بقلم : عماد رجب
إن ما حدث في ايران علي مدرا الثلاثة اسابيع الاخيرة لهو امر عظيم يجب ان يستلهم منه الساسة العرب والمعارضون الكثير من الدروس والعبر , بغض النظر عن قدرة المعارضين علي الثبات من عدمه , فما فعلوه كفيل بدراسة حالتهم , وان نتعلم منها نحن المشتغلون في المجال السياسي العربي , وان نعي جيدا , أن ارادة التغيير شىء والقدرة علي التغيير شىء اخر , وليس صحيحا ما يقوله الساسة في بلادنا ان الارداة كفيلة بتكوين القدرة والتي سمكعتها مرارا وتكرارا من ساسة تسبقهم شهرتهم في اى مكان راحوه.
اولي هذه الدروس أن العمامة بالرغم من رونقها ومصداقيتها وقربها من قلوب العامة والخاصة في ايران . الا انها لم تعد تصلح للقيادة , وليس معني انك تنتهج سياسة دينية أنك تصلح لان يختارك الناخب , ويحارب من أجلك , فالوازع الديني شىء والقدرة علي القيادة شىء اخر.
ونحن نسمع كثيرا عن جماعة الاخوان المسلمين المصرية المعارضة , التي استطاعت ان تحصد ثمانون مقعدا في مجلس الشعب الحالي , والتي إن وجدت معارضين لها في دوائرها علي قدر كاف من الحنكة والنزاهه والمعرفة بألاعيب السياسة ودروبها , لما وصلت لهذا العدد الكبير , وترشيح شخصيات لها فكر وتخطيط , قادر علي زعزعة سلطانها , وحدث فعلا في كثير من الدوائر التي كان مرشحوا الاحزاب السياسية الرسمية أقوياء , فكرا وعلما وتخطيطا من مرشحي الاخوان . فلم لا ننتقي مرشحونا؟ , ونبعد عن الواسطة والهدايا والمنح المهداه من رجال الاعمال المنتفعون .
ثانيها أن المعارضة لأي نظام مهما كان يجب ان لا تتحجج بالمراقابت العسكرية أو المنع من اقامة التظاهرات والمسيرات أو تنظيم المؤتمرات , والتي طالما سمعناها في بلداننا العربية من المعرضين العرب المنكفئين علي مكاتبهم ينظرون للمعارضين , يبيحون فكر هذا ويرفضون فكر اخر , دون أن يخرجوا للناس , ويلمسوا مشاكلهم وهمومهم , أو حتي يعبوا عن ارادتهم , فموسوي استطاع ان يحصد هذا العدد الكبير رغم انه لم يخطب خطبة واحدة من فترة طويلة , وليس الرجل الاقوي , فهناك مراجع دينية اخري قادرة علي تركيعة دينيا , لكن في السياسة القدرة شىء والارادة شىء اخر.
ثالثها القدرة التنظيمية التي برع فيها الايرانييون حقا , فمن كان يتصور أن تنقلب ايران رأسا علي عقب بين ليلة وضحاها ؟ , رأينا جميعا حجم الاحتجاجات المليونية , والسخط علي السلطة الدينية , التي ارهقت الشعب الايراني من سرقتها لخمس ثرواته نهارا جهارا بحجج واهية لتنفقها علي جيوش مجيشة , هدفها الاسمي نشر المذهب واضعاف الجيران نذكر طبعا حزب الله السعودي والكويتي والمصري والفلسطيني , و المنتشرة فروعة في كل الدول العربية تعبث في الخفاء , وقوات البسيج المليونية التي لا يحتاجها الشعب الايراني , خاصة وانها بتمويل من جيوب الشعب الايراني الجائع .
رابعها أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين , فكما يتيح لك أن تسمع صوتك للعالم , هي في نفس الوقت قادره علي اخراسك , وفضحك امام العالم , بصفحة مجانية علي احد مواقع الاستضافة الكثيرة علي شبكة الانترنت بدأ العالم يعرف الثورة الايرانية الجديد ضد الظلم والفساد , في الوقت الذى منع فيها الصحفيون من النزول من بيوتهم .
خامسها أن التذرع بالتدخلات السياسية هنا وهناك هو أمر مخجل حقا يكشفة الجميع مع أول خطأ , فالنظام الايراني ادعي اولا أن اهل السنة هم سبب الفتنة في ايران , ثم ما لبس أن اتهم اذاعة البي بي سي , وانتهي بالسب واللعن في اميركا ومخابراتها التي قلبت البلاد رأسا علي عقب, لتثبت أن الشعوب ليست ساذجة , و أن الانظمة وصلت لمرحلة الكذب المستفز فكسفها كذبها أمام العالم , وانتصرت الارادة القادرة.
اخرها أن الانتما ء لفكر معين لا يعني القبول دائما باراء قادته , فلم يكونوا ولن يكونوا ملائكة لا يخطئون , فموسوي ونجاد كلاهما من منبع واحد واصل اصيل لا يحيدان عن اصوله نهائيا , سواء الثورة أو مكانة الأمام , أو المذهب الديني , لكن اختلافهما في الاليات امر يرجح كفة هذا علي ذاك , فنجاد يريد تطويرا عسكريا , وضغطا سياسيا ,وتصديرا للثورة , وموسوي يريد تنمية اقتصادية , مع التنمية العسكرية , ثم تصدير الثورة , فاختار الشعب من ينمي قدراتهم علي من يهدم فقط, مما سبق أسألكم ايها السادة ألم يحن الوقت لفهم اولويات الشعوب , وردود افعالها, قبل ملىء الجيوب والخزائن.
كاتب مصري