كتب خضر عواركة
إذا قرأنا بين سطور ما قالته نورا جنبلاط يوم أمس فهي قصدت بأنه:
” من المعيب حقا أن يتدخل القائمون على قناة المنار بشؤون دولة مجاورة ذات سيادة وعاصمتها بيت الدين أو المختارة لا فرق.”
من المعيب حقا أن يعارض ” المناريون ” رغبة اثني عشر ألف جنبلاطي ومحب للحياة في التضامن مع جلعاد شاليط في اسره .
اليس الإحتفال بغاد المليح في لبنان تكريم له على نشاطه في التضامن مع جلعاد شاليط ؟
لو إغتصب مجرمٌ بيت نورا جنبلاط ولو قتل أحدهم إبنها لا سمح الله فهل تستضيفه لتكرمه إن كان مسرحيا عالميا ؟ هل علينا إكرام الضيف حتى ولو كان ممن يودون بذل الغالي والنفيس لضمان هزيمتنا العسكرية على يد إسرائيل ؟
السيدة الأولى في الجبل لا شأن لها بالسياسة ولا بالسياسيين ولهذا فهي لا تأبه ولا يعنيها أن تستضيف فنان أنهى بنجاح حملة تضامن شخصية وشعبية مع الاسير الإسرائيلي جلعاد شاليط .
أن يشعر أنسباء وأقرباء الف ومئتي شهيد لبناني بالعار حين يعلمون بإستضافة فنان لا يخفي أفكاره المؤيدة لإسرائيل ولا ينكر عمله “ الإنساني “ ضد المشاعر والحقوق الإنسانية للشعبين الفلسطيني واللبناني ، هنا يصبح من حق المهان أن يعلن رفضه للإهانة بشتى الطرق وهذا حق من حقوق التعبير عن الرأي فعلام غضبك يا نورا ؟
هل اصبح ممنوع علينا أن نصرخ من ألم الإهانة ؟
احد وزراء الحكومة قال يوم أمس في الإجتماع السياحي تضامنا مع جلعاد شاليط بأنه يختلف بالأراء السياسية مع شاليط وبالتالي مع غاد المليح !
الولاء لإسرائيل والدفاع عن جنود جيش إسرائيل والتغني بالقدس المحتلة عاصمة لدولة إسرائيل في وقت تهدم إسرائيل مئات المنازل العربية فيها ، هذا ليس إختلاف سياسي بالاراء ، هذا رجل من رجال العدو له نظرة إجرامية للأمور المتعلقة بقضية إنسانية محقة هي قضية المعتدي والمعتدى عليه . الخلاف في السياسة يحصل بين إشتراكي وليبرالي وبين محافظ ومتحرر ، أما خلافنا مع مساندي إسرائيل فهو خلاف على تحديد الحق وكنهه . وهنا نسجل بان مواقف غاد المليح من إسرائيل وهي المنشورة على موقعه لا على مواقع كاشفيه وفاضحيه تشير إلى أنه عدو لا يمكن النقاش معه لأنه مرتكب لجرم التغطية على جرائم العدو ضد الإنسانية . هو عدو يساند عدونا في قتلنا وفي تحطيم بلادنا فهل نأتي بأزلام محطمي بلادنا لكي نحتفل بهم ؟
أن يشعر أنصار المقاومة بالإهانة لإستضافة بوق إعلامي لعدوهم وقاتلهم في بلادهم لهو حق للمواطنين الأحرار ، فكيف إن كان من يستضيفونه هم من يزعمون بأنهم تغيروا وتابوا وأنابوا ؟ هذا أمر يثير الحنق، والسكوت عنه حمق وخيانة لدماء الشهداء ، والإعتراض على هذه التصرفات االجنبلاطية طبيعي ومن الحقوق المصانة في الديمقراطيات الحديثة، فلماذا أنت غاضبة يا نورا ؟
هؤلاء المفجوعين بإستضافة سلاح إسرائيلي يمثله الفنان الفرنسي غاد المليح (اليس الإعلام والفن من الاسلحة الإستراتيجية في الحروب الحديثة؟) هؤلاء لهم الحق يا نورا جنبلاط بأن يعلنوا رفضهم لوجود حالة من التطبيع مع أبواق الإسرائيليين في الفن . ولهؤلاء المعترضين الحق بالإعتراض ومن حقهم الشك بأن امرا كهذا يمكن له أن يكون إختبارا وجسا لردود الأفعال تمهيدا لإستضافة الإسرائيليين أنفسهم في لبنان في المستقبل القريب عملا بمذهب وزير الثقافة المصري فاروق حسني في التعرف على الثقافة الإسرائيلية لغرض المعرفة الثقافية ربما .( ودوما بإسم الحفاظ على الصورة الحضارية للبنان في العالم !)
