لم تنحصر المقاومة والاستشهاد في الشعب الفلسطيني على الرجل، بل شاركته في ذلك المرأة، فلم يعد يخلو أي موقع مقاوم يواجه المحتل الصهيوني الا وسجلت المرأة الفلسطينية حضورها اللافت فيه، وبهرت العالم بقيامها بالعمليات الاستشهادية وسجلت اسمها ضمن قوائم الشهداء بأحرف ذهبية كما شاركت في العمل الاجتماعي التطوعي والطبي، ولا يختلف دورها في الحركة الاسيرة كما في باقي المجالات، فمنذ العام 1967 دخل السجن ما يزيد عن خمسة آلاف امرأة وفتاة فلسطينية وكثيراً ما كان من بين المعتقلات أمهات قضين فترات طويلة في المعتقل ومنهن من أنجبن اطفالهن بالقيود والاصفاد ليتربى الطفل لمدة عامين داخل السجن كأميمة الأغا وسميحه حمدان وماجده السلايمه وسمر صبيح وخوله الزيتاوي ومنال غانم وميرفت طه وكثيراً ما كنت الاسيرة داخل المعتقل وزوجها ايضاً داخل المعتقل، وكانت الأسيرة الفلسطينية فاطمة البرناوي أول أسيرة تدخل السجن اعتقلت أواخر عام 1967 وكان سجن الرملة هو المعتقل الذي تم به احتجاز الأسيرات حتى عام1986، وكان عامي 68 و 69 من أقسى سنوات النضال النسائي كبداية للتجربة الاعتقالية وبدء النضال، وخاضت الاسيرات العديد من الاضرابات تصدياً لسياسة القمع والتنكيل والبطش التي مارسها المحتل الصهيوني وكان أشهر الاضرابات اضراب العام 1970 الذي امتد لمدة تسعة اشهر متواصلة مارس خلالها المحتل كل ارهابه وبطشه وتعذيبه واساليبه القذرة من تقليص الزيارات ومنع فترات الراحة لكسر ارادة الاسيرات اللواتي استطعن فرض مطالبهن، كما شاركن بالاضراب المفتوح عن الطعام عام 1984 الذي استمر 18 يوماً واضراب عام 1992 الذي استمر 15 يوماً واضراب عام 1996 الذي استمر 18 يوماً واضراب العام 1998 الذي استمر 10 أيام.
تعيش الاسيرات في سجون الاحتلال ظروف قاسية حيث تنتهك كافة حقوقهن الإنسانية والمعيشية، وتفرض عليهن احكام وعقوبات قاسية ويُمارس عليهن المحتل كل اساليب التعذيب والضرب الوحشي في محاولة لكسر ارادتهن واجبارهن على الاستسلام والرضوخ ويستخدم كل وسائلة واساليبه الرخيصة لإنتزاع مجرد اعتراف فيلقى الاسيرة في زنزانة بلا نوافذ، مظلمة حارة جداً صيفاً وباردة جداً شتاءاً ويستخدم المحقق الصهيوني اسلوب الشبح لساعات طويلة ( تقييد يدي الاسيرة للخلف وتركها واقفه دون حراك ويوضع كيس له رائحة نتنه على رأسها يغطي وجهها يجعلها تعاني من صعوبة بالتنفس) والمنع من النوم والطعام لفترات طويلة مما يترك أمراضاً مزمنة كالقرحه والروماتيزم والضغط اضافة لجريمة العزل الانفرادي التي تدخلها الاسيرة لفترات طويلة حيث الظلمة والمكان الضيق الذي لا يصلح اطلاقاً لحياة البشر.
تشكل اوضاع المرأة الفلسطينية داخل الأسر وصمة عار في جبين الانسانية بلا استثناء، لأنها تناضل وتضحي وتعاني نيابة عن الامة دفاعاً عن أرضها ومقدساتها بلا نصير أو معين وتئن في زنازين التعذيب دون ان يسمع صوتها أحد، فلا معتصم بهذه الأمة ليجيبها ملبياً على رأس جيش يخوض البحر ويقطع الصحارى ليخلصها من المحتل المجرم الذي لا يعرف الانسانية، وأمة تعدادها يزيد عن المليار تنعم برغد العيش وأعراضها داخل السجون ورجال يلوذون بأحضان الغواني والراقصات لئلا يسمعوا صوت امرأة خلف القضبان يهز جبروت السجان ويحرك الجبال ولا يحرك فيهم مروءة ابو جهل ولا نخوة ابو لهب.
لتسمع الامة الغائبة عن الوعي اللاهية صرخة المناضلة احلام التميمي احدى حارسات الحلم الفلسطيني بوجه جلادها حينما اصدر عليها حكماً بالسجن (16 مؤبد) اي حوالي 1548 عام لمشاركتها في عملية سقط فيها من القطيع 16 صهيوني لتعرف مدى صمود وصبر حارسات الحلم الفلسطيني، قائلة: ” إن 16 قتيلاً هو عدد قليل نسبيًّا مقارنة بالعدد الكبير ممن قتلتموهم.. وسأشاهدكم وأنتم في جهنم، إن شاء الله، إن الابتسامة المرسومة على وجهي لن تزول وسأبقى كذلك حتى أحقق حلم شعبي الفلسطيني في التخلص منكم على هذه الأرض إن شاء الله، وسأبقى في السجن لأحرق قلوبكم، وعندما أموت سأذهب إلى الجنة، أما أنتم فستذهبون إلى النار، وسأراكم وأنتم تحرقون فيها”