تابع العالم منذ نهاية حزيران الماضي ما جرى من احداث دامية ضد أقلية الأيغور المسلمة في تركستان الشرقية أو ما بات يسمى بأقليم شينجيانج – بعد تغيير الاسم ومنع نطقه – والذي يعتبر أكبر الاقاليم وتبلغ مساحته نحو 17% من مساحة الصين نتيجة تمرد حوالي سبعمائة عامل ايغوري في مصنع للألعاب النارية احتجاجاً على معاملتهم السيئة وعدم صرف رواتبهم فما كان من ادارة المصنع إلا أن قمعتهم بالتعاون مع خمسة الاف عامل من قومية الهان المسيطرة في الصين، يُذكر أن هؤلاء العمال تم تهجيرهم الى اقليم كوندوج حيث يوجد المصنع، وحينما وصلت تلك الاخبار للأقليم الاصلي حيث ينتمون خرجت عوائلهم وأهالي الاقليم في مظاهرات سلمية رداً على عدم تلقيهم أية اجابة عن مصير ابنائهم فتصدى لهم رجال الشرطة ومجموعات من الهان بقوة واستخدموا السلاح في صدام دموي نتج عنه حسب الرواية الرسمية سقوط (150) شخص فيما تذكر بعض الروايات ان العدد يزيد عن (400) وأخرى تقول أن العدد يزيد عن (1000). لم يكن ما حدث من قمع وقتل للمسلمين الايغوريين هو الأول فحالة الصدام قائمة منذ احتلال الصين لتركستان الشرقية وسقط منذ ذلك الوقت ما يزيد عن المليون مسلم ضحايا للإلحاد الصيني في مذابح جماعية.
لابد من التذكير أن الاسلام دخل الى الصين في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه وأن عدد المسلمين في الصين يبلغ حوالي الستين مليون نصفهم تقريباً من الايغور يتعلمون دينهم في البيوت والمساجد حيث يستغرق الطالب تعليم الاسلام من ثلاث الى سبع سنوات. ربما يدفعنا ما حدث من مذبحة لمحاولة التعرف على تلك الفئة التي تتعرض للاضطهاد والقمع من الحكم الشيوعي الصيني، وربما تحرك صرخاتهم ضمائر اخوتهم في العقيدة لمحاولة اكتشافهم وتلمس ما يتعرضون له من مآسي وحرمان رغم ما تتمتع به بلادهم من ثروات طبيعية وبترول ومناجم الفحم ومناجم اليورانيوم إلا انهم محرومين من خيرات بلادهم وثرواتها وممنوعين من التجارة وترتفع بينهم البطالة لما يُمارس عليهم من تمييز لصالح قومية الهان وتحرّم عليهم المناصب العليا كما يتعرضون منذ أن تم ضم الاقليم الى الصين في العام 1949 للتهجير الى أقاليم أخرى وإحلال قومية الهان مكانهم ليصبحوا أقلية في الاقليم بعدما كانوا هم الاكثرية حتى وصل الامر بالحكم الصيني الملحد أن يجبر مائة ألف فتاة على السفر دون علم أسرهن على مناطق خارج الاقليم، هذا الشعب المسلم المتمسك بتعاليم دينه ممنوع من الصوم واداء الحج حيث تشترط الحكومة الصينيه لتمنعه من اداء الفريضة أن يدفع مبلغاً مالياً صخماً لا يجدونه لما يعانون من فقر، هذا الشعب الذي لا يكاد يذكر قضيته أحد من المسلمين يمنعه الحكم الملحد من تعلّم الاسلام وتكاد تخلو مساجده من القران ويعتبر تعليم اللغة العربية جريمة تدعو للعقاب وحتى يمنعهم من تعلم لغتهم الخاصة بقوميتهم.
ربما أصبح من الطبيعي ألاّ يُضطهد في هذا العالم الظالم ألا المسلمون ويُمارس ضدهم أينما تواجدوا التمييز ويُرتكب بحقهم أبشع انواع المجازر والمذابح الجماعية، يُذبّحون فقط لأنهم يتمسكون بدينهم وعقيدتهم ويتركون كالايتام على موائد اللئام بلا معين ولا نصير، والغريب بالأمر أن قضية الأيغور وما يواجهونه من اضطهاد وتطهير عرقي هي قضية منسية من قبل اخوتهم في العقيدة ولا يثور لتلك المجازر أحد وتخلو شوارع مدن المسلمين على الأقل من المظاهرات التي تستنكر التنكيل بهم ولا نكاد نسمع صوتاً مما يُسمون زوراً علماء الأمة وهم كالعادة وربما هي تلك وظيفتهم مشغولين دائماً بالتافه من الامور وفتاوى مسيارهم ومسفارهم وإرضاع الكبير والصغير ومؤتمرات التطبيع والدعاء بالرسائل القصيرة ومن على شاشات فضائيات الرقص والردح أن ينصر الله المجاهدين ويخلص الأمة من قاتليها ويحمي مقدساتها وينتقم لقتلاها.
حينما أنظر لأحوال المسلمين أصاب بالاشمئزاز وليس اليأس مما وصلت إليه أمورهم فبعد أن كانوا حكّام الأرض أصبحوا يتوسلون ويستجدون كل أوباش الدنيا ولصوصها لينصفوهم بعدما تخلوا عن عزتهم وكرامتهم، غريب أن يلجأ الحمل للذئب يطلب منه مساعدته وإنقاذه، والامة اليوم تتلاشى حتى لم يعد يُسمع لها صوتاً وكأنها ما كانت يوماً أمة واحدة وجسداً واحداً يهب لنجدة حرّة اطلقت صرخة من أقاصي الارض فتنطلق الجيوش لتثأر لشرفها وتهدم كل الحواجز لتنتصر على الظلام.
سيعلو صراخ المظلومين في جنبات الارض لكن لا معتصم ليسمع ويطلق “لبيك” يزلزل بها العروش ويزيل الاصنام وستبقى الامة تتخبط بانتظار فجر يولد من رحم هذا الظلام ليحررها وينصرها وينتصر بها، عندها فقط ستصمت كل كلاب الارض عن النباح وستُقطع رؤوس كل الافاعي. تلك هي البشرى التي نؤمن بأنها ستتحقق.