لازال الشعب الفلسطيني بكل فئاته، بكل مدنه وقراه ومخيماته يعاني من الاحتلال، فاليوم الفلسطيني لا يخلو ابداً من انتهاكات واعتداءات واعتقالات تطال الكبير والصغير شاباً كان أم فتاة ولم ينجو من هذه الاعتقالات الطفل الفلسطيني الذي لا يعيش كغيره من اطفال العالم، فهو محروم من الحياة الطبيعية في ظل احتلال بغيض يقتل كل شيء حتى الطفولة، وفوق كل ذلك يستهدف الاحتلال الطفل الفلسطيني بمختلف الاعمار ويعمل للقضاء عليه بالقتل والمطاردة والاعتقال حيث تم منذ انتفاضة الاقصى اعتقال ما يزيد عن سبعة الاف طفل يوجد حالياً (427) طفلاً (اشبال وزهرات) خلف القضبان، ولا ننسى أن هناك اطفالاً وُلدوا في السجون حيث وضعت (4) اسيرات (ميرفت طه، منال غانم، سمر صبيح، فاطمه الزق) مواليدهن في السجون، ثلاث تحررن وبقيت فاطمه الزق مع ابنها يوسف الذي لا زال يشارك أمه ظروف الاعتقال القاسية والحرمان، كما لا ننسى أن هناك اطفالاً رضّع دخلوا الأعتقال الاختياري للالتحاق بأمهاتهن الاسيرات (عطاف عليان وخوله الزيتاوي) ومن المعروف أن الطفل يشارك أمه الاعتقال لسنتين ثم يتم فصله عنها، وتترك فترة الاعتقال اثارها النفسية القاسية على شخصية الطفل وتلازمه حتى بعد خروجه من السجن وتطاردهم تلك التجربة المريرة حتى في احلامهم وتزيد لديهم الشعور بالخوف والعزلة.
من البديهي أن المحتل المجرم لا يرضى إلا بالقضاء على الانسان الفلسطيني والكل عنده مُتّهم يجب اعتقاله وتعذيبه ولا يميّز بين صغير وكبير بل يتعامل معهم بنفس المعاملة، ويتعرض الاطفال الاسرى لمختلف انواع التحقيق والتعذيب، فخلال فترة التحقيق التي تستمر ثمانية أيام يتعرض الاطفال للضرب والتعذيب والتكبيل بالمرابط البلاستيكية ، ويجبرون على الوقوف لساعات في غرف صغيرة ويمنع عنهم الماء والطعام ويعمل الصهيوني جاهداً بشتى وسائله القذرة لإنتزاع اعترافهم على انفسهم أو على غيرهم بتوقيعهم على اوراق مكتوبة بالعبري لا يعرفون محتواها، وإمعاناً بتحطيم روحهم المعنوية يقوم بسجنهم مع الجنائيين الصهانية المتهمين بجرائم القتل والاغتصاب والمخدرات، الذين يهددونهم بالقتل والاغتصاب.
يتعرض الاسرى الاطفال للتعذيب الشديد والحرمان من النوم والرش بالماء البارد والساخن على الرأس وتسليط الاضوية القوية والاصوات العاليه والشبح والتهديد بأحضار امهاتهم او اخواتهم والتهديد بالاعتداء عليهم جنسياً وتصويرهم للابتزاز وفي هذا الصدد تذكر المحاميه شيرين عيساوي الاسلوب القذر الذي مارسه المحتل مع أحد الاطفال الاسرى وإيهامه بأنهم سيفرجون عنه فسمحوا له بالاستحمام وما أن دخل ليستحم حتى أدخلوا عليه فتاة عارية وصوروه ليبتزوه ويجبروه على الاعتراف، ويتعرضون للاهانات والنيل من كرامتهم ويحرمون من حقهم بالزيارة والعلاج والتعليم بل يتعرضون للابتزاز عند طلب المعالجة، كما يتعرضون للعزل الانفرادي وهو سجن آخر داخل السجن ينفصل فيه الاسير عن العالم بشكل كامل بقبو قذر بلا تهوية ولا تدخله الشمس، مليء بالحشرات والروائح الكريهه، ويعاني الاطفال الاسرى من سوء الطعام وانعدام النظافه، والاكتظاظ في غرف ضيّقة خالية من أدنى مقومات الحياة وتتفشى فيهم الامراض خاصة وإنهم لازالوا اطفالاً لا تقوى اجسادهم على تحمل تلك الظروف القاسية، ويعانون من نقص الملابس، ويفرض عليهم المجرم الصهيوني احكاماً قاسية فمنهم من حُكم بالمؤبد و (15) سنه وأقلهم يُحكم (6) أشهر إضافة للاعتقال الاداري الذي يتجدد عدة مرات، وفرض الغرامات المالية الباهظة بعملية ابتزاز وسرقة واضحتين وإنهاك لعائلاتهم.
لابد من التذكير أن قضية الاسرى هي احدى القضايا التبعية للاحتلال ولن تجد ككل القضايا الاخرى حلاً طالما وُجد المحتل الصهيوني على أرض فلسطين فهو يعتقل كل الشعب الفلسطيني ويحول دونه وممارسة حياته الطبيعية، ولا تقتصر المعاناة على الاسرى بل تتعداهم لعائلاتهم التي كثيراً ما تُمنع لسنوات من الزيارة والذريعة دائماً “اسباب أمنية”، والمؤلم أن تصبح قضية الأسرى مجرد مناسبة يُحتفى بها بالخطب والشعارات والتصوير ثم ينتهي الاحتفال لمجرد كلام وتصفيق بلا تنفيذ وتستمر معاناة الاسرى داخل وخارج المعتقلات في غياب مؤسسات “حكومية” تهتم بالاسرى داخل السجون وتتابع قضاياهم وتدعم صمودهم وتقدم الرعاية والتأهيل والمساعدة على اعادة دمجهم بمجتمعاتهم خارج السجون. وأمة غائبة عن الوعي،تتقوقع على نفسها داخل حدود أصبحت سجناً لها، لا تقرأ، لا تسمع، لا تعرف ماضيها ولا ماذا ينتظرها، مجرد أعداد ليس لها أهمية إلا باحصاءات الدول مثلها كغيرها من كائنات الله، وعالم يضجّ بالفساد والاكاذيب، يملأ الدنيا صراخاً وضجيجاً إن أُصيب كلب بخطر، ويصمت كما أهل القبور على انتهاكات المجرم الصهيوني لأنه من أوجده ودعمه وسانده، وكثير من المغفلين لازالوا يلهثون خلف اللص يطالبونه بحق هو سارقه.