أرشيف - غير مصنف
دراسة جديدة لمجلس العلاقات الخارجية الأميركي : التاريخ قد يكشف معلومات عن مليوني قتيل عراقي .. هل تخطط واشنطن لمواجهة احتمالات (حرب واسعة) في الخليج “تشعل” آبار “النفط العالمي”؟!
يبحث (ستيفن بيدل)، في مطالعته الواسعة المقدمة الى الكونغرس عن المستقبل القريب لتطور الأوضاع في العراق عن نتائج انعكاس التطورات العراقية على المصالح الأميركية، ويرى أن العودة الى العنف الشديد سوف تضعف الأهداف الأميركية طويلة الأمد، في اقامة عراق ديمقراطي وموحد سياسياً وسلمياً بشكل نسبي، والذي سيكون مصدراً لعدم الأستقرار في الأقليم، و خطرا على المصالح الأميركية. وفي الأمد القصير، فإن الولايات المتحدة سوف تكون مهتمة أساساً، بتحجيم التهديد بالنسبة لقواتها المتبقية في العراق وفي الوقت نفسه العمل على إحباط احتمالات النزاع الأهلي الذي لا يمكن كبح جماحه. ويؤكد (بيدل) أن الأخفاق في القيام بذلك سيكون مكلفاً بشكل إستثنائي لشعب العراق. والى الآن فقد قتل (100الف ـ 200الف ) مدني عراقي، لكنّ الحالة قد تكون أكثر سوءاً، وسيكشف التاريخ أية معلومات أخرى لم يكشف عنها النقاب الآن. وعلى سبيل المثال قتل في رواندا أكثر من 10 % من السكان في الحرب الأهلية عام 1994 وحرب الأبادة التي رافقتها، وفي ليبيريا، قتل 7 % في الحرب الأهلية بين سنتي 1989 و 2003، وفي البوسنة ، أهلكت الحرب الأهلية 2 % من السكان . والنتائج المقارنة في العراق سوف تؤكد معدلا للقتل هو 600 الف الى اكثر من مليونين. وبالتسليم بدورها في فرض الحرب في العراق، فان الولايات المتحدة سوف تتحمل مسؤولية خاصة عن هذه الكارثة، وبطرق لم تقم بها في رواندا او البوسنة . والقلق الآخر الفوري، سوف يكون منع العنف المنبعث في العراق من الانتشار الى نزاع إقليمي كبير قد يورط الدول المجاورة. ومرة اخرى فأن التأريخ ليس مشجعاً : فمن 142 حربا أهلية اندلعت بين سنتي 1944 و1999 ، شهد 48 منها تدخلاً عسكرياً من قبل قوة عسكرية نظامية من دول مجاورة في مراحل معينة من القتال. في لبنان على سبيل المثال، فان الحرب الأهلية نتج عنها (تدخل سورية واسرائيل)، وفي الكونغو،أوقدت الحرب الأهلية، مؤخرا حريقاً اقليمياً كبيراً بضلوع جيوش ثمانية دول اجنبية، متسببة بقضاء خمسة ملايين واربعمائة الف شخص.