كان الاولى بنورا جنبلاط أن تعتذر بعد إنكشاف حقيقة المليح خصوصا بعد إنكشاف دوره في التضامن الوقح مع جلعاد شاليط (والوقاحة في قبوله الدعوة إلى تقديم عروضه في لبنان بلد المقاومة بعد قيامه بجهد ضخم لمصلحة جيش إسرائيل ) .
كان الأولى بالوزراء في الحكومة أن يهرعوا إلى مواساتنا في الذكرى الثالثة لهدم بيوتنا ولدمار مدننا التي لم يعمرها لنا أمراء لبنان ،لا أن يعلنوا الثورة والنفير العام ضد قناة المنار لكشفها أمر غاد جلعاد شاليط المليح .
إن كان غضبكم وفزعتكم إلى جانب غاد المليح سببه الحفاظ على السياحة فعليكم أن تبرهنوا للناس بماذا يفيد السياحة إستفزازمليون لبناني وأكثر ، وهم جزء كبير من الشعب اللبناني الذي دفع ضريبة الدم في مواجهة إسرائيل ؟
شعبنا ليس بلا ذاكرة ومن الجيد بأن نصف الشعب اللبناني (وحبة مسك ) لا يقبل بإهانة جراحنا بإسم السياحة وبإسم صورة لبنان في الخارج .
هناك مئات وربما آلاف النجوم الناطقين بالفرنسية والممارسين للفن الكوميدي المسرحي وفيهم عشرات النجوم العالميين وبعضهم من اصول عربية فلماذا أتيتم بغاد شاليط لا بأي نجم غيره ؟
إن كان المقياس هو السياحة فشعبية هذا الصهيوني في السعودية والخليج وسوريا والأردن توازي صفرا وهي البلدان التي يأتينا منها أغلب السائحين ، وبالتالي لا سياح عندنا من دول ناطقة بالفرنسية بالقدر الذي يمكن الاسف عليه .
إن كانت نورا جنبلاط غاضبة وحانقة على كشف المستور المتعلق بولاء غاد شاليط للصهيونية فنحن أيضا حانقون على ما فعلته نورا جنبلاط بنا حين فرضت علينا رأيها بجلعاد المليح .
هل نحن أبناء لهذا البلد أم هي إمارة جنبلاطية ممنوع الإعتراض على قرارتها ؟
هل قصر بيت الدين قصر رئاسي وملك للشعب أم منشأة تجارية يتم التربح منها بواسطة الحفلات التي تنظمها نورا جنبلاط ولمصلحة من تذهب الأموال التي يتم جنيها من هذه النشاطات ؟
منذ سنوات والسيدة الأولى في المختارة تضع يدها بالقوة على قصر بيت الدين وذلك لملء جيوب البعض من المتربحين على حساب الدولة اللبنانية وعلى حساب الشعب اللبناني.
