حماس واليسار وفشل الحوار

بقلم/محمد أبو علان
بعد فشل كل جولة من جولات الحوار الداخلي بين حركتي فتح وحماس كان الفصيلان يتبادلان الاتهامات حول أسباب هذا الفشل، وبعد فشل جولة الحوار الأخيرة وجدت حركة حماس ضالتها باتهام قوى اليسار الفلسطيني بأنها السبب أو المبرر الذي استغلته حركة فتح لإفشال جولة الحوار في أعقاب ما سمي ببيان الفصائل الثمانية الذي سلمته قوى اليسار الفلسطيني للسفارة المصرية في رام الله.
في الأيام الأخيرة سخرت حماس وسائل إعلامها للترويج لهذه الفكرة، ولم يفتها حتى الإساءة لقادة فصائل اليسار الفلسطيني بالقول أن لا وزن لهم ولا تأثير، وإن مواقفه السياسية تخضع لتأثير المال السياسي، متجاهلين الدور النضالي لهذا اليسار على طوال سنوات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، ووصل الحد برئيس التحرير لصحيفة “فلسطين اليوم” للقول “بعض التنظيمات تكفي مركبة واحدة لنقلهم” تعبيراً عن فقدان الوزن الجماهيري لهذه التنظيمات، وهذا الأسلوب بالكلام لا يليق لا بسياسي ولا بإعلامي ليتحدث به، كما أن الواقع الفلسطيني أثبت أن الأكثرية ليست دائماً على حق، فحركتي فتح وحماس تمثلان الأغلبية في الشارع الفلسطيني ورغم ذلك أوصلته لما هو عليه اليوم من واقع يصعب حتى الكافر إن جاز التعبير.
الحالة التي تعيشها قوى اليسار الفلسطيني أعطت المبرر لحركة “حماس” لمهاجمتها، ولكن ليس لحد تحميلها مسئولية فشل جولة الحوار الأخيرة، ومن يتحمل مسئولية فشل الحوار هي الأطراف المشاركة في الحوار مباشرة، وليس بإمكان الغائب عن الحوار افشالة إن كانت هناك نوايا حقيقية للمصالحة بين الطرفين المتحاورين.
وعلى الرغم من ضعف اليسار الفلسطيني وتشتت مواقفه السياسية إلا أنه يسجل له استخلاصه العبر من نتائج اتفاق المحاصصة في مكة، وسعيه المستمر لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وقيامه بالعديد من المبادرات السياسية والتحركات الشعبية لهذا الغرض وكان آخرها المظاهرة الضخمة التي نظمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في قطاع غزة، ولكن لم تجدي كل محاولاته لتعنت طرفي الصراع الداخلي، والموقف الأهم الذي يجب أن يسجل لليسار الفلسطيني رفضه الانطواء تحت راية أي من طرفي الصراع والاستقطاب على الساحة الفلسطينية كون موقف كهذا كان سيزيد الوضع الداخلي تعقيداً.
موقف حركة حماس تجاه اليسار الفلسطيني ليس بجديد، ويأتي ضمن عقيدة راسخة، وحملة منظمة لتحيده بالكامل عن الساحة الفلسطينية، وما سعي حركة “حماس” لاعتماد نسبة حسم مرتفعة (طالبت بنسبة حسم 8%) في الانتخابات العامة إلا إحدى وسائلها لرفض التعددية السياسية في الشارع الفلسطيني، ورفضها قبولها الطرف الآخر.
والموقف الأغرب من موقف حركة “حماس” هو تجاهل حركة “فتح” لقوى اليسار الفلسطيني شركائها الأساسيين بمنظمة التحرير الفلسطينية، المنظمة التي ترفضها حركة “حماس” بواقعها الحالي كممثل وحيد للشعب الفلسطيني، وهذا الموقف الفتحاوي يكرس ضعف منظمة التحرير الفلسطينية، ويعطي المزيد من المبررات للمنظرين لفقدان منظمة التحرير لقوتها وهيبتها.
وفي ظل مهاجمة حركة “حماس” وتجاهل حركة “فتح” لقوى اليسار الفلسطيني على هذا اليسار أن يستقي العبر جيداً من هذه المواقف وجعلها محرك قوي لتحقيق وحدة يسار فلسطيني حقيقية تجعل منه جبهة يسار فاعلة على الساحة السياسية الفلسطينية للقضاء على ظاهرة الاستقطاب السياسي التي تنخر عظم الشعب الفلسطيني والتي لن تزيده غير تفكك وشرذمة.
moh-abuallan@hotmail.com
Exit mobile version