أرشيف - غير مصنف

الحرب القادمة.. بقلم: سعدون شيحان

تنوية …(كتبت هذا المقال التحليلي بناء على قرائتي لردود اغلب الاخوة في موقع وطن الذي احترمة كثيرا وهو لم ينشر في اي موقع اخر او صحيفة تقديرا لمتابعة القراء الذين ابرقوا لنا مطالبين بتحليل للاوضاع الحالية والمستقبلية القريبة ) …

سر بقاء الولايات المتحدة زعيمة للعالم يتوقف على قدرتها في اثارة الحروب ..هكذا اصبح الواقع السياسي ولنقل انه سر خطة الشرق الاوسط الحالية والمستقبلية وألية السيادة على البؤرة الجيوسياسية الشرق اوسطية المهمة ..مع اقتراب نهاية المهزلة الامريكية المتمثلة بأحتلال العراق يبدو السؤال المنطقي مهما .. أين ستقع الحرب القادمة ؟
بعد ان احتل العراق تحت مشروع مكافحة الارهاب وتدمير اسلحة الدمار الشامل وبعد ستة اعوام واقتراب الاستحقاقات المنصوصة في الاتفاقية الامنية التي توجب رحيل القوات الامريكية من المدن يليها نهاية عام 2011 رحيل كامل القوات المحتلة اضافة لاستحقاقات عراقية تتمثل بأعادة السيادة وما يتوجب توفره من مساحة استقرار داخلي يتزامن مع علاقات خارجية جيدة تتيح بناء علاقات عراقية عربية ودولية تصب في تقدم البلد ,الا ان كل تلك الامور الجوهرية شبه معدومه الان حيث يستقرء المشهد العراقي في بلد دمرت كل مؤسساته وعودة البلد الى عصر ما قبل الصناعة حيث لا ماكنة تدور ولا قرار سياسي يصب في تقدم البلد وتحقيق الامن الحقيقي والانكى من كل ذلك ترسيخ العمائم في حكم البلاد …ومعه لدى الولايات المتحدة ماكنة تسعى لمزيد من الدمار بل بات هناك الية تبحث عن تنفيذ مخططات قادمة والتي تستهدف الاطاحة بكل القوى الموجودة في الشرق وتحت ستار الارهاب والدول المارقة أو ما تبقى منها في السيناريو الامريكي ..وننطلق بتسائل مفيد من هو الضحية القادم ؟
منذ ان ابتدأ مشروع الولايات المتحدة كان هناك عدة قوى وجب التعاطي معها ولكل قوة من تلك منفذ وعذر يتيح استقطاب الاطراف الدولية لتكون داعم لوجستي .. عندما ضربت ابراج نيويورك كان هناك تضارب في فهم السبب والجهة الحقيقية  ولمن ستكون محصلة هذا العمل الاجرامي ومع ان طالبان وبن لادن كانوا هم من تصدر الخطاب الامريكي وتحملوا تبعات ذلك الا اننا شهدنا افغانستان في الخط الثاني من قائمة رد الفعل مع انها استبقت زمنيا في الاستهداف ولكن الولايات المتحدة الامريكية يبدو ان لديها اجندة ريثما انكشفت بعد ان هاجت كالثور في تمزيق العراق واحتلاله وبطبيعة الحال كان هناك سبب وان تخبط ما بين دعم العراق للارهاب والاسلحة المحرمة حيث لم تطل تلك المبررات التي ذهبت ادراج الرياح حتى ان اقرب حلفاء الولايات المتحدة تنصل منها اولهم بريطانيا التي فتحت تحقيق حول اسباب الموافقة على اشتراك الجيش البريطاني في تلك الحرب لم يكن الحلفاء وحدهم من تنصل بل سبقهم وزير الخارجية الامريكي الاسبق (كولن باول) اذ اعتبر ما قاله لممثلي العالم في الامم المتحدة نقطة سوداء في مسيرته المهنية !!
ومع ذلك لسنا في دوامة البحث عن اكاذيب سبق وان تحدثنا عنها وبان غطاء الكذب فيها ..اننا الان في دوامة اخرى اشد وقعا !!