و يرى (بيدل) أن العراق منيع حيال هذا الخطر . والتحليلات الأحصائية التي تتحكم بالمظاهر الأساسية للعراق وجيرانه، وباستعمال السجل التجريبي المتوفر للحرب الأهلية منذ الحرب العالمية الثانية ـ تعرض ربما من 25 الى 40 بالمائة إحتمالية قيام اثنتين او اكثر من الدول المجاورة للعراق بالتدخل في حرب أهلية عراقية يمكن ان تضرم من جديد، والتي يتوقع استمرارها بين خمس وعشر سنوات .. وبالطبع ، فان هذا ليس ضماناً بأن عودة العنف الى العراق سيطوق الأقليم ، ولكن بالتسليم بإحتمالات التبعات ، فأن الخلاف في ذلك يثبط الهمة في جميع الأوجه . وفي الوقت الذي يعتبر فيه تجدد الحرب داخل الحدود العراقية سيئا بما فيه الكفاية ، فان نزاعا اقليميا في قلب الخليج سوف يمثل تهديدا كبيراً الى حد بعيد للمصالح الأميركية . وسوف يصيب بالخطر الأسواق الكبرى لتوزيع النفط في العالم في وقت يواجه النظام الأقتصادي العالمي هشاشة إستثنائية، ومن المحتمل ان يحول دون التوقعات الحالية ( وربما طويلة الأمد ) بالنسبة للسلام الأسرائيلي – الفلسطيني، وايضا وبالأعتماد على الظروف ، فان ذلك النزاع الأقليمي يمكن ان يدفع او يشعل العديد من النزاعات التي تجيش في الأقليم والتي لها علاقة تماس بالعراق ، وبالأخص ، تلك النزاعات بين اسرائيل وحزب الله في لبنان، أو بين تركيا وحزب العمال الكردي ( pkk)، وأيضاً بين اسرائيل وايران . وإحتمالية مثل هذه الأحداث تزعزع دولأ عربية اخرى، وبعضها من حليفات الولايات المتحدة المهمات او من شريكاتها في مختلف المساعي، كما ان مثل هذه النتائج قد لا يمكن الوصول إليها بسهولة. وثمة عوامل أخرى كثيرة، تضفي توتراً هائلاً على علاقات الولايات المتحدة مع حليفاتها الأوروبيات، وروسيا والصين، كما تلقي ظلالها على قدرة الأمم المتحدة لإدارة السلام والأمن الدولي في مرحلة حاسمة من تطورها .
للولايات المتحدة (خياراتها) في تخفيض احتمالات تجدد العنف
و بحسب توقعات (بيدل) ففي بعض حالات الطوارىء، فأن سياسة الولايات المتحدة تستطيع ان تخفض الخطر الى وضع معتدل، لاسيما أن الولايات المتحدة تستطيع ان تستبعد هجوما اسرائيلياً على الأهداف النووية الأيرانية وتجعل احتمالاته اقل بكثير من خلال عدم السماح للطائرات الأسرائيلية بعبور المجالات الجوية العراقية. وبالنسبة لمعظم التهديدات، فان الخيارات الأميركية هي إما اقل قوة ، او اكثر كلفة ، او كلاهما .
والخيار الأقل كلفة بالنسبة للولايات المتحدة ، هو في استخدام الفعالية السياسية غير العسكرية مع حكومة المالكي او اللاعبين العراقيين الأخرين لإثباط عزائمهم في التجاوز ضد المنافسين الداخليين . وتستطيع واشنطن ان ترعى أو تعارض قرارات الأمم المتحدة المرتبطة بمصالح الحكومة العراقية. وعلى سبيل المثالـ، تستطيع التأثير في العلاقات المالية والتجارية الدولية للعراق . وتستطيع واشنطن تعزيز او منع التدريب والمراقبة والمساعدة لوزارات الحكومة العراقية، كما تستطيع توسيع او رفض الأعتراف السياسي او الدعم للمعارضين او الرموز القيادية . ويمكن ان تعرض او تمنع وصول الرموز السياسية العراقية الى البيت الأبيض او الكونغرس او الاجتماعات الدولية . وايا من هذه الخيارات يمكن استعمالها لتوفير العصا والجزرة لتشكيل سلوك المالكي ( او العراقيين الآخرين ) – كما يستنتج (بيدل) – في إلقاء الضوء على المزيد من الاتجاهات المحمودة، أن واشنطن قد تقوم بتوظيف درجة الضلوع الأميركي في الشأن العراقي بالمستوى الذي يحتاجه العراقيون. وكلا هذين الاتجاهين يُنفذ بطريقة (التراجع المنتظم). وحينما قدمت الولايات المتحدة البلايين من الدولارات كمساعدات اقتصادية مباشرة، فان التهديد بالإحجام عن هذه المساعدات .ومن دون تحول ذي معنى للمساعدات في الأطار المتوقع، والذي لم يعد متاحا، أو غير منظور على المائدة كما يقال، فإن الدعم السياسي الأميركي بموجب اتفاقية وضع القوات، يصبح ذا قيمة مثيرة للتساؤل بالنسبة للمسؤولين حيث تنعدم شعبية الولايات المتحدة الى حد كبير. وحتى لو تحول الدعم الأميركي فجأة الى شيء ذا قيمة، فإن غير الواضح بدرجة كبيرة أن قيمة مثل هذه الأشارة الرمزية يمكن ان تقدم وزنا للرهانات المحتملة الموجودة التي يراها العراقيون في النزاعات الداخلية .
