صناعة صينية !!

علاءالدين حمدى
 
ـ بحثت كثيرا فلم أجد سببا واحدا مفهوما للصمت الاسلامى والعربى على المستويين الرسمى أوالشعبى ، والذى كان من الطبيعى أن يسفر عن صمت دولى ، تجاه المذابح التى تقوم بها السلطات الصينية نحو المسلمين من عرقالاويغور ” فى اقليم ” شينج يانج ” الصينى كما لو كان الأمر برمته لا يعنينا  !طبعا هذا اذا استثنينا موقف ” الرجال ” فى تركيا التى تنتمى اليها جذور هذا العرق المسلم . 
ـ قد نتفهم الصمت الدولى على أساس أنها فرصة شيطانية للتخلص من بضعة ألاف من المسلمين ، وربما نرقب ، وعن عدم اقتناع ، حالة الصمتالرسمى من النظم أو الحكومات التى دائما ما تبرر تخاذلها وتقاعسها باختلاق المبررات الواهية والحديث عن التوازنات الدولية والسياسية وتنمية العلاقات مع الشعوب ” الصديقة ” ، وأن هؤلاء ” المذبوحين ” ليسوا أصحاب قضية عادلة ولا يحزنون ، وانما هم  مجرد مجموعات مشاغبة تسعى للانفصال عن وطنها الأم ، وربما بايعاز من تظيم ” القاعدة ” أيضا !!! ، وأن تشجيعها ودعمها ماديا أو معنويا أمر خاطىء من شأنه أن يثير مشاعر الكراهية معدولهم ، ويفتح الباب أمام نظرائها من الأعراق داخل الدول الإسلامية لتنحو نفس المنحىالانفصالى ، الى آخر هذا الكلام المهترىء الذى مللنا سماعه لعقود طويلة نعجز عن حصرها ، شهدنافيها كل أنواع القهر والتنكيل والمذابح وهى تُصَب على إخواننا فى الدين والعقيدةشرقا وغربا ، شمالا وجنوبا ! ونحن ننعم فى الصمت ، ونرفل فى النعيم ، ونرعى ونتبهلل فيما وهبنا الله تعالى مننعم وخيرات باستطاعتها قلب العالم واستدراجه راكعا تحت أقدامنا ، لاعقا لأحذيتناأيضا ، لو أردنا !
ـ أما غير المبرر وغير المفهوم جملة وتفصيلا ، فهو موقف الشعوبالإسلامية والعربية !!! التى ثارت أمس من أجل غزة بينما صمتت من قبل عن مذابحالبوسنة والشيشان مثلا ، وتصمت اليوم عن مذابح الصين ! وكأن المسلم العربى يصنفمسلم درجة أولى وغيره ” ترسو ” ! مع أن غيره هذا ربما يكون أفضل عنده تعالى منآلاف المسلمين العرب ، ولا نزكى على الله أحدا  !
ـ لم نسمع احتجاجا شعبيا واحدا أو بيان استنكار ولو ” كده وكده ” من أولئك الذينيدَّعون حصولهم على الوكالة الإسلامية من الله تعالى ! لم نشهد لهم أو لغيرهم مظاهرةاعتراض مهذبة ولو حتى ” بالشموع أو الورود ” ! فقط اكتفوا ، واكتفينا ، بالدعاء والتأمين خلف الإمام فى صلاة الجمعة بأن يهلك الله تعالى أعدائه أعداء الدين من الكفرةوالمشركين ، وأن ينصرنا عليهم النصر المبين ! غير ملتفتين ، عن عمد ، أن أعدائههؤلاء هم أعداؤنا بالضرورة ، وأنه تعالى لا ينصر إلا من ينصره ! وهل هناك نصرة لهسبحانه أكبر من نصرة دينه ومن يدينون به ؟!
ـ ولا أخفيكم أننى مع بداية مذابحمسلمى الصين ، كنت أنوى الدعوة الى حملة مقاطعة شعبية كبيرة تجبر هؤلاء علىالتراجع عن بغيهم خشية فقدانهم أكبر سوق لمنتجاتهم الاستهلاكية الرديئة ، إلا أننى، ومع تتابع الأحداث ، ومع ذلك الصمت الشعبى الرهيب ، وبعد ملاحظة أن المؤمنين على دعاء الإمام ينصرفون بعد الصلاة لتناول حياتهم طبيعية دون خجل مع المنتجات الصينية منمأكل ومشرب وملبس وأدوات تسلية وملابس وسيارات وتحف وأجهزة كهربائية وأدوات زينة ولعب أطفال وأثار فرعونية مقلدة وسجاجيد صلاة وأعشاب ” الجينسنج ” المنشطة ! وأيضا الاستعداد لشراء فانوس رمضانيغنى ” وحوى يا وحوى ” صنع الصين الىالأحباء الصغار ، الى آخر قائمة ” الخيبة القوية الثقيلةالطويلة !
ـ فبعد ملاحظة ما سبق ، وبعد أن تيقنت من أنه ” ما لجرح بميت إيلامكما قال عمنا أبو الطيب ، قررت من فورى أن أمتنع عن دعوتى تلك لمقاطعة المنتجاتالصينية ، خشية اتهامى بتخريب ، لا مؤاخذة ، الاقتصاد الوطنى ، أو بالتحريض على عداء دولة صديقة ، أو دعم متمردين يتبعون تنظيم القاعدة !
ـ لذلك ، فضلت الجلوس فى منزلى كاتما غيظىمن أمتى الإسلامية وحكامها ، مكتفيا ، مع كل الألم والبكاء أحيانا ، بمتابعة المذابح البشعة على شاشة جهاز التلفاز الكبير الفخيم الضخيم الذى اشتريته حديثا .. صناعة صينية !
ضمير مستتر
يقول تعالى { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } الحج40

علاءالدين حمدى
a4hamdy@yahoo.com

 
Exit mobile version