد طرح مثل هذه القضايا والمواضيع .
جميع القوى اللبنانية سواء تيار الممانعة او تيار الموالاة يرفضون فكرة توطين الفلسطينيين في الساحة اللبنانية وتحمل الفلسطينيين في الساحة اللبنانية المسؤوليات الجمة في حياتهم النضالية المحافظة على البندقية كدليل ثابت على ان الفلسطينيين في لبنان يرفضون رفضاً باتا ً عملية التوطين في لبنان وغير لبنان وبرغم ذلك عانى الفلسطينيين في الساحة اللبنانية من عدة قوانين جائرة منعتهم من حرية العمل في مهن متعددة .
الحريري كلف بتشكيل الوزارة ، برنامج الحريري لا يختلف ابدا ً عن البرنامج العربي، اي برنامج الحريري يمكن ان يكون متوافقا ً مع فكرة اعادة توطين الفلسطينيين في الاقطار العربية وربما يسعى الحريري في عملية تقاسم اللاجئين وتوزيعهم بنسب على البلاد العربية والاجنبية، ربما تقبل وزارة وبرلمان لبنان على اخذ تلك النسبة من اللاجئين كما حددت لاسرائيل ان تستقبل عدد من اللاجئين في مباحثات كامب ديفيد .
الساحة اللبنانية كمؤشرات لم يكن جانب الحصار عليها فقط من قوى اقليمية ومن قوى مذهبية وطائفية ولكن في المسارا النضالي الفلسطيني وبرغم الاداء العالي والمهام الصعبة التي حملها الفلسطينيين في لبنان من حماية الثورة والبندقية الا ان الساحة اللبنانية مازالت تلاقي غبنا ً في التمثيل في المؤتمر الحركي المزمع عقده في بيت لحم وهي الساحة التي حرمت من الاطر القيادية في محاصصة منظمة التحرير ومحاصصة حركة فتح ، ربما هذا مؤشر اخر يؤكد النية في تهميش الساحة اللبنانية استعداداً ومقدمة لعملية التوطين ، فلقد اقرت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحركي ان تستوعب في مؤتمرها 40 عضو فقط في حين ان الساحة اللبنانية كعمود فقري للثورة الفلسطينية تستحق اكثر بذلك بكثير ، ومازال هناك تطورات يمكن ان تحدث على الساحة اللبنانية تأتي في نفس السياق ، فكوادر فتح في الساحة اللبنانية يرفضون عقد المؤتمر في بيت لحم ، حالة غليان واحتقان في كل المخيمات الفلسطينية لها اكثر من عامل ولها اكثر من مصدر ونقول المخيمات الفلسطينية في الساحة اللبنانية الى اين تتجه ؟؟
بقلم/ سميح خلف