وربما يكون الشكل الأكثر حاجة للمساعدات الأميركية غير العسكرية هي التوجيه والمشورة التقنية في توزيع الخدمات العامة ، وهي الحالة التي تحتاجها الحكومة العراقية الآن بشكل كبير، ويشكل نجاحها فائدة جمة لقيادتها. ولكن لهذا السبب ، ولتقييد مثل هذه المساعدة ، فان ذلك سوف يفرض ايضا ثمنا عاليا على الولايات المتحدة من خلال تعريض تحسن الاستقرار للمخاطر. إنّ تقديم الخدمات للمواطنين يعتبر العمل الأكثر قيمة بالنسبة للسياسيين العراقيين، لكنْ من المحتمل ان يكون توزيع الخدمات طائفيا أومتحزبا أو إثنياً، وهي حالة تضر كثيراً، وتؤدي الى تعقيدات أكثر ضرراً على المستويين السياسي والاجتماعي. واذا اصرت الولايات المتحدة على التوزيع العادل وغير الطائفي للخدمات، فان القيمة المدركة للمساعدة الأميركية سينخفض تأثيرها. ومثل هذه الفعالية يجب ان تستعمل حيثما يكون ممكنا ، ولكن تأثيرها المحتمل له قيود مهمة . وبشكل عام أينما يرى العراقيون مادة رهانهم، فان رغبتهم بالتغيير سوف تكون محددة. أما مخاطر تجدد العنف، فإنها تواجه رهانات امنية جدية بالنسبة للعراقيين .
والخيارات الأكثر كلفة ، سوف تكون في استعمال المساعدة العسكرية كوسيلة فعالة : وتستطيع الولايات المتحدة ، على سبيل المثال ان تعزز او تهدد بالتوقف عن التدريب والمشورة والتوجيه واللوجستيات الأستخبارية او تنهي الدعم لقوات الأمن العراقية . وبالطبع ، فان واشنطن تأمل بان يكون الجيش والشرطة العراقيين قوة استقرار في البلد. ولهذا فان تخفيض المساعدة له ثمنه الحقيقي بالنسبة للولأيات المتحدة . والتأثير المنتج لمثل هذه الفاعلية سيكون ضئيلأ حيث تنمو وتنضج قوات الأمن العراقية باعتماد أقل قيمة على واشنطن . والحاجة الحقيقية لنيل قوات الأمن العراقية الدعم الأميركي مازالت اساسية، لكن المالكي على وجه الخصوص يبدو بشكل متزايد مقتنعا بان قوات الأمن العراقية هي الآن الوسيلة التي يستطيع استعمالها بدون المساعدة او الموافقة الأميركية اذا تطلب الأمر .
والوسيلة الأكثر فعالية هي ايضا الأكثر كلفة : إن وجود القوات القتالية الأميركية في العراق . والتمييز الحاسم بين تسوية الحرب الأهلية التي يتم الأصرار عليها ، وبين الانهيار الى حضيض تجدد العنف، مرتبط بوجود صناع السلام الخارجيين . وهؤلاء الخارجيون ، يلعبون دورا حاسما في تقليص التوجه التصاعدي وينصحون بالعدول عن المغامرة وبعدم انتهاك شروط وقف اطلاق النار ( سواء من قبل الحكومة او منافسيها )، وتعمل على اعتدال الخوف المجتمعي الذي يغذي العنف . وبدونهم ، فمن الصعب جدا الحذر من المقاتلين السابقين من التسلح والارتياب المتبادل ، لتجنب الانتقام من الاستفزاز الحتمي والأحداث المحلية ، ومع صناع السلام الخارجيين ، فان الفرص للثأر على المدى القريب تتناقص بشكل سريع في الوقت الذي تكيف الأطراف او الأحزاب توقعاتها بصورة تدريجية، ليكونوا قريبين من بعضهم البعض. وفي العراق اليوم ،بحسب (بيدل) فان الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد التي يستطيع ان يلعب هذا الدور، وفي الحقيقة فان هذا بالضبط ما يفعله معظم الوجود العسكري الأميركي في العراق، حسب زعم (بيدل). وإذا نظر احد في تفاصيل صيغة المهمات الأميركية النموذجية وذات الأولوية في العراق ، فإنه سيجد أنها ترقى الى واجبات الحفظ على السلام والتي تتشابه كثيرا من القوات الدولية في البوسنة وكوسوفو ، وهذا اسهام قوي للأستقرار في العراق، بوجود عدد كاف من القوات الأميركية في الميدان.