لذا وعملا بالمساواة بين المواطنين ولأن لنورا الحق بإقامة حفلات فنية في قصر معتمد مقرا صيفيا لرئاسة الجمهورية، أتقدم أنا المواطن اللبناني مثلي مثل نورا جنبلاط بطلب إخلاء قصر بعبدا الرئاسي في صيف العام 2010 حتى يتسنى لي إسوة بنورا جنبلاط التربح من إقامة مهرجانات فنية في قصر بعبدا الرئاسي تشجيعا للسياحة في لبنان خلال مواسم الصيف الوطنية.
إن المرء ليحتار ، اليست نورا هي زوجة وليد ومن حزبه السياسي ؟ إذا لماذا أعلنت حربها الكونية على كارهي مساندي جلعاد شاليط من وزارة السياحة في يوم جرى فيه إجتماع أمني بين مسؤولي حزب زوجها وبين مسؤولي الحزب الذي تنطق المنار بإسمه ؟ هل فتحت نورا دكانا سياسيا على حسابها ؟ وهل هي معارضة لحزب الله ولقناته التلفزيونية كما هي فرنسا الديمقراطية ؟
ومن يجب أن نصدق وعلى أي اساس يجب أن يبني جمهور المقاومة علاقته بوليد جنبلاط ؟ على أساس كلام بيك المختارة الجيد عن الإنعزال يوم أمس أم على أساس علاك وزراء لهم الأسبقية في إهانة عذاباتنا وآلامنا التي تسببت بها إسرائيل ؟
حين يشعر المواطنين المتضررين من العدوان الإسرائيلي المتكرر على لبنان (منذ ستين عاما وإلى الآن) بأن نورا جنبلاط قد أخذتها العزة بالإثم فجمعت فلول وزراء في الحكومة لتتهجم على رافضي وجود صهيوني معلن لعدائه في قصر جمهوري لبناني هو رمز للسيادة فلنا الحق حينئذ بالرد على نورا بما تستحق من إدانة على دورها الإستفزازي والتطبيعي بإسم الفن .
نحن شعب عاطفي وأذكانا يمكن لوليد جنبلاط أن يكسب عطفه ببعض الخطب الرنانة التي تظهر توبة ولو غير نصوحة . ولكن ما فعلته زوجته في موضوع جلعاد شاليط سيدعوا كارهي زوجها إلى التمسك بفكرتهم الراسخة عنه وهم لن يعودوا إلى الإنخداع ولو الشكلي والمنافق بما يقوله .
شعبنا قرر :
لن يكون لبنان مرتعا للإنعزاليين وللمطبعين، ولن نسكت على المطبعين حتى ولو قدموا لنا خدمة فرض الصمت على نائب يمثل أطفال صف ” الحضانة ” السياسية في البرلمان خلال المؤتمر الصحافي للتضامن مع جلعاد شاليط في وزارة إيلي اربيل ماروني . التطبيع مع انصار العدو خط شعبي أحمر لا يحتاج الرد القاسي على متجاوزيه إلى قرارات حزبية أو إلى تكليفات شرعية أو غير شرعية.
السلام مع إسرائيل على حساب كرامتنا وعلى حساب الحق الفلسطيني وعلى حساب القبول الفلسطيني بالحل العادل والشامل (في دولة عربية مستقلة ديمقراطية متعددة الديانات على كامل التراب الفلسطيني مع عودة كاملة للاجئين إلى أرضهم ) هو أمر دونه القضاء علينا جميعا نحن شعب حب الحياة دون ذل القبول بأبواق إسرائيل ضيوفا مكرمين على موائد زوجات الزعماء . هذا أمر لا ينفع فيه أمر بالتهدئة ولا تمنيات بالتغاضي والتطنيش.
لبنان يمكن له العيش بمهرجانات سياحية لا تستضيف من يستهينون بمشاعرنا و يمكن له أن يصبح منارة للفن العالمي بلا تواجد لأبواق إسرائيلية في ربوعنا.
Awarki18.blogspot.com