كنا نأمل ان تتعلم الولايات المتحدة من الحروب التي تقودها مع اننا دفعنا ثمنا باهظا لحروبها الغبية ولكننا الان نسير في حرب اخرى وان كانت تسير بوقع سياسي واستهداف مصالح حاليا !! انها الحرب الخفية مع طهران ..
يبدو ان الولايات المتحدة قد استفادت من تجاربها في حربي العراق وافغانستان من زاوية واحدة وهي تقييم موازين الربح والخسارة الاقتصادية فقط ولكنها لم تعر بالا لقيمتها كونها زعيمة العالم وما يترتب من التزامات قانونية واخلاقية اتجاه حلفائها وبطبيعة الحال العرب هم من ارتظوا ان يكونوا الحلفاء الدائمين وبلا ثمن …
تعتبر ايران هي الشغل الشاغل الان للولايات المتحدة واسرائيل مع اننا وانطلاقا من معطيات المصالح التي تجمعهم لا نعتبرها عدوا مطلقا لهم في مفهومنا العربي ..ولكن يبدو ان (احمدي نجاد) الرئيس الايراني يسير نحو الزاوية الخطأ وقد لا يكون غبيا ولكنه يسعى لاستثمار الضوء الاخضر الذي ابرقة من القاهره باراك اوباما ..ومعه غاب عن وعي ( نجاد ) قيمة الاعبين الاخرين في الملعب الاقتصادي والسياسي للشرق الاوسط لقد اعتقد ان الامة العربية انتهت منذ دخول القوات الغازية للعراق والتهامها افغانستان دون ان يدرك ان ذلك ليس نهاية الطموح الامريكي ,,.هو لم يعر اهمية تذكر لوجود دول مثل مصر والعربية السعودية كونهم يمسكون بالعصى والجزرة الان بعد ان تحملوا تلك العصى طويلا  لقد استفاد العرب من التخبط الامريكي في الشرق الاوسط ناهيك عن خروج مبكر ومذل للجيش الامريكي من العراق وهنا الاذلال لانه دون نتيجة مهمة تكرس في داخل الواقع العراقي مع تناحر سياسي للاحزاب العراقية وفوضى عارمة تعج بالساحة العراقية هذا اذ ما اضفنا حاجة الولايات المتحدة لكل دولار وجندي لمواجهة طالبان التي هي الاخرى اوقعت الامريكان بفخ اخر لا مخرج له ..
لقد وجدت امريكا نفسها لا تمتلك الخيار في تصفية مشاكلها بمفردها واصبح ملحا ان ترتكن لاي قوة تحقق الهدف حتى وان تطلب ذلك تنازلات تبدو ممكنة في وقت كانت خطوط حمراء وربما اولها هو اشارة باراك اوباما لامكانية اقامة الدولة الفلسطينية في خطابة الاخير ودعوتة لايقاف الاستيطان والعودة لمفاوضات التسوية والسلام لقد كان عليه ان يستقطب حلفائة العرب ليكونوا عونا في تنفيذ ما تبقى من مشاريع للمنطقة ..ادركت تلك التداعيات اخيرا سياستنا العربية وريثما تصدرت مصر والمملكة العربية السعودية لتلك الفرصة …
الولايات المتحدة بعد ان وجدت ان اغلب مرتكزات مشاريعها التي رسمت بعد الحادي عشر من سبتمبر ذهبت ادراج الرياح وكمخرج لتساؤولات دولية لا بد ان تثار كما حصل في بريطانيا والتحقيق الذي يدور الان لمغزى اشتراكها بالحرب لا بد ان تجد مواطن ومكتسبات تتحقق بالفعل ولم يكن هناك سوى المحاولة للقضاء على المد الايراني وخاصة داخل المجتمع العربي سيما وان العالم يشاهد تصاعد وتيرة الخطابات والاجراءات الحالية بين الطرفين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من جانب وايران من جانب اخر ولما وصل الية الحال من اعتقال الدبلوماسيين البريطانيين والصاق تهمة تحريض الشارع الايراني بعد الانتخابات الهزيلة  كل ذلك يبدو انه انتهاء شهر العسل بين تلك الاطراف ومعه كان هناك مخرج جديد يتمثل بعدو جاهز يتطلب الاجهاز عليه ..ولكن مع ترسانة نووية ايرانية يبدو الامر مضحك ان تدفع جيش منهك ليقدم على تلك الحرب..واصبح التكتيك يصب اتجاه تصفية سياسية قد تنذر بحرب يكون لاعبيها من المتفرجين !!