ولكن حفظ السلام العسكري الأميركي هو أيضا وسيلة باهظة جدا، وليس فقط الأمتداد النحيل للولأيات المتحدة عسكريا والمطلوب في اماكن اخرى ، ولكن سياسة الأحتفاظ بقوات مقاتلة اساسية في العراق تطرح ورطة صعبة للأميركيين والعراقيين على السواء . والأنسحاب الأميركي ممكن مع الأحتفاظ بوجود قوة للحفاظ السلام بشكل كاف، ولكن الخطوة المثالية للانسحاب سوف تكون أكثر إبطاء حتى من تلك المقررة في سياسة الرئيس اوباما المعلنة ( والتي تنص على استكمال سحب القوات القتالية في شهر تشرين الأول من السنة المقبلة ) ، او بشكل خاص بموجب اتفاقية وضع القوات الأميركية – العراقية ( والتي تنص على سحب القوات الأميركية كلها بنهاية شهر كانون الأول سنة 2011 ).. وفي البلقان ، على سبيل المثال ، انتشرت قوات حفظ السلام مبدئيا للحفاط على تسوية الحرب الأهلية العرقية ، ولكن تم تخفيضها وانسحابها بصورة بطيئة وحصل ذلك بسحب 50 % منها خلال اربع سنوات بعد وقف اطلأق النار في البوسنة وكوسفو ، بدون العودة الى العنف. وبمقارنة مسار منحنى الانسحاب في العراق، فإن الولايات المتحدة سوف تستبقي 50 – 70 الف جندي أميركي في العراق لغاية نهاية سنة 2011 وهو موعد الأجل النهائي للوجود العسكري الأميركي بموجب اتفاقية وضع القوات ( صوفا ) . ولكن وحسب تصور (بيدل) لا صوفا، فإن بيان الرئيس اوباما حول الجدول الزمني للأنسحاب، هو امر ثابت، وكلاهما يخضع لأعادة التفاوض او لأعادة التصميم اذا اتفقت كل الأطراف مشتركة . ولكن ولأن من السهل تغيير الاتفاق، فإن ذلك سوف يفرض اجهادا حقيقيا على الجيش الأميركي .
خيارات الولايات المتحدة لتسكين تبعات تجدد العنف
إذا عاد العنف بموجاته الساحقة إلى العراق، ستكون الأولوية في التحول نحو تسكين النزاع المتجدد داخل الحدود العراقية – وزيادة ثانية في القوات الأميركية لأعادة الأستقرار الذي ضاع ، وهو ليس خيارا معقولاً. إن عودة ستؤشر أن استراتيجية زيادة القوات الأصلية قد فشلت . والدعم السياسي لمسار الاحتمالات المتزايدة، سيكون غير ذي اهمية . وسياسة الانسحاب المبنية على اساس الظروف والتي سوف تغير الأنسحاب في حالة عدم الأستقرار هي ايضا غير واعدة . واذا عاد العنف ، فبكل بساطة يمكن تغيير المزيد من الأنسحابات في المستويات التي اثبتت لحد الأن بانها غير كافية. إن تخفيض القوات في العراق بهذه الشاكلة بطاقة لطريق واحد: بمجرد الرحيل ، فمن غير المحتمل ان تعود تلك الوحدات، واذا اثبت الوجود المنخفض بانه غير كاف ، فان الرد الأفضل هو تسريع الانسحاب في رد على واقعة الأخفاق بدلأ من العكس .
