أسئلة وملاحظات حول محضر أبي اللطف

أسئلة وملاحظات حول محضر أبي اللطف

بقلم: زياد ابوشاويش

أثارت تصريحات الأخ فاروق القدومي ولا تزال عاصفة من التوترات في الساحة الفلسطينية والفتحاوية بشكل خاص ووضعت كل الإخوة في الحركة بموقف لا يحسدون عليه وفي توقيت حساس وغير مناسب لفتح هكذا معركة سواء كانت المعلومات التي أدلى بها صحيحة أو غير صحيحة وهي في كل الأحوال لا تكفي لإدانة من اتهمهم السيد القدومي. المشكلة أن أغلب الذين هاجموا أبا اللطف واتهموه في ردودهم المتشنجة بعدم الاتزان وبالاستخفاف بعقول الناس مارسوا ذات الشيء وبطريقة غير محترمة أو متزنة وبشكل يوحي بأنهم  يدافعون عن أرزاقهم ومصالحهم ومخصصاتهم وليس للمحاججة المنطقية والتي تخدم وحدة حركة فتح، بل العكس. طبعاً هناك من رد بطريقة محترمة ومنطقية ولكنهم قلة.

إن الحديث عن تآمر إقليمي وما شابه وأن الرجل حصل على مقابل مالي لتصريحاته من هذه الدولة أو تلك هو كلام أكثر عشوائية من تصريحات أبي اللطف الذي ينتقدوه عليها.

ولنبدأ بالملاحظات بعد أن نؤكد استنتاجنا القائل بأن سبب كشف القدومي عن هذا المحضر الذي لا شك أنه يمتلكه منذ فترة ليست قصيرة هو قرار الرئيس أبي مازن عقد المؤتمر في الداخل الفلسطيني الأمر الذي أكدته تصريحات أبي اللطف الأخيرة في الرد على استفسار حول سبب كشفه الأمر اليوم وليس من قبل إن كان المحضر حقاً من الراحل ياسر عرفات .

إذن هناك قضية فتحاوية داخلية هي وراء كل هذا اللغط، ومواقف المعارضين والمؤيدين ينطلق من مواقع هؤلاء في الحركة والسلطة وما توفره هذه المواقع من امتيازات وإلا كيف نفسر أن أغلبية كبيرة ممن ردوا بعنف على القدومي هم من كتاب السلطة ومن أصحاب المواقع الحركية المرتبط وجودها وكل أكل عيشها بهذه السلطة؟ ألا يفقد هذا الأمر كتابات هؤلاء مصداقيتها؟ وهل يجرؤ أحد من هؤلاء على أخذ موقف وسطي أو حتى لا ينفي تصريحات أبي اللطف ويتحدث عن لجنة فتحاوية للتدقيق في المحضر حول اللقاء المزعوم بين الرئيس ودحلان مع أركان العدو للاتفاق على اغتيال الشهيد أبو عمار؟.

إذن لننتقل للكلام المفيد والذي يتناول كل القضية وليس فقط تصريحات لرجل من قيادة فتح التاريخية يخوض صراع اللحظات الأخيرة من أجل رؤيته لمستقبل فتح والذي يفقد لهذا السبب الكثير من الصدقية في الاتهام الموجه للخصوم المفترضين.

فتح يجب أن تبقى موحدة وتملك حرية قرارها سواء عقد المؤتمر أو لم يعقد وأن تعالج قضية المحضر الذي تحدث عنه القدومي بشكل يحفظ خط الرجعة للجميع بما يحقق هدف الحفاظ على تماسك الحركة وهذا أمر لا يتم بطريقة الردود النارية أو الاستمرار في الصراع بهذه الطريقة العلنية والمفتوحة.

الحقيقة الأولى التي لا مجال لنكرانها أن القائد الفلسطيني ياسر عرفات قد اغتيل بالسم وبطريقة مخططة ومدروسة وأن إسرائيل وأمريكا لهما اليد الطولى في هذا الإطار ولو كان المجال يسمح لشرحت بدقة لماذا هذا الاتهام صحيح، لكن على الأقل أشير إلى رفض إسرائيل خروج الرئيس عرفات للعلاج ورفض أمريكا الضغط على إسرائيل لهذا الغرض برغم طلب أكثر من دولة عربية ذلك من أمريكا ولم تسمح إسرائيل بخروح الراحل عرفات للعلاج إلا بعد أن تأكدت أن الوقت بات متأخراً على إنقاذ الرجل من سمها الذي أوصلته لجسده عبر عملائها.

الحقيقة الثانية أن هناك إهمالاً في متابعة ملف القضية من الجميع بمن فيهم الأخ أبو اللطف وأن اللجنة الطبية برئاسة وزير الصحة الفلسطيني الأسبق الطيبي لم تعط الوقت الكافي ولا المعلومات أو التسهيلات اللازمة لمتابعة الأمر بما في ذلك تقرير الطبيب الشرعي بعد تشريح الجثة الذي لم يتم حتى اليوم بكل أسف.