كل ما وضح من امور كانت شكلية مع ان ما خفي لم يستمر كثيرا ان ضهر ايضا تصريحات باراك اوباما وخطابة الوردي كان يتضمن ايضا التزامات عربية بالمقابل ,,وحاليا بدءات تتفاعل من خلال اللقاءات المصرية السعودية,, لقاء في الرياض وبعد ثلاث ايام لقاء اخر في القاهره كم اذا هناك حاجة ملحة لصفقة مبيته ..في واقعها كانت الشؤون اللبنانية هي الاساس حلحلة اتجاة تنصيب رئيس الوزراء وتفويت الفرصة على تأثيرات( حسن نصرلله ) المدجج برغبات ان تكون طهران هي الوسيط ولكن استبق الزعماء العرب في لعب الدور ولنكن منطقيين كسب الجولة في الحرب المخفية حاليا !! مع طهران .
الشأن الثاني هو اعادة سطوة فتح على معبر غزة لتسهيل فتحة وانهاء دور حماس في الامساك بالجزء المهم على الواقع الفلسطيني وتعويم يسارية خالد مشعل لابو مازن في ابرز القضايا الداخلية ..ولحقيقة الامور لا الامريكان ولا حتى العرب ولا حتى فتح يجدون ان هناك قيمة كبيرة لتلك المناورة مع انها تلعب دورا كبيرا لاخوتنا الفلسطينيين في تسهيل دخول المسافرين والبضائع ..لكنها حركة اخرى لتطويق المد الايراني الموجود في الواقع العربي وهي نقطة لاستدراج حماس لتكون عربية اكثر من امتدادها الايراني الان ..وربما هي صفحة جديدة يريدها العرب مع الاخوة في حركة حماس ..ونتمنى ان تكون.
الطريق الاهم على مسار مصالح الامريكان يتمثل في حلحلة العوائق التي تعترض اقامة علاقات سورية امريكية وتكون مقدمة للشروع في مسار السلام العربي الاسرائيلي ,,ولا بد هنا من اشراك سوريا كونها تمتلك احد نقاط الخلاف العربي الاسرائيلي المتمثل باحتلال مرتفعات الجولان السورية ,,ومن الطبيعي ان من يقف عائق لذلك هو تدخل ايران واجندتها في سوريا ,,كل المؤشرات تدل على انها اصبحت قريبة جدا من حسمها لصالح القوة العربية واضافتها الى اسلحة المناورة العربية الرامية لاضعاف طهران وانهاء تغلغلها في الشأن العربي …
اننا لا نخفي رغبتنا الاكيدة في منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل ,,ونشاطر محبي السلام في عالم خالي من القوى النووية الشريرة شريطة ان تكون العدالة الدولية فوق الجميع لا ان تسلط على رؤسنا وتنحني تحت حذاء الجندي الاسرائيلي ,,ونتمنى ان تكون ايران تحت العين العربية لا خلف الظهر تحمل سكاكينها ,,ولكن مع كل ذلك نجد ان الحرب القادمة قد نشبت فعلا ولا يمكن العودة عنها مطلقا وان كانت بأطار سياسي ولكن ذلك لا يخفي ما تبيته الدولة الفارسية ازاء ما يعترض مصالحها ويهدد حلفائها داخل البيت العربي .
[email protected]

 كاتب سياسي عراقي
 

زر الذهاب إلى الأعلى