وخيارات الاحتواء تتضمن اقامة مجموعة اتصال لتسهيل الدبلوماسية الأقليمية وتحسين الشفافية ، وعرض المساعدة لتحسين مشاكل اللاجئين في الدول المجاورة ، وتقييد تحويل الأسلحة الى جيران العراق. ومثل هذه المقاييس يمكن ان تساعد في تخفيض احساس الجيران وقدرتهم على التدخل. ومدى كفايتهم لذلك غير واضحة، وبالرغم من ذلك ، فافتراض ان الضغط الذي تسبب بانتشار العديد من الحروب الأهلية الأخرى وبعضها سيكون له نتائج متساوية على الأولويات الأخرى ( الحد من نقل الأسلحة ، على سبيل المثال ، قد يتنازع مع الأستراتيجيات الأقليمية لمجابهة النفوذ الأيراني ) . وبالرغم من ذلك فانهم يبررون الأعتبارات للتبني في حالة تجدد العنف . ويمكن للولايات المتحدة ان تعمل على تخفيض التبعات الأقتصادية ومنع تعطل تجهيزات النفط كنتيجة الحرب المحتمل انتشارها . وتوسيع الأحتياطات الأستراتيجية النفطية ، وآلية النقاشات النشطة ، او تسريع تطوير بدائل مصادر الطاقة، وكلها سيكون لها فائدة في تقييد الأيذاء من الحرب الواسعة في الخليج. وللعمل اكثر من تعديل الضرر في الهامش ، بالرغم من كل شيء ، فان مثل هذه الأليات سوف تحتاج الى التبني الساحق بشكل جيد في مستهل الحرب الواسعة ، والتي يمكن ان تطرح تحديات سياسية كبرى .
وقد طرح البعض احتمالات اخرى ، منها انحساب القوات الأميركية الى الحدود العراقية ( لوقف تدفق اللاجئين الى الخارج وتدفق الأسلحة الى الداخل ) وسحب القوات الأميركية الى كردستان المحمية ، او الأنسحاب الى الجارة الكويت او دول جارة اخرى في الوقت الذي تتركز فيه المهمات على مجابهة اية حواضن امنة للقاعدة والتي يمكن ان تظهر داخل العراق وتنغمس في حرب اهلية . وكل هذه الاحتمالات تواجه مصاعب جدية . فالقوات الأميركية الباقية على الحدود، على سبيل المثال ، سوف تعرّض نفسها لخسائر بدون انهاء القتال . وانسحاب القوات الأميركية من وسط العراق الى كردستان سوف ينظر اليه من قبل تركيا على أنه تمكين للأرهاب الكردي ما لم تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية تنظيف الحواضن التابعة للـ ب ك ك في شمال العراق ، وهي مهمة يمكن ان تكون صعبة ومكلفة وتضع واشنطن في خلأف مع مضيفها الكردي . ومثل هذا التصور سيطرح مضامين معقدة للنزاعات الكردية – العربية المحتملة حول كركوك من خلأل تموضع القوات الأميركية لجانب طرف واحد في حالة تصاعد النزاع ، وربما تستطيع واشنطن كبح الطموحات الكردية بالوقوف مثل هذا الموقف . والصورة الأكثر رعبا من القواعد البعيدة والتي ستواجه تحديات كبرى في العثور على اهداف للهجوم المقابل : وفعالية الولايات المتحدة الكبيرة ضد القاعدة في سنتي 2007 و 2008 ، تهيأت بشكل كبير بسبب الوجود الأميركي على الأرض بين السكان . ولم يكن من المحتمل للقاعدة ان تجد المزيد من الحواضن في وقت الحرب للهجوم على الولايات المتحدة البعيدة باي طريقة – وهي بالتأكيد ستجد ايديها تتعايش بالكامل بحرب وجود مع العدو الشيعي الأكثر قربا في المكان . واية سياسة تمضي بالوجود العسكري الأميركي المعني الى حافة الحرب الأهلية القاسية سوف تذكرنا بالكثير مما حصل في سنة 1991 ، حينما توقفت القوات الأميركية في الكويت في الوقت الذي سحق صدام التمرد الشيعي ، والسياسات من مثل هذا المشهد ستكون صعبة تماما للمساندة حينما يحترق العراق مع وصول الأسلحة وبقاء الجيش الأميركي متفرجا .