الحقيقة الثالثة ترتبط بالتشريح ولا نعرف حتى الآن من الذي منع التشريح لمعرفة أسباب الوفاة على وجه الدقة واليقين حيث تذرعت فرنسا بالقول أن أحداً لم يطلب منها ذلك.

الحقيقة الرابعة أن كل الشعب الفلسطيني يريد معرفة حقيقة من قتل زعيمه بغض النظر عمن يتفق مع سياسة الشهيد عرفات أو يرفضها في السابق واللاحق.

الحقيقة الخامسة أن أغلب الشعب الفلسطيني يرى في عملية الاغتيال مؤامرة صهيونية ما كان لها أن تنجح بدون مساعدة داخلية، أي بدون عملاء تعاونوا من أجل وصول السم لجسد الرجل.

الحقيقة السادسة أن مسؤولية البحث عن الحقيقة في هذا الشأن يتحملها السيد الرئيس محمود عباس لكونه رأس الحركة وكذلك رأس السلطة الذي حظي بثقة أغلبية فتح بمن فيهم أبو اللطف نفسه وبالتالي فواجبه وكذلك منطق الأمور يحتم عليه أن يكون الأكثر حرصاً على دم قائده الراحل وعلى كشف حقيقة موته اغتيالاً أو بالحد الأدنى تكليف جهة وطنية بمتابعة الأمر وتوفير كل المستلزمات لها بما في ذلك الطلب من فرنسا تشريح الجثمان ونشر النتيجة.

والآن للاستفسارات المنطقية حول كل اللغط الدائر فيما يخص الصراع الداخلي بحركة فتح وموقع تصريحات أبي اللطف في هذا الشأن والردود الحادة عليه بما فيها اتهامه بتنفيذ أجندة إقليمية ضد حركته أو أن الرجل بلغ من العمر عتياً ولم يعد يزن كلماته.

الاستفسار الأول يقول هل يمكن عقد المؤتمر من الأساس إذا لم يحضر أبناء غزة مندوبي المؤتمر؟ ألا تستطيع حركة حماس منعهم من الحضور عبر المرور للضفة من معبر إيريز أو حتى عبر الفيديو كونفرنس داخل القطاع؟ وحتى تكتمل الصورة ولا يجري ذات ما يتهم به بعض الكتاب قائدهم بأنه يستخف بعقول الناس نسأل هل لوكان هناك مؤامرة إقليمية فهل كان الأمر يحتاج لمحضر أبي اللطف حيث يمكن بدون ذلك منع مندوبي غزة من المشاركة وكفى الله المؤمنين شر القتال، واستطراداً وخارج العنوان فربما تلجأ حماس لهذا الخيار إن لم ينجح الحوار أو طلب منها القدومي ذلك وأيده بعض قادة فتح وكوادرها في هكذا طلب.

الاستفسار الثاني يقول لماذا أغلبية الناس من خارج من ذكرناهم في مطلع مقالنا يصدق تصريحات أبي اللطف رغم اعتراضهم على تأخرها ورغم أن المنطق يقول أن محضر أبي اللطف صعب تصديقه بهذه الصيغة وحيث يفتقد للكثير من الموضوعية والمنطق؟

الاستفسار الثالث يرتبط  بآليات العلاج لقضايا شائكة من هذا الوزن داخل حركة فتح وهل هناك جهة داخلية حيادية ولا ترتبط مصالحها أو مخصصاتها بهذا الطرف أو ذاك لمتابعة القضية المحددة واقتراح الحلول المناسبة التي لا تؤدي إلى شقوق جديدة في فتح أو إلحاق مزيد من الخسائر بها وبتاريخها؟ وهل لكل هذا الصراع علاقة بالبرنامج الكفاحي للحركة الرائدة أم هو كما يقال صراع على المراكز داخل الحركة؟. وهل لا تزال المحكمة الحركية قادرة على هكذا قضايا أم أنه يتوجب إدخال تعديلات على مهماتها وبعض شخوصها؟.

الاستفسار الرابع يتعلق بما ألمح له بسام أبوشريف في هذا الموضوع الخطير وهي تلميحات تؤكد الحقيقة الخامسة ولماذا حتى اليوم لم يتم الضغط بكل الطرق على بسام أبو شريف لقول ما عنده؟. الرجل كان على تواصل مع الراحل الكبير وهو يعرف الحقيقة.

هناك كثير من الملاحظات والاستفسارات الممكن سوقها في هذا المجال ولكن نختصر حرصاً على عدم إثارة أي أجواء غير صحية وترك الأمور لمعالجة هادئة ومتزنة لمشكلة التصريحات التي لا نشك في أنها أحدثت هزة كبيرة في أوساط شعبنا وحيث لم تعد مقتصرة على حركة فتح وربما أستطيع الزعم بأنها أحدثت أمراً مشابهاً في الدول العربية أقله على الصعيد الجماهيري.

Zead51@hotmail.com

 

 

 

 

 

Exit mobile version