واخيرا يصل ستيفن بيدل الى محصلة سريعة لتوقعاته السياسية والأستراتيجية وهو يرى بان تجدد العنف في العراق هو ليس حتميا ، ولكنه خطر جدي. واذا حدث ذلك، فان مصالح حيوية قومية أميركية ستتعرض للتهديد، وليس من الواضح الى حد بعيد فيما اذا كانت الخيارات المتاحة لتسكين التبعات كافية، وبالتأكيد بدون توسيع مصادر معتبرة وباحتمالات كلف عالية . والأستراتيجية الوقائية القوية ستكون مستحبة اذن. والخيار الأكثر فعالية لمنع تدهور الأمن هو تنفيذ الأنسحاب بشكل بطيء للقوات الأميركية من العراق .. وآليات زيادة فعالية القوات الأميركية على القادة العراقيين المهمين – ولاسيما المالكي – يمكن ان تكون مساعدة في قيادة العراق بعيدا عن المواجهة والعنف ، ولكن فعالية الولايات المتحدة هي في اداء الوجود الأميركي. ومع وجود عسكري ذي معنى لتثبيت نظام لا مركزي بقوة، لوقف اطلأق النار، فان الولايات المتحدة قد تتمتع بالفعالية الكافية لحفظ السلام . وبدونها ، فان الوسائل الأخرى يمكن ان تنهار سريعا .
ولأبطاء الجدول الزمني لسحب القوات الأميركية ، فان ذلك سيكون صعبا – وقد يكون مستحيلأ ، اذا عارضه العراقيون . والعراق دولة ذات سيادة تفاوضت مع الولايات المتحدة على اتفاقية وضع القوات ( صوفا ) والتي تلزم الولايات المتحدة بالأنسحاب بنهاية سنة 2011 . واذا اختار العراقيون تنفيذ هذه الشروط ، فان الولايات المتحدة لا خيار لديها سوى التنفيذ، ويجب ان تفعل ذلك. ولكن اية اتفاقية دولية يمكن التفاوض حولها اذا رغبت الأطراف، وقد يكون هناك سببا للشك بان العراقيين قد يكونون مفتوحين للتفاوض من جديد حول هذا الموضوع في وقت يمتد من الآن وحتى نهاية سنة 2011 . وقد كتبت اتفاقية صوفا الحالية تحت ضغط الأنتخابات المحلية التي كانت تلوح في وقتها ، والتي واجه فيها المسؤولون العراقيون هاجساً محليا قويا لأظهار مصداقيتهم كمعارضين للاحتلال الأميركي غير الشعبي . وكانت النتيجة تنافسا بين العراقيين لكي يظهروا بانهم يقودون رهانا صعبا مقارنه بمنافسيهم والأصرار على التقييد الكبير والأنسحاب الأميركي المبكر . ومع حافز السنة الأنتخابية الذي بقي وراءهم ، فان توجهات المسؤولين العراقيين يمكن ان تتغير ، والظروف على الأرض يمكن ايضا ان تغيرها . وفي الحقيقة ، فان الحكومة العراقية نفسها يمكن ان تتغير ، فهناك انتخابات وطنية مجدولة في بداية سنة 2010 في العراق . ومن المستحيل معرفة توجهات العراقيين الى اين ستصب منذ الأن في سنة 2011 . ومرة اخرى اذا اراد العراقيون ان تغادر الولايات المتحدة سريعا فعندها يجب ان تفعل ذلك . ولكن الولايات المتحدة يجب ان تبقى مفتوحة الى توقع اعادة التفاوض حول الأنسحاب البطيء ، وهذا التوقع يبرر البحث الهادىء وراء الستار بشكل جيد لاستباق سنة 2011 أي الموعد النهائي للأنسحاب .
وبالطبع ، فان انسحابا بطيئا سوف يطرح كلفا مهمة على الولايات المتحدة، سواء في الأمور العسكرية او المالية معا ، وسياسيا بالنسبة لأدارة وجهت حملة للأنسحاب السريع من العراق . ولكن الفشل في العراق له ثمن كبير بحد ذاته ، وبالنسبة للأميركيين والعراقيين معا . فان دفع كلفة الأنسحاب البطيء قد يكون اخيرا الأسلوب الرخيص .